الخميس، 16 يونيو 2011

من العشق ما قتل ؟!


سمعنا جميعا في الأيام الماضية عن الشاب الذي شنق نفسه علي كوبري بالقاهرة وذلك لأنه لم يستطيع الزواج بحبيبته ، فقتله الحب وهذا شاب في سلسلة طويلة تاريخياً قتلهم الحب
فهذا شاب سنة 286 هجري يحكي عنه المبرد النحوي ومات ذلك الشاب وذلك لان احد تلاميذ المبرد كان يضاحكه فقال إن حبيبته ماتت.
 قال المبرد دخلنا يوما على المجانين نزورهم أنا وأصحاب معي بالرقة فإذا فيهم شاب قريب العهد بالمكان عليه ثياب ناعمة فلما بصر بنا  قال حياكم الله ممن أنتم قلنا من أهل العراق فقال بأبي العراق وأهلها أنشدوني أو أنشدكم قال المبرد بل أنشدنا أنت فأنشأ يقول:
الله يعلم أنني كمد * لا أستطيع بث ما أجد
روحان لي روح تضمنها * بلد وأخرى حازها بلد
وأرى المقيمة ليس ينفعها * صبر ولا يقوى لها جلد
وأظن غائبتي كحاضرتي * بمكانها تجد الذي أجد
قال المبرد فقلت والله إن هذا طريف فزدنا منه فأنشأ يقول :
لما أناخوا قبيل الصبح عيرهم * وحملوها فثارت بالهوى الإبل
وأبرزت من خلال السجف ناظرها * ترنو إلي ودمع العين ينهمل
وودعت ببنان عقدها غم * ناديت لا حملت رجلاك بأجمل
ويلي من البين ماذا حل بي وبيهم * من نازل البين حان البين وارتحلوا
يا راحل العيس عجل كي أودعهم * يا راحل العيس في ترحالك الأجل
إني على العهد لم أنقض مودتهم * فليت شعري لطول العهد ما فعلوا ؟
وجوابا علي سؤال الشاب  ليت شعري لطول العهد ما فعلوا ؟ قال احد تلامذة المبرد : ماتوا
فقال الشاب :إذا أموت
فقال تلميذ المبرد : شئت فتمطي
 فقال المبرد : واستند إلى سارية عنده ومات وما برحنا حتى دفناه رحمه الله
وهذا  شاعر مصيبته مصيبة هو احمد بن كليب  مات بسبب عشقه لصبي
 يقول ابن الجوزي (عشق غلاما يقال له أسلم بن أبي الجعد من بني خلد فأنشد فيه أشعارا تحدث الناس بها وكان هذا الشاب أسلم يطلب العلم في مجالس المشايخ فلما بلغه عن ابن كليب ما قال فيه استحى من الناس وانقطع في دارهم وكان لا يجتمع بأحد من الناس فازداد غرام ابن كليب به حتى مرض من ذلك مرضا شديدا بحيث عاده منه الناس ولا يدرون ما به
 وكان في جملة من عاده بعض المشايخ من العلماء فسأله عن مرضه فقال أنتم تعلمون ذلك ومن أي شيء مرضي وفي أي شيء دوائي لو زارني أسلم ونظر إلى نظرة ونظرته نظرة واحدة لبرأت فرأى ذلك العالم من المصلحة أن لو دخل على أسلم وسأله أن يزوره ولو مرة واحدة مختفيا ولم يزل ذلك الرجل العالم بأسلم حتى أجابه إلى زيارته فانطلقا إليه فلما دخلا دربه ومحلته تجتن الغلام واستحى من الدخول عليه وقال للرجل العالم لا أدخل عليه وقد ذكرني ونوه باسمي وهذا مكان ريبة وتهمة وأنا لا أحب أن أدخل مداخل التهم فحرص به الرجل كل الحرص ليدخل عليه فأبى عليه فقال له إنه ميت لا محالة فإذا دخلت عليه أحييته فقال يموت وأنا لا أدخل مدخلا يسخط الله علي ويغضبه وأبى أن يدخل وانصرف راجعا إلى دارهم فدخل الرجل على ابن كليب فذكر له ما كان من أمر أسلم معه وقد كان غلام ابن كليب دخل عليه قبل ذلك وبشره بقدوم معشوقه عليه ففرح بذلك جدا فلما تحقق رجوعه عنه اختلط كلامه واضطرب في نفسه وقال لذلك الرجل الساعي بينهما اسمع يا أبا عبد الله واحفظ عنى ما أقول ثم أنشده
أسلم يا راحة العليل * رفقا على الهائم النحيل
وصلك أشهى إلى فؤادى * من رحمة الخالق الجليل
فقال له الرجل ويحك اتق الله تعالى ما خهذه العظيمة فقال قد كان ما سمعت أو قال القول ما سمعت قال فخرج الرجل من عنده فما توسط الدار حتى سمع الصراخ عليه وسمع صيحة الموت وقد فارق الدنيا على ذلك وهذه زلة شنعاء وعظيمة صلعاء وداهية دهياء ولولا أن هؤلاء الأئمة ذكروها ماذكرتها ولكن فيها عبرة لأولي الألباب وتنبيه لذوي البصائر والعقول أن يسألوا الله رحمته وعافيته وأن يستعيذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن يرزقهم حسن الخاتمة عند الممات إنه كريم جواد )

وهذه قصة عاشق أيام فتح مكة في غزوة بني جذيمة 
عشق امرأة اسمها سلمي ،قد صححها الإمام ابن حجر في فتح الباري ولا أعلم تصحيح أحد العلماء المعاصرين لها ولكن صححها ابن حجر كما قلت والله أعلم .
 فقد اخرج النسائي في الكبرى والبيهقي في الدلائل من حديث بن عباس .... (وقال فيها(إي الرجل العاشق) فقال إني لست منهم أني عشقت امرأة منهم فدعوني أنظر إليها نظرة قال فيه فضربوا عنقه فجاءت المرأة فوقعت عليه فشهقت شهقة أو شهقتين ثم ماتت )
فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال:( أما كان فيكم رجل رحيم)
وأخرجه البيهقي من طريق بن عاصم عن أبيه نحو هذه القصة وقال في آخرها (فانحدرت إليه من هودجها فحنت عليه حتى ماتت )
ولهذا العاشق شعر قبيل قتله :
أريتك إذ طالبتكم فوجدتكم     بحلية أو ألفيتكم بالخوانق

ألم يك أهلا أن ينول عاشق   تكلف إدلاج السرى والودائق

فلا ذنب لي قد قلت إذ أهلنا معا    أثيبي بود قبل إحدى الصفائق

أثيبي بود قبل أن تشحط النوى  وينأى الأمير بالحبيب المفارق

فإني لا ضيعت سر أمانة   ولا راق عيني عنك بعدك رائق

سوى أن ما نال العشيرة شاغل   عن الود إلا أن يكون التوامق
ملاحظة : قال ابن هشام : وأكثر أهل العلم بالشعر ينكر البيتين الآخرين

والدلائل للبيهقي 
المراجع : البداية والنهاية للعلامة ابن كثير وفتح الباري للعلامة ابن حجر وسيرة ابن هشام والعقد الفريد لابن عبد ربه _ 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق