الأحد، 3 نوفمبر 2019

قصيدة محرم في عباس حلمي الثاني

أَكُلُّ مُتَوَّجٍ يَحمي البِلادا
وَيَسلُكُ في سِياسَتِها السَدادا
يَنامُ الحادِثُ المُعتَسُّ عَنها
وَيَأَبى طَرفُهُ إِلّا سُهادا
فَما تَشقى رَعَيَّتُهُ بِخَطبٍ
وَلا تَشكو اِضطراباً أَو فَسادا
تَدينُ لِتاجِهِ التِّيجانُ طُرّاً
وتسأله الرعايةَ والذيادا
وتفديه النفوسُ على اعتقادٍ
بِأَنَّ حَياتَهُ تُحيي العِبادا
أَحَبُّ المالِكينَ إِلى الرَعايا
مَليكٌ لَيسَ يَألوها اِفتِقادا
تَغَلغَلَ في مَكانِ الحِسِّ مِنها
فَكانَ السَمع فيها وَالفُؤادا
أَضَرُّ الناسِ ذو تاجٍ تَوَلّى
فَما نَفَعَ البِلادَ وَلا أَفادا
وَكانَ عَلى الرَعِيَّةِ شَرَّ راعٍ
وَأَشأَمَ مالِكٍ في الدَهرِ سادا
تَبيتُ لَهُ الأَرائِكُ في عَناءٍ
تُمارِسُ مِنهُ أَهوالاً شِدادا
وَيُمسي مُلكُهُ في زِيِّ ثَكلى
كَساها فقدُ واحدِها الحِدادا
كَأَنَّ المُلكُ في عَينَيهِ حُلمٌ
يَلُذُّ بِهِ فَما يَألو رُقادا
يُنادي صارِخُ الحَدَثانِ مِنهُ
فَتىً يَزدادُ وَقراً إِذ يُنادى
وَتَدعوهُ الرَعِيَّةُ وَهوَ لاهٍ
فَتَصدَعُ دونَ مَسمَعِهِ الجَمادا
فَلا هُوَ يُرتَجى يَوماً لِنَفعٍ
يَعَزُّ بِهِ الرَعِيَّةَ وَالبِلادا
وَلا هُوَ مالِكٌ كَشَفاً لِضُرٍّ
إِذا ما كائِدُ الحَدَثانِ كادا
حَياةٌ توسِعُ الأَحياءَ عاراً
وَذِكرٌ يَملَأُ الدُنيا سَوادا
وَهَل عَزَّ المَليكُ بِغَيرِ عَزمٍ
يُقيمُ بِهِ مِنَ المُلكِ العِمادا
وَحَزمٍ تَنثَني عَنهُ العَوادي
وَيُلقي عِندَهُ الدَهرُ القِيادا
عَزيزَ النيلِ وَالآمالُ حيرى
تُسائِلُكَ الهِدايَةَ وَالرَشادا
أَضِئ قَصدَ السَبيلِ لَها وَأَلِّف
أَوابدَها فَتوشِكُ أَن تُعادى
وَقُدها قَودَ مَأمونٍ عَلَيها
يُصاديها بِأَحسَنِ ما تُصادى
فَإيهٍ يا عَزيزَ النيلِ إيهٍ
أَم تَرضى لِمُلكِكَ أَن يُشادا
وَلِلشَعبِ المُصَفَّدِ أَن تَراهُ
وَقَد نَزَعَ الأَداهِمَ وَالصِفادا
أَلَستَ تَرى البِلادَ وَكَيفَ أَودى
بِها المَقدورُ أَو كادَت وَكادا
عَناها ما تُكافِحُ مِن خُطوبٍ
تَزيدُ عَلى هَوادَتِها عِنادا
أَلَستَ تَرى بَنيها في شِقاقٍ
فَما يَرجونَ ما عاشوا اِتِّحادا
أَتَترُكُهُم يَهُبُّ الشَرُّ فيهِم
وَنارُ الخَطبِ تَتَّقِدُ اِتِّقادا
أَتُسلِمُهُم إِلى صَمّاءَ تَثني
فُؤادَ الدَهرِ يَرتَعِدُ اِرتِعادا
أَتَقذِفُهُم إِلى لَهَواتِ ضارٍ
مَلِيٍّ أَن يَغولَهُمُ اِزدِرادا
لَقَد طَلَبَت عَلى يَدِكَ الرَّعايا
طَريفَ الخَيرِ وَالشَرَفَ التِلادا
فَخُذها في قَويمٍ مِن حَياةٍ
تَكونُ لَها قِواماً أَو عَتادا
وَحِصناً تَرتَمي نُوَبُ اللَيالي
هَوالِكَ عَن ذُراهُ أَو تفادى
أَقِم مِنآدَها وَاِشدُد قُواها
وَجاهِد في سِياسَتِها جِهادا
وإما رامَ جاهلُها فساداً
وزَيغاً عن سبيلك وابتعادا
فأرجِعه إليك فإنَّ أسمى
خِلالِكَ أن تكون لنا معادا
وعَوِّدنا خلالَ الخير إنّي
رأيتُ الخيرَ والشرّ اعتيادا
وما شُغِفَ المَسودُ بِمِثلِ خُلقٍ
يَكونُ لَدى المُسَوَّدُ مُستَجادا
وَلِلأَخلاقِ بِالأُمَمِ اِنتِقالٌ
تَدانى الحينُ مِنها أَم تَمادى
فَهَذي في مَجاهِلِها تَرَدّى
وَهَذي في مَعالِمِها تَهادى
تُسايِرُها الأَماني وَالمَنايا
فَما تَنساقُ في قَومٍ فرادى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق