الاثنين، 30 مارس 2020

عناد وكفر يهود

المسند 15841 - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، أَخِي بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ سَلَامَةَ بْنِ وَقْشٍ، وَكَانَ، مِنْ أَصْحَابِ بَدْرٍ، قَالَ: كَانَ لَنَا جَارٌ مِنْ يَهُودَ فِي بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، قَالَ: فَخَرَجَ عَلَيْنَا يَوْمًا مِنْ بَيْتِهِ قَبْلَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَسِيرٍ، فَوَقَفَ عَلَى مَجْلِسِ بَنِي (2) عَبْدِ الْأَشْهَلِ، قَالَ سَلَمَةُ: وَأَنَا يَوْمَئِذٍ أَحْدَثُ مَنْ فِيهِ سِنًّا، عَلَيَّ بُرْدَةٌ، مُضْطَجِعًا فِيهَا بِفِنَاءِ أَهْلِي، فَذَكَرَ الْبَعْثَ وَالْقِيَامَةَ وَالْحِسَابَ، وَالْمِيزَانَ، وَالْجَنَّةَ، وَالنَّارَ فَقَالَ: ذَلِكَ لِقَوْمٍ أَهْلِ شِرْكٍ، أَصْحَابِ أَوْثَانٍ، لَا يَرَوْنَ أَنَّ بَعْثًا كَائِنٌ (3) بَعْدَ الْمَوْتِ، فَقَالُوا لَهُ: وَيْحَكَ يَا فُلَانُ تَرَى هَذَا كَائِنًا؟ إِنَّ النَّاسَ يُبْعَثُونَ بَعْدَ مَوْتِهِمْ إِلَى دَارٍ فِيهَا جَنَّةٌ، وَنَارٌ يُجْزَوْنَ فِيهَا بِأَعْمَالِهِمْ، قَالَ: نَعَمْ، وَالَّذِي يُحْلَفُ بِهِ لَوَدَّ (4) أَنَّ لَهُ بِحَظِّهِ مِنْ تِلْكَ النَّارِ أَعْظَمَ تَنُّورٍ فِي الدُّنْيَا (1) ، يُحَمُّونَهُ ثُمَّ يُدْخِلُونَهُ إِيَّاهُ فَيُطْبَقُ بِهِ عَلَيْهِ، وَأَنْ يَنْجُوَ مِنْ تِلْكَ النَّارِ غَدًا، قَالُوا لَهُ: وَيْحَكَ وَمَا آيَةُ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَبِيٌّ يُبْعَثُ مِنْ نَحْوِ هَذِهِ الْبِلَادِ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ نَحْوَ مَكَّةَ، وَالْيَمَنِ، قَالُوا: وَمَتَى تَرَاهُ؟ قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيَّ وَأَنَا مِنْ أَحْدَثِهِمْ سِنًّا، فَقَالَ: إِنْ يَسْتَنْفِدْ هَذَا الْغُلَامُ عُمُرَهُ يُدْرِكْهُ، قَالَ سَلَمَةُ: فَوَاللهِ مَا ذَهَبَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ حَتَّى " بَعَثَ اللهُ تَعَالَى رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ حَيٌّ بَيْنَ أَظْهُرِنَا "، فَآمَنَّا بِهِ وَكَفَرَ بِهِ بَغْيًا وَحَسَدًا، فَقُلْنَا: وَيْلَكَ يَا فُلَانُ أَلَسْتَ بِالَّذِي قُلْتَ: لَنَا فِيهِ مَا قُلْتَ؟ قَالَ: بَلَى. وَلَيْسَ بِهِ (2)

قال الشيخ شعيب :  إسناده حسن، من أجل محمد بن إسحاق، وقد صرح بالتحديث هنا، فانتفت شبهة تدليسه، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 4/68-69، والطبراني في "الكبير" (6327) ، والحاكم 3/417-418، وأبو نعيم في "الدلائل" (34) ، والبيهقي في "الدلائل" 2/78، من طرق عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي!

- حسنه الوادعي في صحيح دلائل النبوة والصحيح المسند 

هانئ بن نيار أبو بردة مرفوعا : لا تَذهَبِ الدُّنيا حتى تكونَ لِلُكَعَ ابنِ لُكَعَ.
المسند 15831 قال شعيب : حديث صحيح
قال السندي: قوله: لِلُكَع: هو كعُمر وزُفَر غير منصرف للعدل والوصف، والمراد: من لا يُعرف بخصلة حميدة هو ولا آباؤه.
وعند الترمذي : لا تقومُ السَّاعةُ حتَّى يَكونَ أسعدَ النَّاسِ بالدُّنيا لُكَعُ ابنُ لُكَعٍ 
صححها الالباني 

وفي هذا الحديثِ يُبيِّن النبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أنَّه في آخِرِ الزَّمانِ وقبلَ قِيامِ القيامةِ يَسودُ مَن ليس بأهلٍ للقِيادةِ والحُكمِ؛ فيَكونُ هو الممكَّنَ في الأرضِ السَّعيدَ فيها، وهذا مِن تبَدُّلِ الأحوالِ وتَغيُّرِها إلى الفسادِ والشَّرِّ؛ فيقولُ: "لا تقومُ السَّاعةُ"، أي: يومَ القيامةِ لن يَأتيَ "حتَّى يكونَ أسعَدَ النَّاسِ بالدُّنيا"، أي: يكونَ أكثرَ النَّاسِ سَعادةً ومالًا، وأطيبَهم عَيشًا، وأرفَعَهم مَنصِبًا، وأنفَذَهم حُكمًا، فهؤلاء الأربعُ جِماعُ الدُّنيا، "لُكَعُ ابنُ لُكعَ"، أي: لَئيمٌ ابنُ لئيمٍ، والمعنى: مَن لا يُعرَفُ له أصلٌ، ولا يُحمَدُ له خُلُقٌ، فهو وصفٌ يُطلَقُ على الحُمقِ والذَّمِّ، وقيل: إذا نُودي به الكبيرُ، فتَعْني الصَّغيرَ في العِلمِ والعقلِ.
وفي الحديثِ: إخبارُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بما سيَحدُثُ بعدُ في آخِرِ الزَّمانِ، وهو مِن دَلائلِ نُبوَّتِه.
وفيه: انقلابُ الأحوالِ في آخِرِ الزَّمانِ.



ولكع قد تعني الصغير 

إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه

جاء في المسند (15785)عن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ، حِينَ أَنْزَلَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي الشِّعْرِ مَا أَنْزَلَ، أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ أَنْزَلَ فِي الشِّعْرِ مَا قَدْ عَلِمْتَ، وَكَيْفَ تَرَى فِيهِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ الْمُؤْمِنَ يُجَاهِدُ بِسَيْفِهِ وَلِسَانِهِ "
قال الشيخ شعيب :  إسناده صحيح على شرط الشيخين ، وهكذا قال الالباني في الصحيحة (1631)

- قال السندي: قوله: "إن المؤمن يجاهد": فبين أن ما يكون من الشعر جهاداً في سبيل الله، فذاك لا منع منه، والمنع من غيره مما ليس له تعلُّقٌ بصلاح الدين ونحوه.

وجاء في المسند بسند صحيح 15786 : أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَكَأَنَّمَا تَنْضَحُونَهُمْ  بِالنَّبْلِ فِيمَا تَقُولُونَ  لَهُمْ مِنَ الشِّعْرِ "
وصححه الالباني في الصحيحة ايضا 1631 


- وعند البخاري وأحمد عنه : إنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكْمَةً.



الحرص على المال والشرف (وهو الجاه والمنصب) أكثر إفساداً للدِّين من إفساد الذئبين للغنم

عن كعب بن مالك أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلَا فِي غَنَمٍ أَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ الْمَرْءِ عَلَى الْمَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ "

المسند (15784) صححه الشيخ شعيب ، صححه الالباني في صحيح الترمذي ، صححه الوادعي في الصحيح المسند 1100، وهو عند ابن حبان 


- قال في تخريج المسند : قوله: "أفسد" بالنصب خبر ما.
قال الطيبي: "المراد من الحديث أن الحرص على المال والشرف (وهو الجاه والمنصب) أكثر إفساداً للدِّين من إفساد الذئبين للغنم، لأن ذلك الأشر والبطر يستفز صاحبه ويأخذ به إلى ما يضره، وذلك مذموم لاستدعائه العلو في الأرض والفساد المذمومين شرعاً.
قلنا: وللحافظ ابن رجب الحنبلي رسالة نفيسة في شرح هذا الحديث، وهي مدرجة في مجموعة "الرسائل المنيرية" 3/1-18.

السبت، 28 مارس 2020

المقام المحمود

عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " يُبْعَثُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأَكُونُ أَنَا وَأُمَّتِي عَلَى تَلٍّ، وَيَكْسُونِي رَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى حُلَّةً خَضْرَاءَ، ثُمَّ يُؤْذَنُ لِي، فَأَقُولُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ أَقُولَ فَذَاكَ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ "

المسند (15783) صححه الشيخ شعيب على شرط مسلم ، وهو عند ابن جرير في التفسير ،  أخرجه ابن أبي عاصم في ((السنة)) (785)، وابن حبان (6479)، والطبراني في ((مسند الشاميين)) (1759) واللفظ له ، صححه الذهبي في السير ، والهيثمي في المجمع وابن حجر في الفتح ، والألباني في تخريج السنة وهو في الصحيحة 2371 

أرواح أهل الإيمان بعد الموت في الجنة الظاهر من ليس عليهم دين

جاء في المسند (15776) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَتْ أُمُّ مُبَشِّرٍ لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَهُوَ شَاكٍ: اقْرَأْ عَلَى ابْنِي السَّلَامَ، تَعْنِي مُبَشِّرًا، فَقَالَ: يَغْفِرُ اللهُ لَكِ يَا أُمَّ مُبَشِّرٍ، أَوَلَمْ تَسْمَعِي مَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّمَا نَسَمَةُ الْمُسْلِمِ طَيْرٌ تَعْلُقُ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ حَتَّى يُرْجِعَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى جَسَدِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " قَالَتْ: صَدَقْتَ، فَأَسْتَغْفِرُ اللهَ.

صححه الشيخ شعيب وقال : هو عند عبد الرزاق في "تفسيره" 1/139-140، ومن طريقه أخرجه عبد ابن حميد في "المنتخب" (376) ، والطبراني في "الكبير" 19/ (119) .وبنحوه أخرجه الطبراني في "الكبير" 19/ (123) من طريق الأوزاعي، عن الزهري، به.
صححه الألباني في الصحيحة 995  

قال السندي: قوله: شاك: مريض.
قوله: اقرأ: أي إذا مت.
قوله: "إنما نسمة المسلم"، بفتحتين: الروح. وظاهر هذا الحديث العموم، وقد جاء الحديث في الشهيد. 
قوله: "طير": ظاهره أن الروح يتشكل ويتمثل بأمر الله طيراً كتمثل المَلَك بشراً، ويحتمل أن المراد أن الروح يدخل في بدن طير كما في روايات.
قوله: "تعلق"، بضم اللام، وقيل: أو فتحتها: تأكل وترعى. 
قوله: "يرجعها الله": أي يردها بالبعث، وظاهره أنه رَدَّ عليها ما قالت بأن السلام يتوقف على الجسد، ولا يكون من الروح المجردة، والإنسان بعد الموت يكون روحاً مجردة. قلنا: والروح يذكر ويؤنث. وقد روعي التأنيث في هذه الرواية والتذكير في الروايات الآتية.

- أم مبشر هي أم بشر بنت البراء بن معرور

- فالأرواح منها ما هو في مراتب عليا ، تسرح في الجنّة مع النّبيّين والصّدّيقين والشّهداء والصّالحين ، ومنها ما يكون على بارق -نهر بباب الجنّة- يخرج رزقهم من الجنّة إليهم بكرة وعشياً ، ومنها ما يكون في قناديل ، ومنها ما يأوي تحت العرش ، ومن الأرواح ما يكون محبوساً في الأرض لا يرفع إلى الملأ الأعلى ، ومنها ما يكون محبوساً في تنور من نار يأتيهم النّار من أسفل فيضجّون ويصيحون ، وهؤلاء هم الزناة والزواني هذا عذابهم في البرزخ ، وكذلك أكلة الربا الذين رآهم النّبيّ - صلّى الله عليه وسلّم - يسبحون في نهر الدم ويلقمون الحجارة ، ويسبحون والحجارة في بطونهم في نهرٍ من دم منتن ، كما كانوا يأكلون الربا في الدنيا .

- صحيح البخاري 349 ومسلم : 
فَلَمَّا فَتَحَ عَلَوْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا، فَإِذَا رَجُلٌ قَاعِدٌ علَى يَمِينِهِ أسْوِدَةٌ، وعلَى يَسَارِهِ أسْوِدَةٌ، إذَا نَظَرَ قِبَلَ يَمِينِهِ ضَحِكَ، وإذَا نَظَرَ قِبَلَ يَسَارِهِ بَكَى، فَقالَ: مَرْحَبًا بالنبيِّ الصَّالِحِ والِابْنِ الصَّالِحِ، قُلتُ لِجِبْرِيلَ: مَن هذا؟ قالَ: هذا آدَمُ، وهذِه الأسْوِدَةُ عن يَمِينِهِ وشِمَالِهِ نَسَمُ بَنِيهِ، فأهْلُ اليَمِينِ منهمْ أهْلُ الجَنَّةِ، والأسْوِدَةُ الَّتي عن شِمَالِهِ أهْلُ النَّارِ، فَإِذَا نَظَرَ عن يَمِينِهِ ضَحِكَ، وإذَا نَظَرَ قِبَلَ شِمَالِهِ بَكَى 

- جاء في المسند 17227 :  عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ الْأَطْوَلِ، قَالَ: مَاتَ أَخِي وَتَرَكَ ثَلَاثَ مِائَةِ دِينَارٍ، وَتَرَكَ وَلَدًا (3) صِغَارًا، فَأَرَدْتُ أَنْ أُنْفِقَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ أَخَاكَ مَحْبُوسٌ بِدَيْنِهِ، فَاذْهَبْ (4) ، فَاقْضِ عَنْهُ ". قَالَ: فَذَهَبْتُ، فَقَضَيْتُ عَنْهُ، ثُمَّ جِئْتُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ قَضَيْتُ عَنْهُ، وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا امْرَأَةً تَدَّعِي (5) دِينَارَيْنِ، وَلَيْسَتْ لَهَا بَيِّنَةٌ. قَالَ: " أَعْطِهَا، فَإِنَّهَا صَادِقَةٌ " 
قال الشيخ شعيب : حديث صحيح ، صححه الشيخ الألباني في الجنائز والمشكاة والطحاوية ص 585 

قال السندي: قوله: محبوس، أي: عن دخول الجنة.
قوله: أعطها: فيه القضاء بباطن الأمر، وكان له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك، إلا أنه غالباً كان يقضي بالظاهر.


- وعند البخاري 7047 : عن  سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ لِأَصْحَابِهِ: «هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ رُؤْيَا» قَالَ: فَيَقُصُّ عَلَيْهِ مَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُصَّ، وَإِنَّهُ قَالَ ذَاتَ غَدَاةٍ: «إِنَّهُ أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ، وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِي، وَإِنَّهُمَا قَالاَ لِي انْطَلِقْ، وَإِنِّي انْطَلَقْتُ مَعَهُمَا، وَإِنَّا أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ، وَإِذَا هُوَ يَهْوِي بِالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ فَيَثْلَغُ رَأْسَهُ، فَيَتَدَهْدَهُ الحَجَرُ هَا هُنَا، فَيَتْبَعُ الحَجَرَ فَيَأْخُذُهُ، فَلاَ يَرْجِعُ إِلَيْهِ حَتَّى يَصِحَّ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ المَرَّةَ الأُولَى» قَالَ: " قُلْتُ لَهُمَا: سُبْحَانَ اللَّهِ مَا هَذَانِ؟ " قَالَ: " قَالاَ لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ " قَالَ: " فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ لِقَفَاهُ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِكَلُّوبٍ مِنْ حَدِيدٍ، وَإِذَا هُوَ يَأْتِي أَحَدَ شِقَّيْ وَجْهِهِ فَيُشَرْشِرُ شِدْقَهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمَنْخِرَهُ إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنَهُ إِلَى قَفَاهُ، - قَالَ: وَرُبَّمَا قَالَ أَبُو رَجَاءٍ: فَيَشُقُّ - " قَالَ: «ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إِلَى الجَانِبِ الآخَرِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِالْجَانِبِ الأَوَّلِ، فَمَا يَفْرُغُ مِنْ ذَلِكَ الجَانِبِ حَتَّى يَصِحَّ ذَلِكَ الجَانِبُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ مِثْلَ مَا فَعَلَ المَرَّةَ الأُولَى» قَالَ: " قُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ مَا هَذَانِ؟ " قَالَ: " قَالاَ لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ - قَالَ: فَأَحْسِبُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ - فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ " قَالَ: «فَاطَّلَعْنَا فِيهِ، فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ، وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ، فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوْا» قَالَ: " قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَؤُلاَءِ؟ " قَالَ: " قَالاَ لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ " قَالَ: «فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ - حَسِبْتُ أَنَّهُ كَانَ [ص:45] يَقُولُ - أَحْمَرَ مِثْلِ الدَّمِ، وَإِذَا فِي النَّهَرِ رَجُلٌ سَابِحٌ يَسْبَحُ، وَإِذَا عَلَى شَطِّ النَّهَرِ رَجُلٌ قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ حِجَارَةً كَثِيرَةً، وَإِذَا ذَلِكَ السَّابِحُ يَسْبَحُ مَا يَسْبَحُ، ثُمَّ يَأْتِي ذَلِكَ الَّذِي قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ الحِجَارَةَ، فَيَفْغَرُ لَهُ فَاهُ فَيُلْقِمُهُ حَجَرًا فَيَنْطَلِقُ يَسْبَحُ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ كُلَّمَا رَجَعَ إِلَيْهِ فَغَرَ لَهُ فَاهُ فَأَلْقَمَهُ حَجَرًا» قَالَ: " قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَذَانِ؟ " قَالَ: " قَالاَ لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ " قَالَ: «فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ كَرِيهِ المَرْآةِ، كَأَكْرَهِ مَا أَنْتَ رَاءٍ رَجُلًا مَرْآةً، وَإِذَا عِنْدَهُ نَارٌ يَحُشُّهَا وَيَسْعَى حَوْلَهَا» قَالَ: " قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَذَا؟ " قَالَ: " قَالاَ لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى رَوْضَةٍ مُعْتَمَّةٍ، فِيهَا مِنْ كُلِّ لَوْنِ الرَّبِيعِ، وَإِذَا بَيْنَ ظَهْرَيِ الرَّوْضَةِ رَجُلٌ طَوِيلٌ، لاَ أَكَادُ أَرَى رَأْسَهُ طُولًا فِي السَّمَاءِ، وَإِذَا حَوْلَ الرَّجُلِ مِنْ أَكْثَرِ وِلْدَانٍ رَأَيْتُهُمْ قَطُّ " قَالَ: " قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَذَا مَا هَؤُلاَءِ؟ " قَالَ: " قَالاَ لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ " قَالَ: «فَانْطَلَقْنَا فَانْتَهَيْنَا إِلَى رَوْضَةٍ عَظِيمَةٍ، لَمْ أَرَ رَوْضَةً قَطُّ أَعْظَمَ مِنْهَا وَلاَ أَحْسَنَ» قَالَ: " قَالاَ لِي: ارْقَ فِيهَا " قَالَ: «فَارْتَقَيْنَا فِيهَا، فَانْتَهَيْنَا إِلَى مَدِينَةٍ مَبْنِيَّةٍ بِلَبِنِ ذَهَبٍ وَلَبِنِ فِضَّةٍ، فَأَتَيْنَا بَابَ المَدِينَةِ فَاسْتَفْتَحْنَا فَفُتِحَ لَنَا فَدَخَلْنَاهَا، فَتَلَقَّانَا فِيهَا رِجَالٌ شَطْرٌ مِنْ خَلْقِهِمْ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ، وَشَطْرٌ كَأَقْبَحِ مَا أَنْتَ رَاءٍ» قَالَ: " قَالاَ لَهُمْ: اذْهَبُوا فَقَعُوا فِي ذَلِكَ النَّهَرِ " قَالَ: «وَإِذَا نَهَرٌ مُعْتَرِضٌ يَجْرِي كَأَنَّ مَاءَهُ المَحْضُ فِي البَيَاضِ، فَذَهَبُوا فَوَقَعُوا فِيهِ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَيْنَا قَدْ ذَهَبَ ذَلِكَ السُّوءُ عَنْهُمْ، فَصَارُوا فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ» قَالَ: " قَالاَ لِي: هَذِهِ جَنَّةُ عَدْنٍ وَهَذَاكَ مَنْزِلُكَ " قَالَ: «فَسَمَا بَصَرِي صُعُدًا فَإِذَا قَصْرٌ مِثْلُ الرَّبَابَةِ البَيْضَاءِ» قَالَ: " قَالاَ لِي: هَذَاكَ مَنْزِلُكَ " قَالَ: " قُلْتُ لَهُمَا: بَارَكَ اللَّهُ فِيكُمَا ذَرَانِي فَأَدْخُلَهُ، قَالاَ: أَمَّا الآنَ فَلاَ، وَأَنْتَ دَاخِلَهُ " قَالَ: " قُلْتُ لَهُمَا: فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ مُنْذُ اللَّيْلَةِ عَجَبًا، فَمَا هَذَا الَّذِي رَأَيْتُ؟ " قَالَ: " قَالاَ لِي: أَمَا إِنَّا سَنُخْبِرُكَ، أَمَّا الرَّجُلُ الأَوَّلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالحَجَرِ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَأْخُذُ القُرْآنَ فَيَرْفُضُهُ وَيَنَامُ عَنِ الصَّلاَةِ المَكْتُوبَةِ، وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ، يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمَنْخِرُهُ إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنُهُ إِلَى قَفَاهُ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ، فَيَكْذِبُ الكَذْبَةَ تَبْلُغُ الآفَاقَ، وَأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ العُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ، فَإِنَّهُمُ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي، وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يَسْبَحُ فِي النَّهَرِ وَيُلْقَمُ الحَجَرَ، فَإِنَّهُ آكِلُ الرِّبَا، وَأَمَّا الرَّجُلُ الكَرِيهُ المَرْآةِ، الَّذِي عِنْدَ النَّارِ يَحُشُّهَا وَيَسْعَى حَوْلَهَا، فَإِنَّهُ مَالِكٌ خَازِنُ جَهَنَّمَ، وَأَمَّا الرَّجُلُ الطَّوِيلُ [ص:46] الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ فَإِنَّهُ إِبْرَاهِيمُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَّا الوِلْدَانُ الَّذِينَ حَوْلَهُ فَكُلُّ مَوْلُودٍ مَاتَ عَلَى الفِطْرَةِ " قَالَ: فَقَالَ بَعْضُ المُسْلِمِينَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَأَوْلاَدُ المُشْرِكِينَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَأَوْلاَدُ المُشْرِكِينَ، وَأَمَّا القَوْمُ الَّذِينَ كَانُوا شَطْرٌ مِنْهُمْ حَسَنًا وَشَطْرٌ قَبِيحًا، فَإِنَّهُمْ قَوْمٌ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا، تَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُمْ»


عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الشُّهَدَاءُ عَلَى بَارِقٍ - نَهْرٍ بِبَابِ الْجَنَّةِ - فِي قُبَّةٍ خَضْرَاءَ، يَخْرُجُ عَلَيْهِمْ رِزْقُهُمْ مِنَ الجَنَّةِ بُكْرَةً وَعَشِيًّا " 
المسند حسنه شعيب وصححه في تخريج الزاد وابن كثير في التفسير جود إسناده حسنه الشيخ الالباني عند ابن حبان
أخرجه أحمد (2390 )، وابن حبان (4658 )، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (123 )
قوله: "على بارق نهر الجنة"، قال السندي: لعل المرادَ به الموضع الذي يبرق منه النهرُ الذي بباب الجنة ويظهر، والله تعالى أعلم

  
-
سَأَلْنَا عَبْدَ اللهِ عن هذِه الآيَةِ: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا في سَبيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: 169] قالَ: أَما إنَّا قدْ سَأَلْنَا عن ذلكَ، فَقالَ: أَرْوَاحُهُمْ في جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ، لَهَا قَنَادِيلُ مُعَلَّقَةٌ بالعَرْشِ، تَسْرَحُ مِنَ الجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَتْ، ثُمَّ تَأْوِي إلى تِلكَ القَنَادِيلِ، فَاطَّلَعَ إليهِم رَبُّهُمُ اطِّلَاعَةً، فَقالَ: هلْ تَشْتَهُونَ شيئًا؟ قالوا: أَيَّ شيءٍ نَشْتَهِي وَنَحْنُ نَسْرَحُ مِنَ الجَنَّةِ حَيْثُ شِئْنَا، فَفَعَلَ ذلكَ بهِمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا رَأَوْا أنَّهُمْ لَنْ يُتْرَكُوا مِن أَنْ يُسْأَلُوا، قالوا: يا رَبِّ، نُرِيدُ أَنْ تَرُدَّ أَرْوَاحَنَا في أَجْسَادِنَا حتَّى نُقْتَلَ في سَبيلِكَ مَرَّةً أُخْرَى، فَلَمَّا رَأَى أَنْ ليسَ لهمْ حَاجَةٌ تُرِكُوا.
مسلم 1887 


- وعند الترمذي وصححه الألباني : 
إنَّ أرواحَ الشُّهداءِ في طَيرٍ خُضرٍ تَعلقُ من ثمرِ الجنَّةِ ، أو شَجرِ الجنَّةِ



المشاكسة بين الزوجين

جاء في المسند (15763) عن  خبيب بن يساف قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يُرِيدُ غَزْوًا، أَنَا وَرَجُلٌ مِنْ قَوْمِي، وَلَمْ نُسْلِمْ فَقُلْنَا: إِنَّا نَسْتَحْيِي  أَنْ يَشْهَدَ قَوْمُنَا مَشْهَدًا لَا نَشْهَدُهُ مَعَهُمْ، قَالَ: " أَوَأَسْلَمْتُمَا؟ " قُلْنَا: لَا، قَالَ: " فَلَا نَسْتَعِينُ بِالْمُشْرِكِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ " قَالَ: فَأَسْلَمْنَا وَشَهِدْنَا مَعَهُ، فَقَتَلْتُ رَجُلًا وَضَرَبَنِي ضَرْبَةً، وَتَزَوَّجْتُ  بِابْنَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ، فَكَانَتْ تَقُولُ: لَا عَدِمْتَ رَجُلًا وَشَّحَكَ هَذَا الْوِشَاحَ، فَأَقُولُ: لَا عَدِمْتِ رَجُلًا عَجَّلَ أَبَاكِ النَّارَ.

قال الشيخ شعيب :  إسناده ضعيف دون قوله: "فلا نستعين بالمشركين على المشركين" فهو صحيح لغيره 
قال الشيخ الالباني في الصحيحة (1101) :  رجاله ثقات غير عبد الرحمن بن خبيب بن يساف ذكره ابن حبان في الثقات
قال الشيخ شعيب : وأخرجه ابن أبي شيبة 12/394، والبخاري في "التاريخ الكبير" 3/209، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2763) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (2577) ، والطبراني في "الكبير" (4194) و (4195) ، والحاكم 2/121، والبيهقي في "السنن" 9/37 من طريق يزيد بن هارون، به، وصححه الحاكم، وسكت عنه الذهبي
ووثق رجاله الهيثمي 

- وجاء عند مسلم (1817) عن عائشة أم المؤمنين 
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بدر، فلما كان بحرة الوبرة أدركه رجل قد كان يذكر منه جرأة ونجدة، ففرح أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأوه، فلما أدركه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: جئت لأتبعك، وأصيب معك، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: تؤمن بالله ورسوله؟ قال: لا، قال: فارجع، فلن أستعين بمشرك. قالت: ثم مضى حتى إذا كنا بالشجرة أدركه الرجل، فقال له كما قال أول مرة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم كما قال أول مرة، قال: فارجع، فلن أستعين بمشرك، قال: ثم رجع فأدركه بالبيداء، فقال له كما قال أول مرة: تؤمن بالله ورسوله؟ قال: نعم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: فانطلق.


أخرج ابن سعد (2 / 48) والطحاوي في " المشكل " (3 / 241) والحاكم(2 / 122) من طريق محمد بن عمرو عن سعد بن المنذر عن أبي حميد الساعدي:" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوم أحد حتى إذا جاوز ثنية الوداع إذاهو بكتيبة خشناء  فقال: من هؤلاء؟ فقالوا: هذا عبد الله بن أبي سلول في ستمائة من مواليه من اليهود من أهل قينقاع وهم رهط عبد الله بن سلام قال:
وقد أسلموا؟ قالوا: لا يا رسول الله قال: قولوا لهم فليرجعوا فإنا لا نستعين بالمشركين على المشركين.

حسنه الشيخ الألباني في الصحيحة (1101)والتخرجيج له ، وحسنه ابن حجر في المطالب العالية 


روى عبد الرزاق في المصنف (11887)عن بن جريج قال حدثني بن أبي مليكة أن عقيل بن أبي طالب تزوج فاطمة بنت عتبة بن ربيعة فقالت تصبر لي وأنفق عليك فكان أذا دخل عليها قالت أين عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة فيسكت عنها حتى إذا دخل عليها يوما وهو برم قالت أين عتبة بن ربيهة وشيبة بن ربيعة قال عن يسارك في النار إذا دخلت فشدت عليها ثيابها فجاءت عثمان فذكرت ذلك له فضحك فأرسل إلى بن عباس ومعاوية فقال بن عباس لأفرقن بينهما وقال معاوية ما كنت لأفرق بين شيخين من بني عبد مناف فأتيا فوجداهما قد أغلقا عليهما أبوابهما وأصلحا أمرهما فرجعا
 رواه ابن جرير في التفسير(9427) مختصرا من طريق روح بن عبادة عن ابن جريج ، والبيهقي في الكبرى (14786) صححه الحافظ في الاصابة ، ووثق رجاله شعيب في تخريج زاد الميعاد

- وجاء في المسند بسند صحيح 
جاءَتْ فاطِمةُ بنتُ عُتبةَ بنِ رَبيعةَ تُبايِعُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأخَذَ عليها: {أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ} [الممتحنة: 12] الآيةَ، قالت: فوضَعَتْ يَدَها على رَأْسِها حَياءً، فأعجَبَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما رأى منها، فقالت عائِشةُ: أقِرِّي أيَّتُها المَرأةُ؛ فواللهِ ما بايَعْنا إلَّا على هذا، قالت: فنَعَمْ إذَنْ، فبايَعَها بالآيةِ.

من ضار أضر الله به ومن شاق شق الله عليه

جاء في المسند (15755) وعند أبي داود (3635)، وابن ماجه (2342)،واللفظ لهم، والترمذي (1940) باختلاف يسير
عن  أبي صرمة مالك بن قيس المازني عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " مَنْ ضَارَّ أَضَرَّ اللهُ بِهِ، وَمَنْ شَاقَّ شَقَّ اللهُ عَلَيْهِ "
صححه لغيره الشيخ شعيب ،حسنه الشيخ الألباني 

 "مَن ضارَّ"، أي: أضرَّ غَيرَه بقصدٍ وتَسبُّبٍ لَه بما يَسوءُه دونَ وَجهِ حقٍّ، 

"أضرَّ اللهُ بهِ"، أي: جعَلَ اللهُ عزَّ وجلَّ جزاءَه مِن جِنسِ عملِه فيضرُّ بهِ بمثلِ ما أضرَّ بِغَيرِه، 
"ومن شاقَّ"، أي: مَن قصدَ إلحاقَ المشقَّةِ بغَيرِه وجعَلَ عليهِ مِن التَّعبِ والجهدِ دُونَ وَجهِ حقٍّ
 "شاقَّ اللهُ علَيهِ"، أي: جعَلَ اللهُ علَيهِ من المشقَّةِ والتعَبِ بمِثلِ ما فعلَ بِغَيرِه، ويَحتَمِلُ أن يكونَ وَعِيدُ اللهِ في الدُّنيا والآخرةِ؛ لأنَّه الوعيدَ لم يُقيَّد في الحديثِ.

الخميس، 26 مارس 2020

إن مطعم ابن آدم قد ضرب للدنيا مثلا

-عن الضحاك بن سفيان الكلابي أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ : يا ضحاك ما طعامك ؟ . قال : يا رسول الله اللحم واللبن . قال : ثم يصير إلى ماذا ؟ . قال : إلى ما قد علمت . قال : فإن الله تعالى ضرب ما يخرج من ابن آدم مثلا للدنيا 
المسند (15747)صححه لغيره الشيخ شعيب ، حسنه ابن كثير في جامع المسانيد ، ضعفه الألباني في السلسة الصحيحة (382) وان كان مقتضى كلامه قد يكون صححه لغيره ايضا ولانه صححه لغيره في صحيح الترغيب (3242)

وله شاهد من حديث سلمان، أخرجه يحيى بن صاعد في زوائد "الزهد" (492) ، والطبراني في "الكبير" (6119) من طرق عن محمد بن يوسف الفريابي، حدثنا سفيان- وهو الثوري-، عن عاصم- وهو الأحول-، عن أبي عثمان النهدي، فال سفيان: أراه عن سلمان- وجاء عند الطبراني عن سلمان من غير شك- قال: جاء رجلٌ إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: ألكم طعام؟ إلى أن قال: "فإن معادهما كمعاد الدنيا، يقوم أحدكم خلف بيته، فيُمسِكُ على أنفه من نتَن ريحه"، وإسناده صحيح على شرط الشيخين، فالحديث يصح به.
(تحقيق المسند للشيخ شعيب ) 

صححه الألباني في الصحيحة والترغيب : عن سلمان الفارسي جاءَ قَومٌ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقال: ألَكم طعامٌ؟ قالوا: نعَمْ. قال: فلَكم شرابٌ؟ قالوا: نعَمْ. قال: فتُصَفُّونَه؟ قالوا: نعَمْ. قال: وتبَرَّزونَه؟ قالوا: نعَمْ. قال: فإنَّ مَعادَهما كمَعادِ الدُّنْيا؛ يقومُ أحدُكم إلى خلْفِ بَيتِه فيُمسِكُ على أَنْفِه مِن نتَنِه.

- وجاء عند ابن حبان (702) عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنَّ مَطعَمَ ابنِ آدَمَ ضُرِب لِلدُّنيا مَثَلًا بما خرَج مِن ابنِ آدَمَ وإنْ قزَّحه وملَّحه فانظُرْ ما يصيرُ إليه 
صححه في السلسلة 382 ، وصححه شعيب الأرناؤوط عند ابن حبان زحسنه الوادعي في الصحيح المسند رقم 1 

(قزحه) بتشديد الزاي هو من القزح وهو التوابل، يقال: قزحت القدر إذا طرحت
فيها الأبزار.
(ملحه) بتخفيف اللام. أي ألقى فيه الملح بقدر للإصلاح. يقال منه: ملحت القدر بالتخفيف، وأملحتها وملحتها إذا أكثرت ملحها حتى تفسد.

الثلاثاء، 24 مارس 2020

عن  سويد بن مقرن 
أنَّ جَارِيَةً له لَطَمَهَا إنْسَانٌ، فَقالَ له سُوَيْدٌ: أَما عَلِمْتَ أنَّ الصُّورَةَ مُحَرَّمَةٌ، فَقالَ: لقَدْ رَأَيْتُنِي وإنِّي لَسَابِعُ إخْوَةٍ لي مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَما لَنَا خَادِمٌ غَيْرُ وَاحِدٍ، فَعَمَدَ أَحَدُنَا فَلَطَمَهُ، فأمَرَنَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ أَنْ نُعْتِقَهُ.
مسلم 1658 

قال السندي: قوله: "إن الصورة محرمة" أي: تغييرها محرم، أو ضربها محرم، والمراد بها الوجه، وتحريم ضربها للإكرام له، أو لأنَّ فيه محاسنَ الإنسان وأعضاءَه اللطيفة الشريفة، وإذا حصل فيه شين كان أقبح.
"إلا خادم": يُطلق على الجارية، كما يُطلق على الرجل، وروايات مسلم تدل على أنها كانت جارية كرواية الكتاب الثانية.
أن نعتقه: أي ندباً إزالةً لإثم الظلم.


عن هلال بن يساف 
كنا نُزُولًا في دارِ سُوَيْدِ بنِ مُقْرنٍ ،وفينا شيخٌ فيه حِدَّةٌ ومعه جاريةٌ ، فلَطَمَ وجهَها ، فما رأيتُ سُوَيْدًا أشدَّ غضبًا منه ذاك اليوم ، قال : عَجَزَ عليك إلا حرَّ وجهِها ! لقد رأيتُنا سابعَ سبعةٍ مِن ولدِ مُقْرنٍ ومالنا إلا خادمٌ ، فلَطَمَ أصغرُنا وجهَها ، فأمرَنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم : بعتقِها. 
سنن أبي داود صححه الألباني وهو عند مسلم 

عن معاويةَ بنِ سُويدِ بنِ مُقرِّنٍ قال : لَطمتُ مولًى لنا فقيرٌ فدَعاني أبي فقال لهُ : اقتَصَّ ، كنَّا ولدُ مقرِّنٍ سَبعةٌ ، لنا خادمٌ فلطَمها أحدُنا ، فذكر ذلكَ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ و سلم فقال : مُرْهُمْ فليُعتقوها . فقيل للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ و سلَّمَ : ليسَ لَهُم خادمٌ غيرَها قال : فليستَخدِموها ، فإذا استغنَوا خلَّوا سبيلَها 
المسند وصحيح الأدب المفرد 132 


الاثنين، 23 مارس 2020

المسند (15651) عَنْ أَبِي الشَّمَّاخِ الْأَزْدِيِّ، عَنِ ابْنِ عَمٍّ، لَهُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَتَى مُعَاوِيَةَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ  سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَنْ وَلِيَ أَمْرًا مِنْ أَمْرِ النَّاسِ، ثُمَّ أَغْلَقَ بَابَهُ دُونَ الْمِسْكِينِ، وَالْمَظْلُومِ أَوْ ذِي الْحَاجَةِ أَغْلَقَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى دُونَهُ أَبْوَابَ رَحْمَتِهِ عِنْدَ حَاجَتِهِ، وَفَقْرِهِ أَفْقَرُ مَا يَكُونُ إِلَيْهَا " 
صححه لغيره الشيخ شعيب ، حسنه الشيخ الألباني في صحيح الترغيب 

- عند الترمذي 1332 :  قال عمرو بن مرة لمعاوية إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من إمام يغلق بابه دون ذوي الحاجة والخلة والمسكنة إلا أغلق الله أبواب السماء دون خلته وحاجته ومسكنته فجعل معاوية رجلا على حوائج الناس

صححه الألباني : صحيح، المشكاة (3728 / التحقيق الثانى) ، الصحيحة (629) ، صحيح أبي داود (2614) 


قال السندي: قوله: "دون المسكين" إلخ، أي: منع أرباب الحوائج أن يدخلوا عليه ويعرضوا حوائجهم لديه. "أغلق الله تبارك وتعالى"، أي: عامله بمثل فعله يوم القيامة، وقيل: لا يستجيب دعاءه إذا سأل.

الأربعاء، 18 مارس 2020

معالجته صلى الله عليه وسلم للحزين وتبشيره بالخير

جاء في المسند (15595) عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَأْتِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ ابْنٌ لَهُ، فَقَالَ لَهُ: النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَتُحِبُّهُ؟ " فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَحَبَّكَ اللهُ كَمَا أُحِبُّهُ، فَفَقَدَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ " مَا فَعَلَ ابْنُ فُلَانٍ؟ " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَاتَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِيهِ: " أَمَا تُحِبُّ أَنْ لَا تَأْتِيَ بَابًا مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، إِلَّا وَجَدْتَهُ يَنْتَظِرُكَ؟ " فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَهُ خَاصَّةً أَمْ لِكُلِّنَا؟ قَالَ: " بَلْ لِكُلِّكُمْ " 
صححه الشيخ شعيب وصححه الألباني في الترغيب والوادعي في الصحيح المسند 

وفي احكام الجنائز : 
كان نبيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم إذا جلس ، يجلسُ إليه نَفَرٌ من أصحابِه ، وفيهم رجلٌ له ابنٌ صغيرٌ ، يَأْتِيهِ من خَلْفِ ظهرِه فيُقْعِدُه بين يَدَيْهِ ، فقال له النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تُحِبُّه ؟ فقال : يا رسولَ اللهِ أَحَبَّكَ اللهُ كما أُحِبُّه ! ، فهَلَك ، فامتَنَع الرجلُ أن يَحْضُرَ الحَلْقةَ ، لِذِكْرِ ابنِه ، فحَزِنَ عليه ، ففقده النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، فقال : ما لِي لا أَرَى فلانًا ؟ فقالوا : يا رسولَ اللهِ بُنَيُّه الذي رَأَيْتَه هَلَك ، فلَقِيَهُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، فسأله عن بُنَيِّهِ ؟ فأخبره بأنه هَلَك ، فعَزَّاه عليه ، ثم قال : يا فلانُ ، أَيُّما كان أَحَبُّ إليكَ : أن تَمَتَّعَ به عُمُرَك ، أولا تأتي غدًا إلى بابٍ من أبوابِ الجنةِ إلا وَجَدْتَه قد سبقك إليه يَفْتَحُه لك ؟ قال : يا نبيَّ اللهِ ، بل يسبقُني إلى بابِ الجنةِ فيفتحُها إليَّ ، لَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ ، قال : فذاك لك ، فقال رجلٌ من الأنصارِ : يا رسولَ اللهِ جعلني اللهُ فداءَك أله خاصةٌ أو لِكُلِّنا ؟ قال : بل لِكُلِّكم .
قال الشيخ الألباني : أخرجه النسائي (1/ 296) والسياق له، وابن حبان في " صحيحه "، والحاكم (1/ 384) وأحمد (5/ 35) وقال الحاكم:
" صحيح الاسناد "، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.

قال السندي: قوله: أحبك الله: بيان شدة محبته بابنه، أو أنه كان يعرف قدر محبة الله تعالى لعباده المؤمنين فضلاً عن الأنبياء صلوات الله تعالى وسلامه عليهم أجمعين، فضلاً عن سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام.
قوله: "أما تحب": قاله تسلية له، وحثاً له على الصبر على فقده.

تابعوه في كل شيء وهيئة راوه عليها صلى الله عليه وسلم

جاء في المسند (15581)عن مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَهْطٍ مِنْ مُزَيْنَةَ فَبَايَعْنَاهُ، وَإِنَّ قَمِيصَهُ لَمُطْلَقٌ "، قَالَ: " فَبَايَعْنَاهُ،  ثُمَّ أَدْخَلْتُ يَدِي فِي جَيْبِ قَمِيصِهِ فَمَسِسْتُ الْخَاتَمَ " قَالَ عُرْوَةُ: " فَمَا رَأَيْتُ مُعَاوِيَةَ وَلَا ابْنَهُ - قَالَ حَسَنٌ: يَعْنِي أَبَا إِيَاسٍ - فِي شِتَاءٍ قَطُّ، وَلَا حَرٍّ إِلَّا مُطْلِقَيْ أزْرَارِهِمَا  لَا يَزُرَّانِهِ أَبَدًا "


صححه الشيخ شعيب في المسند وصححه الألباني عند أبي داود 4082 ، صححه الوادعي في الصحيح المسند 1082

"أتيتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ في رَهْطٍ مِن مُزَيْنةَ ، فَبايعناهُ ، وإنَّ قميصَهُ لمطلقُ الأزرارِ قالَ : فبايعتُهُ ثمَّ أدخلتُ يديَّ في جيبِ قميصِهِ فمَسِسْتُ الخاتمَ قالَ عروةُ : فما رأيتُ معاويةَ ولا ابنَهُ قطُّ إلَّا مُطْلِقَي أزرارِهِما في شتاءٍ ، ولا حُرٍّ ولا يزرِّرانِ أزرارَهُما أبدًا "
- قرة بن إياس المزني، جد إياس بن معاوية، القاضي المشهور بالذكاء.ذكره ابن سعد في طبقة من شهد الخندق. قتل في حرب الأزارقة في زمن معاوية.
 
قال السندي: قوله: لَمُطْلَق، بفتح اللام، أي: غير مزرور إزراره.
قلنا: قول عروة: فما رأيت معاوية ولا ابنه، فسره حسن بن موسى الأشيب في هذه الرواية بأنه يعني أبا إياس، وهي كنية معاوية بن قرة، ولا يستقيم ذلك، وفسره في الرواية الآتية 5/35 فقال: أراه يعني إياساً، قلنا: وهو أياس بن معاوية القاضي المشهور، وهو الأشبه، وسيأتي من رواية أبي
النضر كذلك برقم (16243) دون تفسير.


مُطْلَقُ الأَزْرَارِ"، أي: إنَّ أَزْرارَ القَميصِ غير مَربوطةٍ، قال قُرَّةُ: فَبايَعْتُه ثُمَّ أَدخلتُ يَدِي في "جِيْبِ قَميصِه" وَجَيْبُ القَميصِ هو فَتْحَةٌ تكونُ في الثَّوْبِ من أَعَلاهُ لتُدخَل فيه الرَّأس، "فَمَسَسْتُ"، أي: لَمَسْتُ "الخاتَمَ"، أي: خاتَمَ النُّبُوَّةِ الَّذي كان في مُؤخَّرِ كَتِفِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم.
"قال عُرْوَةُ" أَحَدُ رُواةِ الحديثِ: فما رَأيتُ مُعَاوِيَةَ ولا ابْنَه قَطُّ "إلَّا مُطْلِقَيْ أَزْرارهما"، أي: غير رابِطي أَزْرارهما في "شِتاءٍ"، أي: في فَصْلِ الشِّتاءِ؛ حيث يكونُ البَرْدُ، "ولا حَرٍّ"، أي: ولا في صَيْفٍ، "ولا يُزَرِّرَانِ أَزْرَارَهُمَا أَبَدًا"، أي: هذا شأنُها منذ شاهدوا النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم على هذه الهَيْئَةِ.
وفي الحديثِ: بَيانُ تَحَرِّي الصَّحابةِ مُتابَعَةَ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم.

إنشاد الأشعار المذمومة في المساجد والمؤمن يجاهد بسيفه ولسانه

عن عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: " نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ فِي الْمَسْجِدِ، وَأَنْ تُنْشَدَ فِيهِ الْأَشْعَارُ، وَأَنْ تُنْشَدَ فِيهِ الضَّالَّةُ، وَعَنِ الْحِلَقِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ .

المسند (6676) حسنه الشيخ شعيب وصححه الشيخ شاكر ، وحسنه الألباني عند أبي داود 4490 ، حسنه الحافظ في نتائج الافكار

أخرجه أبو داود (1079) باختلاف يسير، والترمذي (322)، والنسائي (714)، وابن ماجه (749، 766) مختصراً، وأحمد (6676) واللفظ

وجاء عند أبي داواد من حديث حكيم بن حزام : 

نهى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم : أن يُستقادَ في المسجدِ ، وأن تُنشدَ فيه الأشعارُ ، وأن تُقامَ فيه الحدودُ
قال الإمام البغوي في "شرح السنة" 2/373: وقد كره قوم من أهل العلم البيع والشراء في المسجد، وبه يقول أحمد وإسحاق، ورخص فيه بعض التابعين، وروي عن عطاء بن يسار أنه كان إذا مر عليه بعض من يبيع في المسجد، قال: عليك بسوق الدنيا، فإنما هذا سوق الآخرة. أخرجه مالك في "الموطأ" 1/174 بلاغاً.


وقال أبو سليمان الخطابي: ويدخل في هذا كل أمرٍ لم يُبْن له المسجدُ من أمور معاملات الناس واقتضاء حقوقهم. وقد كره بعضُ السلف المسألة في المسجد، وكان بعضهم لا يرى أن يُتصدق على السائل المتعرض في المسجد.
وانظر "الفتح" 1/560-561.
قال البيهقي في "السنن" 2/448: نحن لا نرى بإنشاد مثل ما كان يقول حسان في الذب عن الإسلام وأهله بأساً، لا في المسجد، ولا في غيره، والحديثُ ورد في تناشد أشعار الجاهلية وغيرها مما لا يليق بالمسجد.
قلنا: ويؤيده ما رواه أبو هريرة أن عمر مر بحسان بن ثابت، وهو ينشد في المسجد شعرا، فلحظ إليه، فقال: لقد كنت أنشد فيه وفيه من هو خير منك، ثم التفت إلى أبي هريرة، فقال: نشدتُك بالله، أسمعت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "أجبْ عني، اللهم أيده بروح القدس؟ " قال: نعم.
قال علي القاري في "مرقاة المفاتيح" 1/467: وعلةُ النهي أن القوم إذا تحلقوا، فالغالب عليهم التكلم ورفع الصوت، وإذا كانوا كذلك، لا يستمعون الخطبة، وهم مأمورون باستماعها، كذا قاله بعضهم. وقال التوربشتي: النهي يحتمل معنيين: أحدهما: أن تلك الهيئة تخالف اجتماع المصلين.
والثاني: أن الاجتماع للجمعة خطب جليل، لا يسع من حضرها أن يهتم بما سواها حتى يفرغ، وتحلقُ الناس قبل الصلاة موهم للغفلة عن الأمر الذي ندبوا إليه 
وقال البغوي في "شرح السنة" 2/374: وفي الحديث كراهية التحلق والاجتماع يوم الجمعة قبل الصلاة لمذاكرة العلم، بل يشتغل بالذكر والصلاة والإنصات للخطبة، ثم لا بأس بالاجتماع والتحلق بعد الصلاة في المسجد وغيره.


بُنِيَتِ المساجِدُ لِذِكْرِ اللهِ تعالى وإقامةِ الصَّلاةِ، وفي هذا الحديثِ يُخبِر حَكيمُ بنُ حِزامٍ رضِيَ اللهُ عنه: "نهى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنْ يُسْتَقادَ"، أي: أنْ يُقامَ القِصاصُ على القاتِلِ في المسجِدِ.
ونهى "أنْ تُنْشَدَ فيه الأشعارُ"، أي: أنْ يُلْقَى فيه الشِّعْرُ، وقيل: إنَّ المرادَ بالأشعارِ هي الأشعارُ المذمومةُ، أو أنْ يكونَ المسجِدُ محلًّا لإلقاءِ الشِّعرِ.
"وأنْ تُقامَ فيه الحدودُ"، أي: ونَهَى أنْ تُقامَ الحدودُ –كالرَّجْمِ، أو القتلِ، أو القَطْعِ، أو الجَلْدِ- في المسجِدِ؛ وذلك لاحتمالِ أنْ يُصيبَ المسجِدَ شيءٌ مِنَ اللَّغَطِ والأوساخِ الَّتي لا تَليقُ بذاتِهِ وطهارتِهِ، أو يَقْطُرَ فيه الدَّمُ، ولأنَّه للصَّلاةِ والذِّكرِ- كما قال النبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ- ولا يُفعَلُ فيه ما يَفعلُه الناس في بُيوتِهم أو شوارعِهم ونَحوِ ذلك؛ ولأنَّ في ذلك هَتْكًا لحُرمةِ المسجدِ، ولكن إذا أُقيم الحدُّ أو القِصاصُ في المسجدِ سقَطَ الحَدُّ عن المحدودِ.
وفي الحديث: النهيُ عن إقامةِ القِصاصِ والحدودِ في المسجدِ، وفي ذلك إشارةٌ إلى تَنزيهِ المساجِدِ وتَعظيمِها وصِيانتِها عن كلِّ ما يُدنِّسُها من الأقوالِ والأفعالِ، وأنَّها ليستْ مِثلَ بُيوتِ الناسِ وطُرقاتِهم.



جاء في المسند (15785)عن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ، حِينَ أَنْزَلَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي الشِّعْرِ مَا أَنْزَلَ، أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ أَنْزَلَ فِي الشِّعْرِ مَا قَدْ عَلِمْتَ، وَكَيْفَ تَرَى فِيهِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ الْمُؤْمِنَ يُجَاهِدُ بِسَيْفِهِ وَلِسَانِهِ " 
قال الشيخ شعيب :  إسناده صحيح على شرط الشيخين ، وهكذا قال الالباني في الصحيحة (1631) 

- قال السندي: قوله: "إن المؤمن يجاهد": فبين أن ما يكون من الشعر جهاداً في سبيل الله، فذاك لا منع منه، والمنع من غيره مما ليس له تعلُّقٌ بصلاح الدين ونحوه.

وجاء في المسند بسند صحيح 15786 : أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَكَأَنَّمَا تَنْضَحُونَهُمْ  بِالنَّبْلِ فِيمَا تَقُولُونَ  لَهُمْ مِنَ الشِّعْرِ "
وصححه الالباني في الصحيحة ايضا 1631 

قال السندي: قوله: "لكأنما تنضحونهم" من نضحه بالنبل: رماه،


- وعند البخاري وأحمد عنه : إنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكْمَةً.

- وعند أحمد15796  : عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب عن كعب بن مالك مرفوعا به : اهْجُوا بِالشِّعْرِ ، إِنَّ المُؤْمِنَ يُجَاهِدُ بِنفسِهِ و مالِهِ ، و الذي نَفْسُ محمدٍ بيدِهِ كأنَّما يَنْضَحُوهُمْ بِالنَّبْلِ 
حسنه شعيب وحسنه الالباني في الصحيحة 802

- وعند أحمد 18526 والبخاري نعليقا : عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ: " اهْجُ الْمُشْرِكِينَ، فَإِنَّ جِبْرِيلَ مَعَكَ "
قال الشيخ شعيب : إسناده صحيح على شرط الشيخين ، والألباني في الصحيحة 801 




الثلاثاء، 17 مارس 2020

نظروا قريشًا فخذوا من قولهم وذَرُوْا فعلهم

روى في المسند (15536) حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ يَعْنِي الْمُؤَدِّبَ مُحَمَّدَ بْنَ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي الْوَضَّاحِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَالْمُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَامِرِ بْنِ شَهْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ كَلِمَتَيْنِ: مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلِمَةٌ، وَمِنَ النَّجَاشِيِّ أُخْرَى، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " انْظُرُوا قُرَيْشًا فَخُذُوا مِنْ قَوْلِهِمْ، وَذَرُوا فِعْلَهُمْ "، وَكُنْتُ عِنْدَ النَّجَاشِيِّ جَالِسًا فَجَاءَ ابْنُهُ مِنَ الْكُتَّابِ، فَقَرَأَ آيَةً مِنَ الْإِنْجِيلِ فَعَرَفْتُهَا - أَوْ فَهِمْتُهَا - فَضَحِكْتُ، فَقَالَ: مِمَّ تَضْحَكُ؟ أَمِنْ كِتَابِ اللهِ تَعَالَى؟ فَوَاللهِ إِنَّ مِمَّا أَنْزَلَ اللهُ عَلَى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ: أَنَّ اللَّعْنَةَ تَكُونُ فِي الْأَرْضِ إِذَا كَانَ أُمَرَاؤُهَا الصِّبْيَانَ 

صححه العلامة شعيب على شرط مسلم وصححه الدارقطني في الإلزامات والتتبع وكذلك العلامة الوادعي 86 ، والصحيح المسند 525 ، والمرفوع منه في الصحيحة 1577 

قال السندي: قوله: "انظروا قريشاً"، أي: ملوكهم، وكان غالبهم صغاراً، فلذلك جمع عامر هذه الكلمة مع كلمة النجاشي.
قوله: "من قولهم"، أي: بعضه الموافق للدِّين.
قوله: "فعلهم"، أي: كله، ففيه أن الغالب في فعلهم المخالفة.

الأحد، 15 مارس 2020

الدعاء يوم أحد

رفاعة بن رافع قال : لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ وَانْكَفَأَ الْمُشْرِكُونَ، قَالَ: رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَوُوا حَتَّى أُثْنِيَ عَلَى رَبِّي، فَصَارُوا خَلْفَهُ صُفُوفًا، فَقَالَ: " اللهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كُلُّهُ، اللهُمَّ لَا قَابِضَ لِمَا بَسَطْتَ، وَلَا بَاسِطَ لِمَا قَبَضْتَ، وَلَا هَادِيَ لِمَا  أَضْلَلْتَ، وَلَا مُضِلَّ لِمَنْ هَدَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُقَرِّبَ لِمَا بَاعَدْتَ، وَلَا مُبَاعِدَ لِمَا قَرَّبْتَ، اللهُمَّ ابْسُطْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِكَ وَرَحْمَتِكَ وَفَضْلِكَ وَرِزْقِكَ، اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ النَّعِيمَ الْمُقِيمَ الَّذِي لَا يَحُولُ وَلَا يَزُولُ، اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ النَّعِيمَ يَوْمَ الْعَيْلَةِ وَالْأَمْنَ يَوْمَ الْخَوْفِ، اللهُمَّ إِنِّي عَائِذٌ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا أَعْطَيْتَنَا وَشَرِّ مَا مَنَعْتَ، اللهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْإِيمَانَ وَزَيِّنْهُ فِي قُلُوبِنَا، وَكَرِّهْ إِلَيْنَا الْكُفْرَ، وَالْفُسُوقَ، وَالْعِصْيَانَ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الرَّاشِدِينَ، اللهُمَّ تَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ، وَأَحْيِنَا مُسْلِمِينَ، وَأَلْحِقْنَا بِالصَّالِحِينَ غَيْرَ خَزَايَا وَلَا مَفْتُونِينَ، اللهُمَّ قَاتِلِ الْكَفَرَةَ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ رُسُلَكَ، وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِكَ، وَاجْعَلْ عَلَيْهِمْ رِجْزَكَ وَعَذَابَكَ، اللهُمَّ قَاتِلِ الْكَفَرَةَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَهَ الْحَقِّ "

المسند (15492) قال شعيب :  رجاله ثقات 
وقال الهيثمي في المجمع : رجاله رجال الصحيح
وهو عند البخاري في الأدب المفرد وصححه الالباني
-وقد أورده الذهبي مطولاً في "السيرة النبوية" 1/419-420 (ظبعة مؤسسة الرسالة) ، وقال: هذا حديث غريب منكر 
وقال الذهبي في تعقبه للحاكم : والحديث مع نظافة إسناده منكر، أخاف أن يكون موضوعاً!
قال السندي: قوله: "وانكفأَ": أي: انقلبوا ورجعوا إلى بيوتهم.
قوله: "حتى أُثني"، بضم الهمزة: من الثناء.
قوله: "فصاروا": أي المسلمون.
قوله: "لك الحمد كله": يدل على أن تعريف الحمد في نحو الحمد لله، للاستغراق.
قوله: "لما أضللت": فيه أن الضال كالأنعام، والمهتدون هم الناس.
قوله: "يوم العَيْلَة"، ضبط بفتح العين: أي يوم الحاجة.
قوله: "الكفرة الذين أوتوا الكتاب": أي كفرة أهل الكتاب من اليهود والنصارى، ويحتمل شمولهم للمشركين، لأنهم صاروا أهل كتاب حين نزوله عليه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 

الجمعة، 13 مارس 2020

من اجتهاد عمر في وجود النبي صلى الله عليه وسلم والشورى

عن  أبي عمرة الأنصاري قال : 
كنَّا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّم في غَزاةٍ، فأصاب النَّاسَ مَخمَصةٌ، فاستأذَن النَّاسُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّم في نحرِ بعضِ ظهورِهم وقالوا: يُبلِّغُنا اللهُ به، فلمَّا رأى عمرُ بنُ الخطَّابِ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّم قد همَّ أن يأذَنَ لهم في نحرِ بعضِ ظهورِهم قال: يا رسولَ اللهِ، كيف بنا إذا نحنُ لقِينا القومَ غدًا رِجَالًا، ولكن إن رأَيْتَ يا رسولَ اللهِ أن تدعوَ لنا ببقايا أزوادِهم، فتجمَعَها، ثمَّ تدعوَ اللهَ فيها بالبركةِ؛ فإنَّ اللهَ تبارَك وتعالى سيُبلِّغُنا بدعوتِك، أو قال: سيُبارِكُ لنا في دعوتِكَ، فدعا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّم ببقايا أَزْوادِهم، فجعَل النَّاسُ يَجيئونَ بالحَثْيَةِ مِن الطَّعامِ، وفوقَ ذلكَ، وكان أعلاهم مَن جاء بصاعٍ مِن تمرٍ، فجمَعها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّم ثمَّ قام فدعا ما شاء اللهُ أن يدعوَ، ثمَّ دعا الجيشَ بأوعيتِهم، فأمَرهم أن يحتَثُوا، فما بقِيَ في الجيشِ وعاءٌ إلَّا مَلَؤُوه، وبقي مِثلُه، فضحِك رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّم حتَّى بدَتْ نواجِذُه فقال: أشهَدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ وأنِّي رسولُ اللهِ، لا يَلقى اللهَ عبدٌ مؤمنٌ بهما, إلَّا حُجِبَتْ عنه النَّارُ يومَ القيامةِ.
المسند (15449) قال الشيخ شعيب :  إسناده قوي ، صححه الوادعي في الصحيح المسند (1257)، صحيح دلائل النبوة (255)
هو عند ابن المبارك في "الزهد" (917) ، ومن طريقه النسائي في "الكبرى" (8793) - وهو في "عمل اليوم والليلة" (1140) وأخرجه الطبراني في "الكبير" (575) ، وفي "الأوسط" (63) ، والحاكم 2/618-619، والبيهقي في "الدلائل" 6/121 من طرق عن الأوزاعي، به، وصححه ابن حبان (221) والحاكم، ووافقه الذهبي.

قال الألباني عند ابن حبان : صحيح لغيره 

قال السندي: قوله: في نحر بعض ظهورهم: فيه أنه لا ينبغي للعسكر التصرف في أموالهم المتعلقة بأمر الحرب إلا بإذن الإمام.
وقوله: يُبَلِّغنا: من التبليغ، أي: إلى آخر آجالنا، أي: يُحيينا.
قوله: تدعو لنا ببقايا أزوادهم، أي: يطلب منهم إحضارها لأجلنا.
قوله: ثم قام فدعا: وهكذا جاء القيام في حديث سلمة كما رواه البخاري في كتاب الشركة (2484) ، وفيه دليل على القيام للدعاء عند الشدة والاهتمام بقضاء الحاجة، كما هو عادة أهل المدينهَ عند الدعاء للسلطان.
قوله: "فقال: أشهد ... الخ": تنبيهاً على أنه معجزة.
وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إلا حجبته عن النار يومَ القِيامة" مُقَيدٌ بما إذا لم يستوجِبْ مِن أجله دخولَ النارِ، ولم يتفضلِ المولى جل وعلا عليه بعفوه.

- ورى مسلم (27) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَوْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ - شَكَّ الْأَعْمَشُ - قَالَ: لَمَّا كَانَ غَزْوَةُ تَبُوكَ أَصَابَ النَّاسَ مَجَاعَةٌ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ أَذِنْتَ لَنَا فَنَحَرْنَا نَوَاضِحَنَا، فَأَكَلْنَا وَادَّهَنَّا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «افْعَلُوا»، قَالَ: فَجَاءَ عُمَرُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنْ فَعَلْتَ قَلَّ الظَّهْرُ، وَلَكِنْ ادْعُهُمْ بِفَضْلِ أَزْوَادِهِمْ، ثُمَّ ادْعُ اللهَ لَهُمْ عَلَيْهَا بِالْبَرَكَةِ، لَعَلَّ اللهَ أَنْ يَجْعَلَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَعَمْ»، قَالَ: فَدَعَا بِنِطَعٍ، فَبَسَطَهُ، ثُمَّ دَعَا بِفَضْلِ أَزْوَادِهِمْ، قَالَ: فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِيءُ بِكَفِّ ذُرَةٍ، قَالَ: وَيَجِيءُ الْآخَرُ بِكَفِّ تَمْرٍ، قَالَ: وَيَجِيءُ الْآخَرُ بِكَسْرَةٍ حَتَّى اجْتَمَعَ عَلَى النِّطَعِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ يَسِيرٌ، قَالَ: فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ قَالَ: «خُذُوا فِي أَوْعِيَتِكُمْ»، قَالَ: فَأَخَذُوا فِي أَوْعِيَتِهِمْ، حَتَّى مَا تَرَكُوا فِي الْعَسْكَرِ وِعَاءً إِلَّا مَلَئُوهُ، قَالَ: فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، وَفَضَلَتْ فَضْلَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، لَا يَلْقَى اللهَ بِهِمَا عَبْدٌ غَيْرَ شَاكٍّ، فَيُحْجَبَ عَنِ الْجَنَّةِ»


قِفا نَبكِ مِن ذِكرى حَبيبٍ وَمَنزِلِ 4

فَأَدْبَرْنَ كَالجِزْعِ المُفَصَّـلِ بَيْنَـهُ :: بِجِيْدٍ مُعَمٍّ فِي العَشِيْرَةِ مُخْـوَلِ
الجزع: الخرز اليماني.
 الجيد: العنق، والجمع الأجياد، ورجل أجيد طويل العنق، وجمعه جود،
 الْمُعِمّ: الكريم الأعمام.
 الْمُخْوِل: الكريم الأخوال، وقد أعمَّ وأخوَل إذا كرم أعمامه وأخواله، وهذان من الشواذ؛ لأن القياس من أفعل فهو مُفعِل، وهما أفعل فهو مُفعَل.
يقول: فأدبرت النّعاج كالخرز اليماني الذي فصل بينه بغيره من الجواهر في عنق صبي كرم أعمامه وأخواله، وشبه بقر الوحش بالخرز اليماني؛ لأنه يسوَّدُ طرفه وسائره
أبيض، وكذلك بقر الوحش تسوَّدُ أكارعها وخدودها وسائرها أبيض، وشرط كونه في جيدٍ مُعِمّ مُخوِل؛ لأن جواهر قلادة مثل هذا الصبي أعظم من جواهر قلادة غيره، وشرط كونه مفصلًا لتفرقهن عند رؤيته.
فَأَلْحَقَنَـا بِالهَـادِيَاتِ ودُوْنَـهُ :: جَوَاحِـرُهَا فِي صَرَّةٍ لَمْ تُزَيَّـلِ
الهاديات: الأوائل المتقدمات. 
الجواحر: المتخلفات، وقد جحر أي: تخلّف
 الصرّة: الجماعة، والصرَّة الصيحة، ومنه صرير القلم وغيره.
 الزيل والتزييل: التفريق، والتزيل والانزيال: التفرق.
يقول: فألحقنا هذا الفرس بأوائل الوحش ومتقدماته وجاوز بنا متخلفاته فهي دونه أي أقرب منه في جماعة لم تتفرق أو في صيحة؛ 
وتلخيص المعنى: أنه يلحقنا بأوائل الوحش ويدع متخلفاته ثقة بشدة جريه وقوة عدوه فيدرك أوائلها وأواخرها مجتمعة لم تتفرق بعد، يريد أنه يدرك أوائلها قبل تفرُّقِ جماعتها، يصفه بشدة عدوه.
فَعَـادَى عِدَاءً بَيْنَ ثَوْرٍ ونَعْجَـةٍ :: دِرَاكاً وَلَمْ يَنْضَحْ بِمَاءٍ فَيُغْسَـلِ
المعاداة والعداء: الموالاة.
 الثور يجمع على الثيران والثِيَرة والثِوَرة والثِيَارة والأثوار والثيار. 
الدراك: المتابعة.
يقول: فوالى بين ثور ونعجة من بقر الوحش في طلق1 واحد ولم يعرق عرقًا مفرطًا يغسل جسده، يريد أنه أدركهما وقتلهما في طلق واحد قبل أن يعرق عرقًا مفرطًا، أي: أدركهما دون معاناة مشقة ومقاساة شدة، نسب فعل الفارس إلى الفرس؛ لأنه حامله وموصله إلى مرامه، يقول: صاد هذا الفرس ثورًا ونعجة في طلق واحد. ودراكًا أي مداركة.
فَظَلَّ طُهَاةُ اللَّحْمِ مِن بَيْنِ مُنْضِجٍ :: صَفِيـفَ شِوَاءٍ أَوْ قَدِيْرٍ مُعَجَّـلِ
الطهو والطهي: الإنضاج، والفعل طها يطهو ويطهي، والطهاة جمع طاهٍ كالقضاة جمع قاضٍ والكفاة جمع كافٍ.
 الإنضاج: يشتمل على طبخ اللحم وشيِّه.
لصفيف: المصفوف على الحجارة لينضج.
 القدير: اللحم المطبوخ في القدر.
يقول: ظل المنضجون اللحم وهم صنفان صنف ينضجون شواء مصفوفًا على الحجارة في النار، وصنف يطبخون اللحم في القدر؛ يقول كثر الصيد فأخصب القوم فطبخوا واشتووا؛ ومن في قوله: من بين منضج للتفصيل والتفسير، كقولهم: هم من بين عالم وزاهد، يريد أنهم لا يعدون الصنفين، كذلك أراد لم يَعْدُ طهاة اللحم الشاوين والطابخين.
ورُحْنَا يَكَادُ الطَّرْفُ يَقْصُرُ دُوْنَـهُ :: مَتَى تَـرَقَّ العَيْـنُ فِيْهِ تَسَفَّـلِ
الطرف: اسم لما يتحرك من أشفار العين، وأصله التحرك، والفعل منه طرف يطرف. 
القصور: العجز، والفعل قصر يقصر.
 الترقي والارتقاء والرقي واحد، والفعل من الرقي رَقِيَ يَرْقَى، وأما رقى يرقي فهو من الرقية، وقد رقيته أنا أي حملته على الرُّقِيّ.
يقول: ثم أمسينا وتكاد عيوننا تعجز عن ضبط حسنه واستقصاء محاسن خلقه، ومتى ما ترقت العين في أعالي وشخصه نظرت إلى قوائمه، وتلخيص المعنى أنه كامل الحسن رائع الصورة تكاد العيون تقصر عن كُنه حسنه ومهما نظرت العيون إلى أعالي خلقه اشتهت النظر إلى أسافله.
فَبَـاتَ عَلَيْـهِ سَرْجُهُ ولِجَامُـهُ :: وَبَاتَ بِعَيْنِـي قَائِماً غَيْرَ مُرْسَـلِ
يقول: بات مسرجًا ملجمًا قائمًا بين يدي غير مرسل إلى المرعى
أصَاحِ تَرَى بَرْقاً أُرِيْكَ وَمِيْضَـهُ :: كَلَمْـعِ اليَدَيْنِ فِي حَبِيٍّ مُكَلَّـلِ
أصاح: أراد أصاحب أي: يا صاحب، فرخم كما تقول في ترخيم حارث يا حار، وفي ترخيم مالك يا مال، أراد يا حارث، والألف نداء للقريب دون البعيد، تقول: أزيد إذا كان زيد حاضرًا قريبًا منك، ويا نداء للبعيد والقريب، وأي وأيا وهيا لنداء البعيد دون القريب.
 الوميض والإيماض: اللمعان، تقول: ومض البرق يمض وأومض إذا لمع وتلألأ. 
اللمع: التحريك والتحرك جميعًا.
 الحبيّ: السحاب المتراكم، سمي بذلك لأنه حَبَا بعضه إلى بعض فتراكم، وجعله مكللًا لأنه صار أعلاه كالإكليل لأسفله، ومنه قولهم: كلّلت الرجل إذا توّجته وكللت الجفنة ببضعات اللحم إذا جعلتها كالإكليل لها، ويروى مكلِل، بكسر اللام، وقد كلل تكليلًا، وانكلّ انكلالًا إذا تبسم.
يقول: يا صاحبي هل ترى برقًا أريك لمعانه وتلألؤه وتألقه في سحاب متراكم صار أعلاه كالإكليل لأسفله أو في سحاب متبسم بالبرق يشبه برقه تحريك اليدين؟ أراد أنه يتحرك تحركهما؛ وتقدير البيت: أريك وميضه في حبي مكلل كلمع اليدين؛ شبه لمعان البرق وتحركه بتحرك اليدين. فرغ من وصف الفرس والآن قد أخذ في وصف المطر فقال:
يُضِيءُ سَنَاهُ أَوْ مَصَابِيْحُ رَاهِـبٍ :: أَمَالَ السَّلِيْـطَ بِالذُّبَالِ المُفَتَّـلِ
السنا: الضوء، والسناء: الرفعة.
 السليط: الزيت، ودهن السمسم سليط أيضًا، وإنما سمي سليطًا لإضاءتهما السراج، ومنه السلطان لوضوح أمره.
 الذُّبال: جمع ذبالة وهي الفتيلة. وقد يثقل فيقال ذبَّال.
يقول: هذا البرق يتلألأ ضوؤه فهو يشبه في تحركه لمع اليدين أو مصابيح الرهبان أمليت فتائلها بصبّ الزيت عليها في الإضاءة، يريد أن تحرك البرق يحكي تحرك اليدين وضوءه يحكي ضوء مصباح الراهب إذا أفعم1 صبُّ الزيت عليه فيضيء. وزعم أكثر الناس أن قوله أمال السليط بالذبال المفتل من المقلوب، وتقديره: أمال الذبال بالسليط إذا صبَّه عليه، وقال بعضهم: إن تقديره أمال السليط مع الذبال المفتل، يريد أن يميل المصباح إلى جانب فيكون أشد إضاءة لتلك الناحية من غيرها.
قَعَدْتُ لَهُ وصُحْبَتِي بَيْنَ ضَـارِجٍ :: وبَيْنَ العـُذَيْبِ بُعْدَمَا مُتَأَمَّـلِ
ضارج والعُذَيب: موضعان. بعد ما: أصله بَعُدَ ما فخففه فقال بَعْدَ، وما زائدة وتقديره: بعُد متأملي.
يقول: قعدت وأصحابي للنظر إلى السحاب بين هذين الموضعين، وكنت معهم فبعد متأملي وهو المنظور إليه، أي بعد السحاب الذي كنت أنظر إليه وأرقب مطره وأشيم1 برقه، يريد أنه نظر إلى هذا السحاب من مكان بعيد فتعجب من بعد نظره، وقال بعضهم: إن ما في البيت بمعنى الذي، وتقديره، بعد ما هو متأملي، فحذف المبتدا الذي هو هو، وتقديره على هذا القول: بعد السحاب الذي هو متأملي.
عَلَى قَطَنٍ بِالشَّيْمِ أَيْمَنُ صَوْبِـهِ :: وَأَيْسَـرُهُ عَلَى السِّتَارِ فَيَذْبُـلِ
ويروى: علا قطنًا، من علو يعلو علوًّا، أي علا هذا السحاب.
 القَطَن: جبل، وكذلك الستار ويذبل جبلان، وبينهما وبين قَطَن مسافة بعيدة.
 الصوب: المطر، وأصله مصدر صاب يصوب صوبًا أي نزل من علو إلى سفل. الشيم: النظر إلى البرق مع ترقب المطر.
يقول: أيمن هذا السحاب على قطن وأيسره على الستار ويذبل، يصف عظم السحاب، وغزارته وعموم جوده، وقوله: بالشيم، أراد: إني ما أحكم به حدسًا وتقديرًا لأنه لا يرى ستارًا ويذبل وقطن معًا.
فَأَضْحَى يَسُحُّ المَاءَ حَوْلَ كُتَيْفَةٍ : يَكُبُّ عَلَى الأذْقَانِ دَوْحَ الكَنَهْبَلِ
الكب: إلقاء الشيء على وجهه، والفعل كبّ يكبّ. وأما الإكباب فهو خرور الشيء على وجهه، وهذا من النوادر؛ لأن أصله متعد إلى المفعول به ثم لَمَّا نقل بالهمزة إلى باب الأفعال قصر عن الوصول إلى المفعول به، وهذا عكس القياس المطرد؛ لأن ما لم يتعد إلى المفعول في الأصل يتعدى إليه عند النقل بالهمزة من باب الأفعال نحو: قعد وأقعدته وقام وأقمته وجلس وأجلسته، ونظير كبّ وأكب عرضَ وأعرضَ؛ لأن عرضَ متعدٍ إلى المفعول به؛ لأن معناه أظهر، وأعرض لازم، لأن معناه ظهر ولاح؛
فأعرضت اليمامة واشمخرت … كأسياف بأيدي مصلتينا
الذقن: مجتمع اللحيين، والجمع الأذقان، والأذقان مستعار في البيت للشجر، 
الدوحة: الشجرة العظيمة، والجمع دوح.
 الكنهبل، بضم الباء وفتحها: ضرب من شجر البادية.
يقول: فأضحى هذا الغيث أو السحاب يصب الماء فوق هذا الموضع المسمى بكتيفة ويلقي الأشجار العظام من هذا الضرب الذي يسمى كنهبلًا على رءوسها، وتلخيص المعنى: أن سيل هذا الغيث ينصبّ من الجبال والآكام1، فيقلع الشجر العظام. ويروى: يسح الماء من كل فيقة، أي: بعد كل فيقة، والفيقة من الفواق: وهو مقدار ما بين الحلبتين، ثم استعاره لما بين الدفعتين من المطر.
ومَـرَّ عَلَى القَنَـانِ مِنْ نَفَيَانِـهِ :: فَأَنْزَلَ مِنْهُ العُصْمَ مِنْ كُلِّ مَنْـزِلِ
القنان: اسم جبل لبني أسد. 
النفيان: ما يتطاير من قطر المطر وقطر الدلو ومن الرمل عند الوطء ومن الصوف عند النفش وغير ذلك. 
العُصم: جمع أعصم، وهو الذي في إحدى يديه بياض من الأوعال2 وغيرها.
 المنزل: موضع الإنزال.
يقول: ومرّ على هذا الجبل مما تطاير وانتشر وتناثر من رشاش هذا الغيث فأنزل الأوعال العصم من كل موضع من هذا الجبل، لهولها من وقع قطره على الجبل وفرط انصبابه.
وتَيْمَاءَ لَمْ يَتْرُكْ بِهَا جِذْعَ نَخْلَـةٍ :: وَلاَ أُطُمـاً إِلاَّ مَشِيْداً بِجِنْـدَلِ
تيماء: قرية عادية في بلاد العرب.
 الجذع يجمع على الأجذاع والجذوع، والنخلة على النخلات والنخل والنخيل. 
الأطم: القصر، والأطم الأزج3، والجمع الآطام. 
الشيد: الجص، والشيد الرفع وعلو البنيان، والفعل منه شاد يشيد. 
الجندل: الصخر، والجمع الجنادل.
يقول: لم يترك هذا الغيث شيئًا من جذوع النخل بقرية تيماء، ولا شيئًا من القصور والأبنية إلا ما كان منها مرفوعًا بالصخور أو مجصصًا، يعني أنه قلع الأشجار وهدم الأبنية إلا ما كان منها مرفوعًا بالحجارة والجص
كَأَنَّ ثَبِيْـراً فِي عَرَانِيْـنِ وَبْلِـهِ :: كَبِيْـرُ أُنَاسٍ فِي بِجَـادٍ مُزَمَّـلِ
ثبير: جبل بعينه.
 العرنين: الأنف، وقال جمهور الأئمة: هو معظم الأنف، والجمع العرانين، ثم استعار العرانين لأوائل المطر؛ لأن الأنوف تتقدم الوجوه. 
البجاد: كساء مخطط، والجمع البُجُد. 
التزميل: التلفيف بالثياب، وقد زملته بثياب فتزمَّل بها أي: لففته فتلفف بها. وجرّ مزملًا على جوار بجاد وإلا فالقياس يقتضي رفعه؛ لأنه وصف كبير أناس، ومثله ما حكي عن العرب من قولهم: جحر ضبٍّ خربٍ، جر خرب بمجاورة ضب،
جر المتضاجَم على جوار الثورة والقياس نصبه؛ لأنه صفة ثفر، ونظائرها كثيرة. الوبل: جمع وابل وهو المطر الغزير العظيم القطر، ومثله شارب وشَرْب وراكب ورَكْب وغيرهما، والوبل أيضًا مصدر، وبلت السماء تبل وبلًا إذا أتت بالوابل.
يقول: كأن ثبيرًا في أوائل مطر هذا السحاب سيد أناس قد تلفف بكساء مخطط شبه تغطيته بالغثاء بتغطي هذا الرجل بالكساء.
كَأَنَّ ذُرَى رَأْسِ المُجَيْمِرِ غُـدْوَةً :: مِنَ السَّيْلِ وَالأَغثَاءِ فَلْكَةُ مِغْـزَلِ
الذروة: أعلى الشيء، والجمع الذُّرى.
 المجيمر: أكمة بعينها، 
الغُثاء ما جاء به السيل من الحشيش والشجر والكلأ والتراب وغير ذلك، والجمع الأغثاء.
 المغزل بضم الميم وفتحها وكسرها معروف، والجمع المغازل. فلكة المغزل مفتوحة الفاء.
يقول: كأن هذه الأكمة غدوة مما أحاط بها من أغثاء السيل فلكة مغزل شبه استدارة هذه الأكمة بما حاط بها من الأغثاء باستدارة فلكة المغزل وإحاطتها بها بإحاطة المغزل.
وأَلْقَى بِصَحْـرَاءِ الغَبيْطِ بَعَاعَـهُ :: نُزُوْلَ اليَمَانِي ذِي العِيَابِ المُحَمَّلِ
الصحراء تجمع على الصحارى والصحاري معًا،
 الغبيط هنا: أكمة قد انخفض وسطها وارتفع طرفاها، سميت غبيطًا تشبيهًا بغبيط البعير. 
البعاع: الثقل.
 قوله: نزول اليماني، أي: نزول التاجر اليماني.
 العياب: جمع عيبة1 الثياب.
يقول: ألقى هذا الحيا2 ثقله بصحراء الغبيط فأنبت الكلأ وضروب الأزهار, وألوان النبات، فصار نزول المطر به كنزول التاجر اليماني صاحب العياب المحمل من الثياب حين نشر ثيابه يعرضها على المشترين؛ شبه نزول هذا المطر بنزول التاجر وشبه ضروب النبات الناشئة من هذا المطر بصنوف الثياب التي نشرها التاجر عند عرضها للبيع؛ وتقدير البيت: وألقى ثقله بصحراء الغبيط فنزل به نزولًا مثل نزول التاجر اليماني صاحب العياب من الثياب.
كَأَنَّ مَكَـاكِيَّ الجِـوَاءِ غُدَّبَـةً :: صُبِحْنَ سُلافاً مِنْ رَحيقٍ مُفَلْفَـلِ
المكاء: ضرب من الطير، والجمع المكاكي. 
الجواء: الوادي، والجمع أجوية. 
غديّة: تصغير غدوة أو غداة. 
الصبح: سقي الصبوح، والاصطباح والتصبح: شرب الصبوح. السلاف: أجود الخمر وهو ما انعصر من العنب من غير عصر. المفلفل: الذي ألقي فيه الفلفل، يقال: فلفلت الشراب أفلفله فلفلة فأنا مفلفِل والشراب مفلفَل.
يقول: كأن هذا الضرب من الطير سقي هذا الضرب من الخمر صباحًا في هذه الأودية، وإنما جعلها كذلك لحدة ألسنتها وتتابع أصواتها ونشاطها في تغريدها؛ لأنّ الشراب المفلفل يحذي اللسان ويسكر، فجعل نشاط الطير كالسكر وتغريدها بحدة ألسنتها من حذي الشراب المفلفل إياها.
كَأَنَّ السِّبَـاعَ فِيْهِ غَرْقَى عَشِيَّـةً :: بِأَرْجَائِهِ القُصْوَى أَنَابِيْشُ عُنْصُـلِ
الغرقى: جمع غريق مثل مرضى ومريض وجرحى وجريح. 
العشي والعشية: ما بعد الزوال إلى طلوع الفجر وكذلك العشاء.
 الأرجاء: النواحي، الواحد رجا،
مقصور، والتثنية رجوان. 
القصوى والقصيا تأنيث الأقصى: وهو الأبعد: والياء لغة نجد والواو لغة سائر العرب. 
الأنابيش: أصول النبت، سميت بذلك لأنها ينبش عنها، واحدتها أنبوشة. العنصل: البصل البري.
يقول: كأن السباع حين غرقت في سيول هذا المطر عشيًّا أصول البصل البري؛ شبه تلطخها بالطين والماء الكدر بأصول البصل البري؛ لأنها متلطخة بالطين والتراب.