الخميس، 16 يونيو 2011

صوت صفير البلبل والأصمعي إذا ثبتت فالتثبت جمع المخنث السالم


لا يوجد في العربية جمع مخنث سالم ولكن مثقفي العصر يجب ان يُذكروا بهذا الجمع إلا من رحم ربك فكثيراً من شباب العصر يفرح بتلك القصيدة المخنثة التي تنسب للأصمعي وهو منها براء ، بل وجدت بعض الناس الطيبين ينشرونها  بلا علم علي كثيرا من الناس ،وذلك اغترار بأحد المشايخ في احد الدول قالها في شريط له ، وتلك القصيدة أكثر كلماتها لا علاقة لها باللغة العربية بتاتا ،والأصمعي لم ترى عينه أبو جعفر المنصور ،

قصة القصيدة المكذوبة:

يحكى بأن الأصمعي سمع بأن الشعراء قد ضيق من قبل الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور فهو يحفظ كل قصيدة
يقولونها ويدعي بأنه سمعها من قبل فبعد أن ينتهي الشاعر من قول القصيدة يقوم الأمير بسرد القصيدة إليه ويقول له لا بل حتى الغلام عندي يحفظها فيأتي الغلام( الغلام كان يحفظ الشعر بعد تكراره القصيدة مرتين ) فيسرد القصيدة مرة أخرى ويقول الأمير ليس الأمر كذلك فحسب بل إن عندي جارية هي تحفظها أيضاً ( .والجارية تحفظه بعد المرة الثالثة ) ويعمل هذا مع كل الشعراء.
فأصيب الشعراء بالخيبة والإحباط ، حيث أنه كان يتوجب على الأمير دفع مبلغ من المال لكل قصيدة لم يسمعها ويكون مقابل ما كتبت عليه ذهباً. فسمع الأصمعي بذلك فقال ان بالأمر مكر. فأعد قصيدة منوعة الكلمات وغريبة المعاني . فلبس لبس الأعراب وتنكر
حيث أنه كان معروفاً لدى الأمير. فدخل على الأمير وقال إن لدي قصيدة أود أن ألقيها عليك ولا أعتقد أنك سمعتها من قبل. فقال له الأمير هات ما عندك ، فقال ألقصيده..

صـوت صــفير الـبلبـلي *** هيج قـــلبي الثمــلي

المـــــــاء والزهر معا *** مــــع زهرِ لحظِ المٌقَلي

و أنت يا ســـــــــيدَ لي *** وســــــيدي ومولي لي

فكــــــــم فكــــم تيمني *** غُـــزَيلٌ عقــــــــــيقَلي

قطَّفتَه من وجــــــــــنَةٍ *** من لثم ورد الخــــجلي

فـــــــقال لا لا لا لا لا *** وقــــــــد غدا مهرولي

والخُـــــوذ مالت طربا *** من فعل هـــذا الرجلي

فــــــــولولت وولولت *** ولـــــي ولي يا ويل لي

فقلت لا تولولـــــــــي *** وبيني اللؤلؤ لــــــــــي

قالت له حين كـــــــذا *** انهض وجــــــد بالنقلي

وفتية سقــــــــــــونني *** قـــــــــهوة كالعسل لي

شممـــــــــــتها بأنافي *** أزكـــــــى من القرنفلي

في وســط بستان حلي *** بالزهر والســـــرور لي

والعـــود دندن دنا لي *** والطبل طبطب طب لـي

طب طبطب طب طبطب *** طب طبطب طبطب طب لي

والسقف سق سق سق لي *** والرقص قد طاب لي

شـوى شـوى وشــــاهش *** على ورق ســـفرجلي

وغرد القمري يصـــــيح *** ملل فـــــــــــي مللي

ولــــــــــــو تراني راكبا *** علــــى **** اهزلي

يمشي علــــــــــــى ثلاثة *** كمـــــشية العرنجلي

والناس ترجــــــــم جملي *** في الســوق بالقلقللي

والكـــــــــل كعكع كعِكَع *** خلفي ومـــن حويللي

لكـــــــــــن مشيت هاربا *** من خشـــية العقنقلي

إلى لقاء مــــــــــــــــلك *** مــــــــــعظم مبجلي

يأمر لي بخـــــــــــــلعة *** حمـــراء كالدم دملي

اجــــــــــــر فيها ماشيا *** مبغــــــــــددا للذيلي

انا الأديب الألمــعي من *** حي ارض الموصلي

نظمت قطــــعا زخرفت *** يعجز عنها الأدبو لي

أقول في مطلعــــــــــها *** صوت صفير البلبلي


هنا تعجب الخليفة ولم يستطع حفظها لأن فيها أحرف مكررة فقال: والله ما سمعت بها من قبل. أحضروا الغلام، فأحضروه؛ فقال: والله ما سمعتها من قبل. قال الخليفة: أحضروا الجارية، فقالت: والله ما سمعت بها من قبل........ فقال الخليفة: إذاً أحضر ما كتبت عليه قصيدتك لنزينها ونعطيك وزنها ذهباً. فقال الأصمعي: لقد ورثت لوح رخامٍ عن أبي لا يحمله إلى أربعة من جنودك. فأمر الخليفة بإحضاره، فأخذ بوزنه كل مال الخزنة فعندما أراد الأصمعي المغادرة قال الوزير: أوقفه يا أمير المؤمنين والله ما هو إلى الأصمعي. فقال الخليفة: أزل اللثام عن وجهك يا أعرابي. فأزال اللثام فإذا هو الأصمعي، فقال: أتفعل هذا معي، أعد المال إلى الخزنة. فقال الأصمعي: لا أُعيده إلا بشرط أن ترجع للشعراء مكافئاتهم.. فقال الخليفة: نعم،،،، فأعاد الأصمعي الأموال وأعاد الخليفة المكافئات.

قلت :يا تُرى هل تلك القصيدة ذُكرت في كتب الأدب القديم ؟!
لا فقد ذكرت في كتاب (إعلام الناس بما وقع للبرامكة مع بني العباس) ، لمحمد دياب الإتليدي المنوفي المصري المتوفي1100هـ  اى بعد حوالي 950 سنة علي حدوثها ،ولم يذكرها من المتقدمين أحد ،وكتاب (مجاني الأدب من حدائق العرب) ، للويس شيخو المتوفي 1346هـ ، وهو رجل متّهم ظنين ، ويكفي أنه بني أكثر كتبه على أساس فاسد - والتعبير لعمر فرّوخ المتوفي 1408هــ

أسباب كذب القصة:

1-إن صلة الأصمعي كانت بهارون الرشيد لا بأبي جعفر المنصور الذي توفي قبل أن ينبغ الأصمعي ، ويُتّخذ نديماً وجليساً ، ثم إن المنصور كان يلقّب بالدوانيقي ، لشدة حرصه على أموال الدولة ، وهذا مخالف لما جاء في القصة ، ثم إن كان المنصور على هذا القدر العجيب من العبقريّة في الحفظ ، فكيف أهمل المؤرخون والمترجمون الإشارة إليها ؟

2-غير أن هذه القصة بخاصة تحمل بنفسها تُهَم وضعها ، وكذلك النظم ، وليس هذا بخاف عن اللبيب بل عمّن يملك أدنى مقوّمات العربية  ،وكيف أن الأصمعي شيخ اللغة والأدب يسقط فيكتب بأخطاء لغوية !

3-يقول الأستاذ عمر فرّوخ :إن مثل هذا الهذر السقيم لا يجوز أن يُروى ، ومن العقوق للأدب وللعلم وللفضيلة أن تؤلف الكتب لتذكر أمثال هذا النظم ا.هـ

4-يقول الدكتور عبد الله بن سليمان الرشيد :شاع بين نابتة هذا العصر قصيدة متهافتة المبنى والمعنى ، منسوبة للأصمعي ، صنعت لها قصة أكثر تهافتاً .... أضف إلى ذلك أن هذا النظم الركيك أبعد ما يكون عن الأصمعي وجلالة قدره. آهـ

5-ابو جعفر المنصور لم تقع عينه على الأصمعي ولم يسمع باسمه .. فالأصمعي لم يظهر إلا عن طريق " الفضل بن ربيع" حاجب هارون الرشيد الذي سعى لتقديمه إلى الرشيد فأحبه وقربه منه.

6-قافية هذه القصيدة مجرورة . فبالله عليكم كيف ان الأصمعي يجر كلمة الثمل ( هيّج قلبى الثمل ) على اي أساس يا ترى ؟ إنها صفة لمفعول به أو هى فاعل اذا اعتبرناها مصدرا , فكيف يجرها شيخ مدرسة البصرة !

7-؟؟؟ كذلك( يعجز عنها الأدب لى ) ما معنى الأدب لى ؟

8-هذا الكلام الفارغ من بحر الرجز ( مستفعلن ) فما رأيك ( قال لا لا لا لا ) مكسور كسرا بينا وكذلك ( فقالت لا تولولى ) .. فهل تصدق ان يقف اي إنسان أمام الخليفة ليقول له كلاما بدون معنى مع أخطاء في النحو والوزن , وهل تصدق أن الخليفة لم يكن سيأمر بقطع رأسه على الفور ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق