الخميس، 16 يونيو 2011

فضل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب


قد يستشعر الإنسان أحيانا أن بالكلاب صفات يتمني أن تكون في بعض الحقيرين والأنذال من البشر وهذا ليس تفضيلا مني للكلب علي الأنذال والحقيرين عياذا بالله ولكن هناك صفات تجدها بالكلب  ولها معاني جيدة بحيث تتمني ان يترك النذل نذالته ويرتفع ليتمسك بتلك الصفات الجيدة للكلب ، وعنوان تلك المقالة ليست لي وإنما عنوان مقتبس من كتاب (فضل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب) ل الإمام العلامة أبي بكر محمد بن خلف .
بالكلب بعض الخصال المحمودة
1-لا يزال جائعًا حتى يطعم ... لا يسرق صاحبه أبدا
2-لا يكون له موضع يعرف به، وذلك من علامة المحبين
3-أنه لا يترك صاحبه وإن جوعه وطرده.... صابر
4-أنه يرضى من الدنيا بأدنى مكان، وذلك من إشارة المتواضعين
5-أنه إذا غلب على مكانه تركه وانصرف إلى غيره، وذلك من علامة المتسامحين
6-أنه إذا ضرب وطرد ودعي أجاب ولم يحقد
7-أنه إذا حضر شيء للأكل قعد ينظر من بعيد، وذلك من أخلاق المساكين
8-إذا رحل من مكانه لا يرحل معه شيء ولا له شيء يلتفت إليه، وذلك من صفات المجردين

على حسب تصوري قد لا تجد صفتان من تلك الصفات مجتمع في نذل من الأنذال وهي مجتمعة بالكلاب لذلك قد تفضل أخلاق الكلاب على كثيرا من الخائنين والحاقدين والحاسدين ، وكلنا نعلم كثيرا في محيطاً سواء العملي أو الاجتماعي كثيرا ممن أخلاقهم أقل من الكلاب

عن شريك قال: كان للأعمش كلب يتبعه في الطريق إذا مشى حتى يرجِع فقيل له في ذلك فقال: رأيت صبياناً يضربونه ففرقت بينهم وبينه فعرف ذلك لي فشكره فإذا رآني يبصبص لي ويتبعني....."
أنشد أبو العباس الأزدي:
لكلب الناس إن فكرت فيهم    أضر عليك من كلب الكلاب
لأن الكلب تخسؤه فيخسا     وكلب الناس يربض للعتاب
وإن الكلب لا يؤذي جليسا    وأنت الدهر من ذا في عذاب
عن الأصمعي قال حضرت بعض الأعراب الوفاة وكلب في جانب خيمة فقال لأكبر ولده أوصيك خيرا به فإن له صنائع لا أزال أحمدها يدل ضيفي علي في غسق الليل إذا النار نام موقدها
بل بعض الأسماء العربية اشتقت من الكلب وذلك لوفائه مثل :أكلب بن ربيعة وكلاب بن ربيعة ومكلب بن ربيعة ابن نزار وكليب بن يربوع ومكالب بن ربيعة بن قذار وكلاب ابن يربوع

ومن المفارقات أن للكلب أنفة وحميه ليست في بعض البشر:
يقول الجاحظ في كتابه الحيوان (كِبْره وشدة تجبره وفرط حميته وأنفته واحتقاره أنه متى نبح على رجل الليل ولم يمنعه حارس، ولم يمكنه الفوت، فدواؤه عند الرجل أنه لا ينجيه منه إلا أن يقعد بين يديه مستخذياً مستسلماً وأنه إذا رآه في تلك الحال دنا فشغر عليه ولم يهجه، كأنه حين ظفر به ورآه تحت قدرته رأى أن يسمه بميسم ذل)
 ثم يقول
 وشغر الكلب أو بوله حين ينتصر أو يطمئن في مكان ما بقية من بقايا غريزة دفاعه عن حماه. وإذا كانت الملوك والأمراء والأغنياء يبنون قصورهم ويحيطونها بأسوار عالية وما يشابهها من أجهزة الحماية والأمن فإن الكلب يحدد معالم حماه الذي يظن أنه يمتلكه بأن يقزع أي يبول ويشغر لأن في ذلك إشعاراً شمياً منه لأبناء جنسه. والإعلام عند الحيوان قد يعتمد على حاسة الشم كما قد يعتمد على إثارات حسية أخرى كالصرير والنفخ والرقص وغيرها. وبعض الحيوان يمضي فيبول في أطراف المكان المسور أو المسيّج كأن هذا البول إعلام بحدود حماه. وهكذا نفسر تصرف الكلاب الغريزي حين لا تلبث أن تبول في المكان الذي تطمئن فيه ويروق لها. ولقد استفاد الإنسان من غريزة دفاع الكلب عن حماه فاعتمده في حراسة البيوت والحقول وأقاطيع المواشي وأمثال ذلك)

ويحكي في كتب الأدب عن عمرو بن شمر قال كان للحارث ابن صعصعة ندمان لا يفارقهم شديد المحبة لهم فبعث أحدهم بزوجته فراسلها وكان للحارث كلب رباه فخرج الحارث في بعض منتزهاته ومعه ندماؤه وتخلف عنه ذلك الرجل فلما بعد الحارث عن منزله جاء نديمه إلى زوجته فأقام عندها يأكل ويشرب فلما سكرا واضطجعا ورأى الكلب أنه قد ثار على بطنها وثب الكلب عليهما فقتلهما فلما رجع الحارث إلى منزله ونظر إليهما عرف القصة ووقف ندماؤه على ذلك وأنشأ يقول:
وما زال يرعى ذمتي ويحوطني    ويحفظ عرسي والخليل يخون
فواعجبا للخل يهتك حرمتي    ويا عجبا للكلب كيف يصون
قال وهجر من كان يعاشره واتخذ كلبه نديما وصاحبت فتحدث به العرب وأنشأ يقول:
فللكلب خير من خليل يخونني     وينكح عرسي بعدوقت رحيلي
سأجعل كلبي ما حييت منادمي     وامنحه ودي وصفو خليلي 

للكلب ستون أو سبعون اسم في اللغة العربية
قد جمعها الإمام السيوطي في رسالة وشعر ولذلك قصة قبل مولد الإمام السيوطي بحوالي 400سنة حيث دخل يوماً أبو العلاء المعريّ على الشريف المرتضى، فعثر برجل فقال الرجل: مَن هذا الكلب؟ فقال أبو العلاء: الكلب من لا يعرف للكلب سبعين اسماً.
فأبو العلاء سب الرجل بأنه لا يعرف تعدد تسميات الكلب فبعد 400سنة على تلك الحادثة جاء الإمام السيوطي الصعيدي المصري وحب ان يبرئ ساحة نفسه من تلك المذمة من أبو العلاء فتتبع تلك الأسماء برسالة تسمي [ التبرّي من معرّة المعري ] ، رحمه الله كان ذا همة عالية واسع العلم والفنون ،وللإفادة نختم بالتبري من معرة المعري ،حيث قال السيوطي :
للّه حمدٌ دائمٌ الوَلِيّ ... ثمّ صلاتُه على النبي

قد نُقِلَ الثقاتُ عَن أبي العُلا ... لما أتى للمُرتَضى ودخلا

قال له شحصٌ بهِ قَد عَثَرا ... من ذلِكَ الكلبُ الذي ما أبصَرا

فقال في جوابه قولاً جلِي ... مُعَبِّراً لذلك المجهّلِ

الكلبُ من لَم يَدرِ من أسمائِهِ ... سبعينَ مومياً إلى علائِهِ

وقد تَتَبّعتُ دَواوينَ اللُغَه ... لَعَلّني أجمعُ من ذا مَبلَغَه

فجئتُ منها عدداً كثيراً ... وأرتجي فيما بقي تيسيرا

وقد نظمتُ ذاك في هذا الرجز ... ليستفيدَها الذي عنها عجز

فسمّهِ هُدِيتَ بالتبرّي ... يا صاحِ من معرّةِ المعرّي

من ذلكَ الباقِعُ ثم الوازِعُ ... والكلبُ والأبقَعُ ثم الزارعُ

والخيطَلُ السخامُ ثم الأسدُ ... والعُربُج العجوزُ ثم الأعقدُ

والأعنقُ الدرباسُ والعَمَلّسُ ... والقُطرُبُ الفُرنيُّ ثم الفَلحَسُ

والثَغِم الطَلقُ مع العواءِ ... بالمدّ والقَصرِ على استواء

وعُدَّ من أسمائِهِ البصيرُ ... وفيهِ لغزٌ قالَه خبيرُ

والعربُ قد سمّوهُ قدماً في النفيرِ ... داعي الضمير ثم هانىء الضمير

وهكذا سموه داعي الكَرَمِ ... مشيدَ الذكرِ متمّمَ النعَمِ

وثمثَمٌ وكالبٌ وهبلَعُ ... ومُنذِرٌ وهجرَع وهَجرَعُ

ثم كُسَيبٌ علَم المذكّرِ ... منه من الهمزةِ واللام عَرِي

والقَلَطِيُّ والسلوقِيُّ نِسبَه ... كذلك الصينيُّ بذاك أشبَه

والمُستَطيرُ هائجُ الكلابِ ... كذا رواهُ صاحبُ العُبابِ

والدرصُ والجروُ مثلّثُ الفا ... لوَلَدِ الكلبِ أسامٍ تُلفى

والسمع فيما قاله الصوليُ ... وهو أبوُ خالدٍ المكنِيُّ

ونقَلوا الرُهدون للكلابِ ... وكلبةٌ يُقالُ لها كَسابِ

مثلُ قطامِ علماً مَبنِيّاً ... وكسبةٌ كذاك نقلاً رُوِيا

وخُذ لها العولَقَ والمُعاوِيَة ... ولَعوة وكُن لذاكَ راوِيه

وولدُ الكلبِ من الذيبَة سمّ ... عُسبورةً وإن تُزِل حالَم تُلَم

وألحَقوا بذلِكَ الخَيهَفعى ... وأن تُمَدَّ فهو جاءَ سمعا

وولدُ الكلبِ من ذيبٍ سُمي ... أو ثعلبٍ فيما رَوَوا بالديسَمِ

ثمَّ كلابُ الماءِ بالهراكِلَه ... تُدعى وقِس فرداً على ما شاكََلَه

كذاكَ كلبُ الماءِ يَدعى القُندُسا ... فيما له ابنُ دحيةٍ قَدِ ائتَسى

وكلبةُ الماءِ هيَ القضاعَه ... جميعُ ذاك أثبتوا سَماعَه

وعدّدوا من جنسهِ ابنَ آوى ... ومَن سُماه دألٌ قد ساوى

ودُئِلٌ ودُؤلٌ والذُألان ... وافتَح وضُمَّ معجَماً للذُألان

كذلك العِلوضًُ ثم النوفَلُ ... واللعوَضُ السرحوب فيما نَقَلوا

والوَعُّ والعلوشُ ثم الوَعوَعُ ... والشغبَر الوأواءُ فيما يُسمَعُ

هذا الذي من كُتُبٍ جمعتهُ ... وما بدا من بعدِ ذا ألحَقتهُ

والحمدُ للّهِ هنا تمامُ ... ثمَّ على نبيّهِ السلامُ

المراجع :1- الحيوان للجاحظ ، 2- التبري من معرة المعري للامام السيوطي ،    3-فضل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب العلامة أبي بكر محمد بن خلف



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق