الأربعاء، 15 يونيو 2011

بانياس والسابق شاهين ( سورية بلد الأبطال )


خلال اليومين السابقين سمعنا كثير عن مدينة بانياس السورية وظهرت صورة المدينة خصوصا بعد حصار الأمن السوري لها وتطايرت الأخبار عن منع الجرحِ من النقل للعلاج ، وأيضا ما تناقلته وكالات الأنباء عن مصرع عسكريين في كمين بـ بانياس ! وبانياس تلك المدينة لها تاريخ عظيم في الجهاد خصوصا ضد الصليبين ومنها العظماء كالسابق شاهين ، والعالم الرباني الفندلاوي

مدينة بانياس تاريخيا :

بانياس تقع شمال مدينة طرطوس وهي (غير بانياس الجولان ) وهي علي البحر المتوسط وهي مدينة قديمة من أيام الكنعانيين ، كانت تابعة لمملكة أرواد أرادوس ،وعرفت في العصر الروماني باسم بالانيا ثم بُلنياس أي الحمامات  ومنه اشتق اسمها الحالي أي بانياس وهي مدينة تشتهر ببساتينها الزراعية الملاصقة للبحر وكثرة ينابيعها .
وتلك المدينة كانت محور أساسي للصراع أثناء الحروب الصليبية ،حتى جاء نور الدين محمود رحمه الله وقضي علي الوجود الصليبي في  بانياس ، ثم بعد فترة عاد الغزو الصليبي لـ بانياس ثم فتحها السلطان المنصور سيف الدين قلاوون ملك مصر والمشرق العربي في ذلك الوقت سنة684 هـ .

أعلام بانياس (مرعب الإفرنج السابق شاهين) :

قال الذهبي في (معجم شيوخه): سمعت محمد بن علي بن سليمان الرقي ( ت 707 هـ ) يقول مضيت إلى بانياس أيام الناصر يوسف، وكان واليها ابن برق، فأكرمني، فقلت : أريد أتفرّج - وكان الفرنجة إذ ذاك يتخطفون الناس لانحلال الدولة – فقال : نبعث معك جماعة، فبعث معي جماعة، فركبت فرساً وخرجت معهم، فتقدموا قدامي وبقي يسايرني رجل منهم، فأجريت ذكر الفرنج وقلت : عندكم هذا " السابق شاهين "؟ بلغني أنه ينكي في الفرنج، إيش هو هذا ؟ فقال : أنا السابق ! فعجبت من ذلك، فحدّثني أشياء جرت له، قال :
كان إفرنجي يؤذي الناس، فكمنتُ له مرة في مضيق عند باب بيروت، فمرّ بي على حصان، فطفرت(!) صرت خلفه وقمطته بيدي، فهمز فرسه وكان على تلٍّ عالٍ تحته البحر، فطفق بنا الحصان إلى البحر، فقتلته في الماء وخرجت بالحصان وجئتُ به .
ومرة احتجنا إلى خبز أنا وأصحابي وطلعتُ إلى قرية بعد المغرب، فدخلتُ بيتاً وإذا صبي في سرير فأجليتُ خلفه، فلما ذهب هويّ من الليل بكى الصغير وألحّ، فقالت أمه : ( يا سابق شاهين خذه ! ) تفزعه بذلك، فقلتُ في الحال : هاتيه ! فارتعدت وكادت يُغشى عليها، فقلت : أريد خبزاً، فقامت وأحضرت خبزاً كثيراً ومواكيل وقالت : يا سيدي، أنا أكون أبعث لكم وأنت لا تجيء ! اهـ .
والبطل السابق شاهين هذا كان غلام لـــ للملك بيبرس ، وقتله الصليبيون فقد ذكره النويري  في " نهاية الأرب في فنون الأدب " حيث قال: وفي شهر رمضان ( سنة 665 هـ ) وصل رسل صور وسألوا استمرار الهدنة فقال السلطان : " أنا ما فعلت ما فعلت إلا لأنكم قتلتم السابق شاهين غلامي ، وإذا قمتم بديته استمرت الهدنة  وأحضر أولاد السابق شاهين فقرر ديته خمسة ألف دينار صورية ، أحضر الرسل نصفها وجماعة من المغاربة واستمهلوا بالبقية، وقال السلطان : " تبنين وهدنين وبلادهما بلاد أخذتهما بسيفي فصارت للإسلام فاستقرت للمسلمين " . وأُجيبوا إلى الصلح وكتبت الهدنة لمدة عشر سنين . اهــ 
ـ
علماء من بانياس استُشهدوا في الحروب الصليبية :

ومنها الإمام أبو الحجاج ، يوسف بن دوناس المغربي الفندلاوي المالكي ، خطيب بانياس ، ثم مدرس المالكية بدمشق ، قال عنه ابن عساكر في تاريخ دمشق :
كان حسن المفاكهة ، حلو المحاضرة ، شديد التعصب لمذهب أهل السنة ، كريما ، مُطرحا للتكلف ، قوي القلب ،  ، وكان يخطب ليلة الختم في رمضان رجل  في حلقة الفندلاوي وعنده أبو الحسن بن المسلم الفقيه ، فرماهم واحد بحجر ، فلم يعرف ، فقال الفندلاوي : اللهم اقطع يده . فما مضى إلا يسير حتى أخذ خضير من حلقة الحنابلة ، ووجد في صندوقه مفاتيح كثيرة للسرقة ، فأمر شمس الملوك بقطع يديه ، فمات من قطعهما .
قتل الفندلاوي وزاهد دمشق عبد الرحمن الحلحولي يوم السبت في ربيع الأول سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة بالنيرب في حرب الفرنج ودفنا في دمشق فقبر الفندلاوي بظاهر باب الصغير ، وقبر الحلحولي بالجبل - رحمهما الله 

المراجع :كتاب تاريخ دمشق لابن عساكر _ معجم  الذهبي _ المماليك البحرية مقال للرأي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق