الجمعة، 1 مايو 2020

كانت ملوكٌ بعد عيسى ابنِ مريمَ - عليه الصلاة والسلام - بدَّلوا التوراةَ والإنجيلَ، وكان فيهم مؤمنون يقرءون التوراةَ، قيل لملوكهم : ما نجد شتمًا أشدَّ من شتمِ يشتمونا هؤلاءِ ! إنهم يقرءون : {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُون}، وهؤلاء مع ما يعيبونا به في أعمالنا في قراءتهم، فادعُهم فليقرءوا كما نقرأُ، وليؤمنوا كما آمنا، فدعاهم، فجمعهم، وعرض عليهم القتلَ، أو يتركوا قراءةَ التوراةِ والإنجيلِ، إلا ما بدَّلوا منها، فقالوا : ما تريدون إلى ذلك ؟ دعونا ! فقالتْ طائفةٌ منهم : ابنوا لنا أسطوانةً، ثم ارفعونا إليها، ثم أعطونا شيئًا نرفع به طعامَنا وشرابَنا، فلا نردُّ عليكم، وقالت طائفةٌ منهم : دعونا نسيحُ في الأرض، ونهيم ونشرب كما يشرب الوحشُ، فإن قدرتم علينا في أرضِكم، فاقتلونا، وقالت طائفةٌ منهم : ابنوا لنا دورًا في الفيافي، ونحتفر الآبارَ، ونحترثُ البقولَ، فلا نرِدُ عليكم ولا نمرُّ بكم، وليس أحدٌ من القبائل إلا وله حميمٌ فيهم، قال : ففعلوا ذلك، فأنزل اللهُ عز وجل : { وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ }، والآخرون قالوا : نتعبَّد كما تعبد فلانٌ، ونسيح كما ساح فلانٌ، ونتخذ دورًا كما اتخذ فلان، وهم على شركهم، لا علم لهم بإيمان الذين اقتدوا به، فلما بعث اللهُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ولم يبق منهم إلا قليلٌ، انحطَّ رجلٌ من صومعته وجاء سائحٌ من سياحته، وصاحبِ الديرِ من ديره، فآمنوا به وصدقوه، فقال الله تبارك وتعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ} أجرين بإيمانهم بعيسى وبالتوراة والإنجيلِ، وبإيمانهم بمحمدٍ وتصديقهم قال : { وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ } القرآنُ، واتباعهم النبيَّ قال : {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ } يتشبهون بكمْ { أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ } الآية
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح النسائي
الصفحة أو الرقم: 5415 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح موقوفا |  شرح الحديث

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق