الأربعاء، 27 ديسمبر 2017

الشاعر جمال الدين يوسف السَلَموني

وفي سنة 913 وقعت واقعة تسببت في أن يتعرض عبد البر ابن الشحنة لمزيد من الطعن والتشنيع، وذلك عندما هجاه جمال الدين يوسف السَلَموني، أشعر شعراء مصر في ذلك الوقت، والذي كان هجَّاء بالغ الهجاء، فتصادف أنه هجا القاضي معين الدين بن شمس وكيل بيت المال هجواً فاحشاً، فشكاه معين الدين إلى السلطان قانصوه الغوري، فقال له: إن وجب عليه شيء في الشرع؛ أدَّبه. فنزل من عند السلطان، ومسك السلموني في الحديد، وأتى به إلى بيت القاضي عبد البر ابن الشحنة، وادعى عليه، فضربه عبد البر وعزره وأشهره على حمار، وهو مكشوف الرأس، وكان السلطان على علاقة ودية بالشاعر الهجاء السلموني، فلما بلغه ما فعله ابن شمس بالسلموني شق عليه ذلك، وأمر بسجنه ولوح بقطع لسانه عقوبة على قوله أن السلطان رسم لي بأني أشهِّر السلموني، ولم يكن السلطان رسم بذلك، واستمر ابن شمس في السجن مدة طويلة حتى أرضى السلطان بمال وفير، فرضي عنه، وألبس خلعة، ثم إن السلموني هجا القاضي عبد البر بقصيدة طويلة أفحش فيها، مطلعها:

فشا الزور في مصر، وفي جنباتها ... لم لا وعبد البر قاضي قضاتها؟!

أينكر في الأحكام زور وباطل ... وأحكامه فيها بمختلفاتها

إذا جاءه الدينار من وجه رشوة ... يرى أنه حل على شبهاتها

ألست ترى الأوقاف كيف تبدلت ... وكانت على تقديرها وثباتها

وقد وثبت فيها قضاياه بالأذى ... وبالبيع مثل الأُسد في وثباتها

فماذا على الإسلام حلَّ من الردى ... بأيام عبد البر مع سنواتها!

فشكاه عبد البر إلى السلطان، فأحضر السلطان الشيخ جمال الدين السلموني ووبخه، فأنكر أنه نظم هذه القصيدة كلها، ولكن أقيمت عليه البينة، وشهد الشهود، فأمر السلطان بقيده وسجنه بالمدرسة الصالحية، ثم أراد القضاة - انتصارا لزميلهم - أن يضربوا هذا الشاعر بالسياط، ويشهروه في القاهرة ثانيا، فعلم جماعة من العوام بذلك، وكان للسلموني محبة بين العامة، فتعرضوا للقضاة وهددوهم بالأذى، وجمعوا الحجارة في أكمامهم، وهموا برجم القاضي عبد البر، وهو في طريقه، فاضطر إلى العفو عن الشاعر دون أن يعزره أو يشهره، ولكنه بقي في السجن 9 شهور حتى أطلقه السلطان بمناسبة شهر رمضان.





--- 

646 - يوسف السلموني: يوسف، الشيخ الفاضل جمال الدين السلموني شاعر مصر وأديبها. كان هجاء بالغ الهجاء، ووقع له واقعة بسبب ذلك في سنة إحدى عشرة وتسعمائة، وهي أنه هجا القاضي معين الدين بن شمس وكيل بيت المال بمصر هجواً فاحشاً منه هذا البيت:
وحرفته فاقت على كل حرفة ... يركب ياقوتاً على فص خاتمه
فلما بلغ معين الدين ذلك شكا السلموني إلى السلطان الغوري، فقال: إن وجب عليه شيء في الشرع أدبه، فنزل من عند السلطان، ومسك السلموني في الحديد، وأتى به إلى بيت القاضي سري الدين عبد البر بن الشحنة، وادعى عليه، فضربه عبد البر وعزره وأشهره على حمار، وهو مكشوف الرأس، وقد ورد أن سيدنا عمر ابن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - أول من عاقب على الهجاء، وقال بعض فضلاء مصر في واقعة السلموني:
وشاعر قد هجا شخصاً فحل به ... من حاكم الشرع توبيخ وتعزير
فأشهروه وجازوه بفعلته ... تباً له شاعر بالهجو مشهور
فلما بلغ السلطان ما فعله ابن شمس بالسلموني شق عليه ذلك، وأمر بقطع لسانه، فإنه قال: رسم السلطان لي بأني أشهر السلموني، ولم يكن السلطان رسم بذلك، واستمر ابن شمس في الترسيم مدة طويلة حتى أرضى السلطان بمال له صورة، فرضي عنه، وألبس خلعة، ثم أن السلموني هجا القاضي عبد البر بقصيدة طويلة أفحش فيها مطلعها:
فشا الزور في مصر، وفي جنباتها ... ولم لا وعبد البر قاضي قضاتها؟!
وذكر الحمصي في تاريخه في شوال سنة عشر وتسعمائة أن الجمال السلموني جاء إلى بيت القاضي شهاب الدين بن الفوفور ليسلم عليه، فمنعه عز الدين القسلتي من الدخول، فغضب وكتب رقعة وجهزها للقاضي، وفيها هذه الأبيات:
ببابكم كلب عقور مسلط ... عديم الحيا والعقل في البعد والقرب
أقمتوه صداً للفقير ملالة ... ولم تذكروا بين الورى نعم الرب
يظن بجهل منه أن مجيئنا ... إليكم لأجل النيل والأكل والشرب
ولم يعلم المفتون أن نفوسنا ... لها شرف يسمو على السبعة الشهب
وليس الغنى بالمال قال نبينا ... ولكن غناء النفس مع عدم الكسب
وما جئتكم والله إلا مهنئاً ... لأني من بعض المحبين والصحب
تذكرت لما أن أتيت وصدني ... مقالة بعض الناس في معرض العتب
ومن يربط الكلب العقور ببابه ... فإن بلاء الناس من رابط الكلب

راجع :  الكواكب السائرة بأعيان المئة العاشرة لـ النجم الغزي

الجمعة، 15 ديسمبر 2017

قال تعالى : فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم
وقوله : ( فتعالى الله الملك الحق ) أي : تقدس أن يخلق شيئا عبثا ، فإنه الملك الحق المنزه عن ذلك ، ( لا إله إلا هو رب العرش الكريم ) ، فذكر العرش; لأنه سقف جميع المخلوقات ، ووصفه بأنه كريم ، أي : حسن المنظر بهي الشكل ، كما قال تعالى : ( فأنبتنا فيها من كل زوج كريم ) [ لقمان : 10 ] . 
قال تعالى((فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ))

يخبر تعالى أنه إذا نفخ في الصور نفخة النشور ، وقام الناس من القبور ، ( فلا أنساب بينهم ) أي : لا تنفع الأنساب يومئذ ، ولا يرثي والد لولده ، ولا يلوي عليه ، قال الله تعالى : ( ولا يسأل حميم حميما . يبصرونهم ) [ المعارج : 10 ، 11 ] أي : لا يسأل القريب قريبه وهو يبصره ، ولو كان عليه من الأوزار ما قد أثقل ظهره ، وهو كان أعز الناس عليه كان في الدنيا ، ما التفت إليه ولا حمل عنه وزن جناح بعوضة ، قال الله تعالى : ( يوم يفر المرء من أخيه . وأمه وأبيه . وصاحبته وبنيه . لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه ) [ عبس : 34 37 ] . 


كنّ نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم له شأن آخر بين يدي الله تعالى فالرسول حبيب الله ونسبه مصان وذريته الصالحة في أمان مما يغتور الناس ويخيفهم 


فقد جاء في الحديث : 

3 - فاطمةُ شُجنةٌ مِنِّي يَقبضُني ما يقبضُها ويَبسطُني ما يَبسطُها وإنَّ الأنسابَ يومَ القيامةِ تنقطعُ غيرَ نسَبي وسَببي وصِهري
الراوي : المسور بن مخرمة | المحدث : الألباني | المصدر : السلسلة الصحيحة
الصفحة أو الرقم: 4/651 | خلاصة حكم المحدث : إسناده جيد

9 - كلُّ سَبَبٍ و نَسَبٍ مُنْقَطِعٌ يومَ القيامةِ ، إلَّا سَبَبي و نَسَبي
الراوي : عبدالله بن عباس و عمر بن الخطاب و المسور بن مخرمة و عبدالله بن عمر | المحدث : الألباني | المصدر : السلسلة الصحيحة
الصفحة أو الرقم: 2036 | خلاصة حكم المحدث : صحيح بمجموع طرقه

-لما تزوج عمر بن الخطاب أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب " قال : أما والله ما بي – أي لا رغبة لي في الزواج- إلا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول" كل سبب ونسب فإنه منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي " رواه الطبراني وغيره وذكر أنه أصدقها أربعين ألفا إعظاما وإكراما ، رضي الله عنه 

-. إن معنى " النسب " في الحديث هو ما كان عن طريق الولادة ، ومعنى " السبب " هو ما كان عن طريق المصاهرة ، وقد جاء في بعض الروايات ( صهري ) بدلاً من ( سببي ) ، ولذا فقد ذكر الحديثَ طائفةٌ من العلماء في فضائل معاوية رضي الله عنه ، فقد روى الخلاّل في كتابه " السنَّة " ( 2 / 432 ) عن عبدالملك بن عبد الحميد الميموني قال : قلت لأحمد بن حنبل أليس قال النبي صلى الله عليه وسلم ( كل صهر ونسب ينقطع إلا صهري ونسبي ) ؟ قال : بلى ، قلت : وهذه لمعاوية ؟ قال : نعم ، له صهر ونسب ، قال : وسمعت ابن حنبل يقول : ما لهم ولمعاوية ، نسأل الله العافية .

2. ليس الحديث في فضل من كان كافراً وله صلة بالنبي صلى الله عليه وسلم ، سواء كانت نسباً أو مصاهرة .
3. معنى الحديث أن نسبه صلى الله عليه وسلم لا ينقطع يوم القيامة ، وهو يعني : أنه يستفيد منه أهله ، ولا شك أن المقصود به هم أهله المؤمنون .
قال ابن كثير – رحمه الله – في ذِكر خصائص نسب النبي صلى الله عليه وسلم - : " ومن الخصائص : أن كل نسب وسبب ينقطع نفعه وبرُّه يوم القيامة إلا نسبه وسببه وصهره صلى الله عليه وسلم ، قال الله تعالى ( فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ ) ... .
- ولا يتعارض هذا المعنى للحديث – عند من يحسنه أو يصححه – مع الأحاديث التي يُخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم أهل بيته بضرورة العمل والطاعة وأنه لا يَملك لهم شيئاً ؛ لأن المراد بذلك أنه لا يملكه من تلقاء نفسه إلا أن يملِّكه الله تعالى إياه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : " الَّذِي يَنْفَع النَّاسَ طاعةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَأَمَّا ما سوَى ذَلك : فإِنَّه لَا يَنفَعُهُم لَا قَرَابَةٌ وَلَا مُجاوَرةٌ وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ ، كَمَا ثَبَتَ عَنْهُ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّهُ قَالَ ( يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ لَا أُغْنِي عَنْك مِنْ اللَّهِ شَيْئًا ، يَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ لَا أُغْنِي عَنْك مِنْ اللَّهِ شَيْئًا ، يَا عَبَّاسُ عَمَّ رَسُولِ اللَّهِ لَا أُغْنِي عَنْك مِنْ اللَّهِ شَيْئًا ) – رواه مسلم - ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( إنَّ آلَ أَبِي فُلَانٍ لَيْسُوا لِي بأولياء إنَّمَا وَلِيِّي اللَّهُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ) ، وَقَالَ ( إنَّ أَوْلِيَائِي الْمُتَّقُونَ حَيْثُ كَانُوا وَمَنْ كَانُوا ) – رواه ابن حبان في " صحيحه " - " . انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 27 / 435 ) . 

المراد – أيضاً - : أن النسب نفسه لا ينفع صاحبه بذاته إلا أن يكون معه عمل وطاعة ، كما في قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( مَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَله لَمْ يُسْرِع بِهِ نَسَبه ) رواه مسلم

عليه : فعند من يرى صحة الحديث يكون معناه عنده أن كل الأنساب تنقطع فائدتها ويتلاشى نفعها مما كان حالها في الدنيا ، فلا ينفع أحدُ أحداً بنسبه إلا ما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم مما سيكرمه به ربُّه ؛ حيث سينفع نسبه وصهره بما يشفع لهم من الخير من بعد أن يأذن الله تعالى ويرضى ، وأما أن يكون ذات النسب بدلاً عن الطاعات والأعمال : فهذا مما لا يكون ، والنصوص الواضحة البيِّنة تبين خطأه .
والذي يترجح ، والله أعلم ، أن الحديث ضعيف في إسناده ، وفي متنه نكارة . وللشيخ عثمان الخميس - وفقه الله - كلام متين حول هذا الحديث في كتابه " الأحاديث الواردة في شأن السبطين الحسن والحسين جمعا وتخريجا ودراسة وحكما " وقد خلص فيه إلى تضعيف الحديث فلينظر .

راجع : https://islamqa.info/ar/169669