الخميس، 16 يونيو 2011

قصة إسلام عمر بن الخطاب التي أشتهرت مع ضعفها وتبيين القصة الصحيحة



أولا :القصة الضعيفة المنتشرة

أخرج البيهقي في «الدلائل» وابن سعد في «الطبقات الكبرى» ، والدارقطني في «السنن» مختصرًا ، والطبراني في «الأوسط» ح مختصرًا بأسانيدهم :
عن أنس رضي الله عنه قال : خرج عمر متقلدا بالسيف فلقيه رجل من بني زهرة فقال له : أين تغدو يا عمر ؟ قال: أريد أن أقتل محمدا . قال : وكيف تأمن بني هاشم وبني زهرة ؟ فقال له عمر : ما أراك إلا قد صبأت وتركت دينك ! قال: أفلا أدلك على العجب ؟! إن أختك وختنك قد صبآ وتركا دينك، فمشى عمرا زائرا حتى أتاهما ، وعندهما خباب ، فلما سمع خباب بحس عمر ، توارى في البيت، فدخل عليهما فقال : ما هذه الهينمة التي سمعتها عندكم وكانوا يقرأون {طه} فقالا : ما عدا حديثا تحدثنا به. قال : فلعلكما قد صبأتما . فقال له ختنه : يا عمر ، إن كان الحق في غير دينك ؟ فوثب عمر على ختنه فوطئه وطأ شديدا : فجاءت أخته لتدفعه عن زوجها ، فنفخها نفخة بيده فدمى وجهها . فقال عمر : أعطوني الكتاب الذي هو عندكم فأقرأه ، فقالت أخته : إنك رجس وإنه (لا يمسه إلا المطهرون) (الواقعة، آية 79) فقم فتوضأ ، فقام فتوضأ ثم أخذ الكتاب فقرأ {طه} حتى انتهى إلى { أنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري} فقال عمر : دلوني على محمد ، فلما سمع خباب قول عمر ، خرج من البيت فقال: أبشر يا عمر، فإني أرجو أن تكون دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم لك - ليلة الخميس - "اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب، أو بعمر بن هشام" فخرج حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم .اه
قلت: وتوجد عدة روايات لتلك القصة اخترت منها تلك الرواية  ,ولقد صح حديث حول اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب، أو بعمر بن هشام وفي رواية بأحب الرجلين إليك وهذا  يعني صحة الدعاء من النبي بأٍسانيد أخري فقط وليست صحة تلك القصة المكذوبة
 ضعف القصة الحافظ ابن كثير في «اختصار علوم الحديث»   وكذلك الحافظ بن حجر في الإصابة، وحكم الإمام الذهبي على قصة إسلام عمر بأنها منكرة جدًا  في السير ،والشيخ علي حشيش في تحذير الداعية من القصص الواهية .

البدائل الصحيحة في إسلام عمر بن الخطاب

قال البخاري باب: إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وأورد فيه عدة أحاديث :

ح (3650)عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر.

ح(3651)عن عبد الله بن عمر، عن أبيه قال: بينما هو في الدار خائفا، إذ جاءه العاص بن وائل السهمي أبو عمرو، عليه حلة حبرة وقميص مكفوف بحرير، وهو من بني سهم، وهم حلفاؤنا في الجاهلية، فقال له: ما بالك؟ قال: زعم قومك أنهم سيقتلونني إن أسلمت، قال: لا سبيل إليك، بعد أن قالها أمنت، فخرج العاص فلقي الناس قد سال بهم الوادي، فقال: أين تريدون؟ فقالوا: نريد هذا ابن الخطاب الذي صبأ، قال: لا سبيل إليه، فكر الناس.

ح(3652)قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: لما أسلم عمر، اجتمع الناس عند داره، وقالوا: صبأ عمر، وأنا غلام فوق ظهر بيتي، فجاء رجل عليه قباء من ديباج، فقال: قد صبأ عمر، فما ذاك؟ فأنا له جار، قال: فرأيت الناس تصدعوا عنه، فلت: من هذا؟ قالوا: العاص بن وائل.

ح(3653)سمعت سعيد بن زيد يقول للقوم: لو رأيتني موثقي عمر على الإسلام، أنا وأخته، وما أسلم، ولو أن أحدا انقض لما صنعتم بعثمان، لكان محقوقا أن ينقض.

واخرج ابن إسحاق والحاكم في المستدرك: قال ابن إسحاق وحدثني نافع مولى ابن عمر عن ابن عمر قال لما أسلم عمر قال أي قريش أنقل للحديث ؟ فقيل له جميل بن معمر الجمحي فغدا عليه، قال عبد الله وغدوت أتبع أثره، وأنظر ما يفعل وأنا غلام أعقل كل ما رأيت، حتى جاءه فقال له أعلمت يا جميل أني أسلمت ودخلت في دين محمد ؟ قال فوالله، ما راجعه حتى قام يجر رداءه، واتبعه عمر، واتبعته أنا، حتى إذا قام على باب المسجد صرخ بأعلى صوته يا معشر قريش، وهم في أنديتهم حول الكعبة، ألا إن ابن الخطاب قد صبا، قال يقول عمر من خلفه كذب، ولكني قد أسلمت، وشهدتُّ أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وثاروا إليه فما برح يقاتلهم ويقاتلونه حتى قامت الشمس على رؤوسهم، قال وطلع فقعد، وقاموا على رأسه وهو يقول افعلوا ما بدا لكم، فأحلف بالله أن لو قد كنا ثلاثمائة رجل لقد تركناها لكم، أو تركتموها لنا قال فبينما هم على ذلك، إذ أقبل شيخ من قريش عليه حُلَّةٌ حَبِرَةٌ وقميصُ مُوَشّى حتى وقف عليهم، فقال ما شأنكم ؟ فقالوا صبأ عمر، قال فمه، رجل اختار لنفسه أمرًا، فماذا تريدون ؟ أترون بني عدي يسلمون لكم صاحبكم هكذا ؟ خلوا عن الرجل قال فوالله لكأنما كانوا ثوبًا كشط عنه، قال فقلت لأبي بعد أن هاجر إلى المدينة يا أبت من الرجل الذي زجر القوم عنك بمكة يوم أسلمت وهم يقاتلونك ؟ قال ذاك أي بني، العاص بن وائل السهمي» 
قال ابن كثير «وهذا إسناد جيد قوي» وقال الحاكم : «صحيح على شرط مسلم» ووافقه الذهبي ،وحسن إسنادها الإمام الألباني في صحيح موارد الظمآن (2181) وحسنها أيضا الشيخ مصطفى العدوي في الصحيح المسند من فضائل الصحابة (82-83) ،والشيخ علي حشيش فى تحذير الداعية
ملاحظة: يجب الالتزام بما صح من الاثار وترك الضعيف حتي لو تشابهت الرواية فى بعض الاجزاء وتحذير العام والخاص علي ضعف الضعيف ،ونشر الصحيح.


المراجع : صحيح البخاري ،والبداية والنهاية ،وسير اعلام النبلاء للذهبي ،ومستدرك الحاكم بتحقيق علامة اليمن مقبل بن هادي الوادعي ، وسيرة ابن اسحاق ،وطبقات ابن سعد ،وفقه السيرة،والصحيح المسند من فضائل الصحابة للشيخ العدوي،وتحذير الداعية 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق