الأربعاء، 20 نوفمبر 2019

وكان ذو الرُّمَّة يُشَبِّب بخرقاء أيضاً، وهي من بني البكاء بن عامر بن صعصعة. وسبب تشبيبه بها أنه مر في سفر ببعض البوادي فإذا خرقاء خارجة من خباء، فنظر إليها فوقعت في قلبه، فخرق إداوته ودنا منها يستطعم كلامها، فقال: إني رجل على ظهر سفر وقد تخرقت إداوتي فأصلحيها لي، فقالت: والله ما أحسن العمل وإني لخرقاء - والخرقاء: التي لا تعمل شيئاً لكرامتها على أهلها - فشبب بها ذو الرمة، وسماها خرقاء، وإياها عني بقوله:
وما شَنَّتا خرقاء واهية الكُلَى ... سقَى بهما ساقٍ فلم يتَبَلَّلا
بأضْيَعَ من عينَيْكَ للدمعِ كلما ... تذكَّرْتَ ربْعاً أو توهمت منزلا
وقال المفضل الضبي: كنت أنزل على بعض الأعراب إِذا حججت، فقال لي: هل لك في أن أريك خرقاء صاحبة ذي الرمة؟ فقلت: إن فعلت فقد بررتني، فتوجهنا جميعاً نريدها، فعدل بنا الطريق بقدر ميل، ثمَّ أتينا أبيات شَعَر، فاستفتح بيتاً ففتح له، وخرجت علينا امرأة طويلة حُسَّانة بها فوه. والحُسَّانة أشد حسناً من الحسناء، فسلمت وجلست، فتحدثنا ساعة ثمَّ قالت: هل حججت قد؟ قلت: غير مرة، قالت: فما منعك من زيارتي؟ أما علمت أني مَسْنَك من مناسك الحج؟ قلت: وكيف ذاك؟ قالت: أما سمعت قول عمك ذي الرُّمَّة حيث يقول:
تمامُ الحجِّ أن تقف المطَايا ... على خَرْقاءَ واضعَةَ اللثامِ



&لكتاب : معاهد التنصيص على شواهد التلخيص
المؤلف : العباسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق