الاثنين، 9 مارس 2020

موقف عمر مع السنة

عَنْ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَوْسٍ الثَّقَفِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَنِ الْمَرْأَةِ، تَطُوفُ بِالْبَيْتِ ثُمَّ تَحِيضُ، قَالَ: " لِيَكُنْ آخِرَ عَهْدِهَا الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ "، فَقَالَ الْحَارِثُ: كَذَلِكَ أَفْتَانِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ عُمَرُ: " أَرَبْتَ (1) عَنْ يَدَيْكَ، سَأَلْتَنِي عَنْ شَيْءٍ سَأَلْتُ عَنْهُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَكِنِّي مَا أُخَالِفُ " (2)

المسند (15440) وغيره صححه شعيب والوادعي في الصحيح المسند 

وفي هذا الحديثِ يقولُ الحارِثُ بنُ عبدِ اللهِ رَضِي اللهُ عَنه "أتيتُ عُمرَ بنَ الخطَّابِ، فسَألتُه عن المرأةِ تَطوفُ بالبيتِ يومَ النَّحرِ"، أي: تَطوفُ طوافَ الإفاضةِ، "ثمَّ تَحيضُ"، أي: ثمَّ يَأتيها الحيضُ فيَرفَعُ طَهارتَها، فقال له عُمرُ رَضِي اللهُ عَنه: "لِيَكُنْ آخِرُ عَهدِها بالبيتِ"، أي: يَكونُ آخِرُ مَناسِكِها طَوافَ الوَداعِ، فقال الحارثُ: "كذلك أَفْتاني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم"، أي: إنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم قال بمِثْلِ ما قُلتُ، فقال عُمرُ: "أَرِبْتَ عن يدَيْك"، وهو دُعاءٌ علَيه بأن تَسقُطَ عنه أعضاؤُه، وليس المرادُ حَقيقةَ الدُّعاءِ، ولكنَّ هذا مِن عادةِ العرَبِ واستَعمَله لِزَجرِه، "سأَلْتَني عن شيءٍ سأَلْتُ عنه رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم؛ لكَيْ ما أُخالِفَ!"، أي: تُريدُني أن أُخالِفَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم!
قيل: إنَّ هذا على سَبيلِ الاختِيارِ إذا كان للحائِضِ سَعَةٌ مِن الوقتِ، أمَّا إذا أعجَلَها المسيرُ كان لها أن تَنفِرَ مِن غيرِ أن تَطوفَ طَوافَ الوَداعِ.

وقد نسخ هذا الحديث بما روي عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الرخصة لهن في ترك الطواف، وذلك من حديث ابن عباس، وقد سلف برقم (1990) ، ومن حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب، وقد سلف برقم (5765) .
قال السندي: قوله: لكني ما أخالف، أي: قصدت أن أخالِفَ، لكني ما خالفتُ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق