الأربعاء، 15 يونيو 2011

ابن حميدو بين البطولة والاستهزاء


الناظر في تاريخ الامم الغربية ينبهر ببحث تلك الامم عن شخصيات لها اي موقف بطولي فيمجدوا ذلك الشخص وينسجوا حوله كثيرا من الكذب والخيال ليصنعو له البطولة ، اما نحن فلا نملك الا ان نجلد عظمائنا بل تعدى الحد الي الاستهزاء بهم وأقرب مثال لذلك اعلانات احدي شركات الجوال حول صلاح الدين والعباس بن فرناس ،فهو استهزاء واضح لتاريخنا ... وفي سنة1957 تم أنتاج فيلم وهو فصل من فصول الاستهزاء بالرموز وهوفيلم ابن حميدو ، ونحن الان عندما يذكر اسم حميدو كلنا نتذكر ذلك الفيلم الكوميدي لاسماعيل ياسين واحمد رمزي .. ولكن الذي لانعلمه ان حميدو هذا الذي جعلوه صياد كوميدي هو بطل من أبطال الاسلام في الجزائر الحبيب ،ونحن للأسف منغلقين في معرفة التاريخ علي تواريخ دولنا فقط ولانطلع علي تاريخ الاخر ! مع ان الاخر هذا جزء لايتجزاء من تأريخنا 

من هو الريس حميدو ؟

هو بحار مجاهد من أبطال هذه الأمة العريقة هو محمد بن علي الملقب بحميدو . ولد في حي القصبة ( الجزائر العاصمة ) سنة 1770، وقيل ( 1773م ) ،كان أبوه خياطا بسيطا ومعروفا عند أهل القصبة ، وهو من عائلة جزائرية تعود جذورها إلى مدينة يسر . ويسر هي عاصمة إمارة الثعالبة في القرن الرابع عشر الميلادي ، والثعالبة قبيلة عربية تعود في نسبها إلى بني ثعلبة بن بكر بن وائل إحدى قبائل ربيعة بن نزار 
في سن الخامسة و العشرين أصبح حميدو رايس وترقى من بحّار إلى ضابط ، ثم إلى أمير للبحر وأصبح يقود أسطولا في مياه مرسى وهران كان صعود الرايس حميدو وتسيّده على إمارة البحرية الجزائرية يتوافق مع قيام الثورة الفرنسية ومجيء نابليون للحكم ، وما أعقبه من فوضى عارمة في أوروبا ، تمكن خلالها الرايس حميدو من انتهاز هذه الفرصة لتقوية الأسطول الجزائري 
في إحدى معاركه البحرية استطاع أن يستولي على واحدة من أكبر سفن الأسطول البرتغالي وهي سفينة «البورتقيزية» المزودة بـ 44 مدفعا وعلى متنها 282 بحارا.... ثم أضاف إليها سفينة أميركية هي «أمريكانا» ، هذا بالإضافة إلى سفينته الخاصة ، وأصبح أسطوله الخاص هذه السفن الثلاث ، ومن أربعة وأربعين مدفعا فرضت سيادتها على البحر لأكثر من ربع قرن

ضرائب الدول الأوروبية للجزائر

كانت الدول الأوربية تدفع ضرائب للجزائر في عهد رياس البحر، وأورد المؤرخ الفرنسي ليون فالبير قائمة بالمبالغ التي كانت تدفعها دول أوروبا إلى الجزائر لحماية سفنها في البحر المتوسط على النحو التالي :
مملكة الصقليتين : تدفع مبلغ 44 ألف بياستير سنويا منها 24 ألفا نقدا والباقي في شكل بضائع .
مملكة توسكانيا الإيطالية : تدفع 23 ألف بياستير كلما جددت قنصلها بالجزائر .
مملكة سردينيا الايطالية : تدفع مبلغا كبيرا من المال كلما جددت قنصلها بالجزائر .
البرتغال : تدفع مبلغ 44 ألف بياستير سنويا .
إسبانيا : تدفع مبالغ مالية كلما جددت قنصلها .
النمسا : تدفع هدايا دورية مباشرة وعن طريق الدولة العثمانية .
إنجلترا : تدفع 600 جنيه إسترليني كلما جددت قنصلها .
هولندا : تدفع 600 جنيه إسترليني .
أمريكا : تدفع 600 جنيه إسترليني، ثم ارتفعت إلى 62 ألف دولار .
مملكتا هانوفر وبريم الألمانيتان : تدفعان مبالغ مالية كبيرة كلما جددتا قناصلها .
السويد والدانمرك : تدفعان مبالغ مالية كبيرة سنوية في شكل مواد حربية قيمتها 400 بياستير 
.
الحرب مع امريكا

في زمن قيادته للبحرية الجزائرية فرض الرايس حميدو ضريبة على الولايات المتحدة. فبعد أن نالت أميركا استقلالها عن بريطانيا بدأت السفن الأميركية ترفع أعلامها لأول مرة اعتبارا من سنة 1783م، وأخذت تجوب البحار والمحيطات.
 وقد تعرض البحارة الجزائريون لسفن الولايات المتحدة، فاستولوا في يوليو 1785م على إحدى سفنها في مياه ( قادش ) ، بعد ذلك استولوا على إحدى عشرة سفينة أخرى تابعة للولايات المتحدة الأميركية وساقوها إلى السواحل الجزائرية .
نظرا ولحداثة استقلال الولايات المتحدة ولعدم امتلاكها قوة بحرية رادعة ، فقد كانت عاجزة عن استرداد سفنها بالقوة العسكرية ، لذا فقد اضطرت إلى الصلح وتوقيع معاهدة مع الجزائر في 5 سبتمبر 1795م ، تدفع بموجبها واشنطن مبلغ ( 62 ألف دولار ذهبا ) للجزائر لقاء حرية المرور والحماية لسفنها في البحر المتوسط ، وتضمنت هذه المعاهدة 22 مادة مكتوبة باللغة التركية .تعد هذه الوثيقة من الوثائق النادرة والفريدة ، فهي تعد المعاهدة الوحيدة التي كتبت بلغة غير الإنكليزية التي وقعت عليها الولايات المتحدة الأميركية منذ تأسيسها حتى اليوم ، وفي الوقت نفسه تعد هي المعاهدة الوحيدة التي تعهدت فيها الولايات المتحدة بدفع ضريبة سنوية لدولة أجنبية ، وبمقتضاها استردت الولايات المتحدة أسراها ، وضمنت عدم تعرض البحارة الجزائريين لسفنها
 . 
عندما جاء الرئيس جيفرسون إلى الحكم رفض دفع الضريبة المقررة ، لذا فقد قامت البحرية الجزائرية بالرد والاستيلاء على السفن الأميركية العابرة للبحر المتوسطعلى اثر ذلك أرسلت الولايات المتحدة الأميركية قطعة بحرية إلى البحر المتوسط لأجل الانتقام للهجمات التي تعرضت لها سفنها في سنة 1812، وكانت هذه القطعة بقيادة ( كومودور دوكاتور ) ، وكان من المهام المكلف بها هذا القائد إجبار الجزائريين على تقديم اعتذار للولايات المتحدة واسترجاع الأسرى الأميركيين وإنهاء دفع الضريبة المفروضة على السفن الأميركية في البحر المتوسط والسماح لها بحقوق الزيارةمن أجل ذلك أرسل الرئيس الأميركي بعض سفنه للقضاء على الرايس الكبير، ونشبت معركة كبرى بين قطع الأسطول الأميركي تسانده بعض قطع الأسطول البرتغالي على قول بعض المصادر ضد الأسطول الإسلامي . وبالرغم من تفوق السفن الجزائرية ، فإن قذيفة مدفع قوية أصابت الرايس حميدو مما أدى إلى مصرعه . وكان ذلك في يوم ( 16 يونيو 1815) ، وأمّ حاكم البلاد حينها الداي ( عمر باشا ) شخصيا صلاة الغائب التي أداها الجزائريون على روح بطلهم الرايس حميدو، وأعلن الحداد في كل أنحاء الجزائر لمدة ثلاثة أيام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق