الأحد، 21 أغسطس 2016

بيان لابن كثير حول الاسراء والمعراج بعد ان اورد الاحاديث

 فَصْل " وَإِذَا حَصَلَ الْوُقُوف عَلَى مَجْمُوع هَذِهِ الْأَحَادِيث صَحِيحهَا وَحَسَنهَا وَضَعِيفهَا فَحَصَلَ مَضْمُون مَا اِتَّفَقَتْ عَلَيْهِ مِنْ مَسْرَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَّة إِلَى بَيْت الْمَقْدِس وَأَنَّهُ مَرَّة وَاحِدَة.
وَإِنْ اِخْتَلَفَتْ عِبَارَات الرُّوَاة فِي أَدَائِهِ أَوْ زَادَ بَعْضهمْ فِيهِ أَوْ نَقَصَ مِنْهُ فَإِنَّ الْخَطَأ جَائِز عَلَى مَنْ عَدَا الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِمْ السَّلَام .
وَمَنْ جَعَلَ مِنْ النَّاس كُلّ رِوَايَة خَالَفَتْ الْأُخْرَى مَرَّة عَلَى حِدَة فَأَثْبَتَ إِسْرَاءَات مُتَعَدِّدَة فَقَدْ أَبْعَدَ وَأَغْرَبَ وَهَرَبَ إِلَى غَيْر مَهْرَب وَلَمْ يَتَحَصَّل عَلَى مَطْلَب .
وَقَدْ صَرَّحَ بَعْضهمْ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ بِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَام أُسْرِيَ بِهِ مَرَّة مِنْ مَكَّة إِلَى بَيْت الْمَقْدِس فَقَطْ وَمَرَّة مِنْ مَكَّة إِلَى السَّمَاء فَقَطْ وَمَرَّة إِلَى بَيْت الْمَقْدِس وَمِنْهُ إِلَى السَّمَاء وَفَرِحَ بِهَذَا الْمَسْلَك وَأَنَّهُ قَدْ ظَفِرَ بِشَيْءٍ يَخْلُص بِهِ مِنْ الْإِشْكَالَات وَهَذَا بَعِيد جِدًّا وَلَمْ يُنْقَل هَذَا عَنْ أَحَد مِنْ السَّلَف وَلَوْ تَعَدَّدَ هَذَا التَّعَدُّد لَأَخْبَرَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ أُمَّته وَلَنَقَلَهُ النَّاس عَلَى التَّعَدُّد وَالتَّكَرُّر .
قَالَ مُوسَى بْن عُقْبَة عَنْ الزُّهْرِيّ : كَانَ الْإِسْرَاء قَبْل الْهِجْرَة بِسَنَةٍ وَكَذَا قَالَ عُرْوَة وَقَالَ السُّدِّيّ بِسِتَّة عَشَر شَهْرًا وَالْحَقّ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَام أُسْرِيَ بِهِ يَقَظَة لَا مَنَامًا مِنْ مَكَّة إِلَى بَيْت الْمَقْدِس رَاكِبًا الْبُرَاق.
فَلَمَّا اِنْتَهَى إِلَى بَاب الْمَسْجِد رَبَطَ الدَّابَّة عِنْد الْبَاب وَدَخَلَهُ فَصَلَّى فِي قِبْلَته تَحِيَّة الْمَسْجِد رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أُتِيَ بِالْمِعْرَاجِ وَهُوَ كَالسُّلَّمِ ذُو دَرَج يُرْقَى فِيهَا فَصَعِدَ فِيهِ إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَى بَقِيَّة السَّمَاوَات السَّبْع فَتَلَقَّاهُ مِنْ كُلّ سَمَاء مُقَرَّبُوهَا وَسَلَّمَ عَلَى الْأَنْبِيَاء الَّذِينَ فِي السَّمَاوَات بِحَسَبِ مَنَازِلهمْ وَدَرَجَاتهمْ حَتَّى مَرَّ بِمُوسَى الْكَلِيم فِي السَّادِسَة وَإِبْرَاهِيم الْخَلِيل فِي السَّابِعَة ثُمَّ جَاوَزَ مَنْزِلَتَيْهِمَا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِمَا وَعَلَى سَائِر الْأَنْبِيَاء حَتَّى اِنْتَهَى إِلَى مُسْتَوًى يَسْمَع فِيهِ صَرِيف الْأَقْلَام أَيْ أَقْلَام الْقَدَر بِمَا هُوَ كَائِن وَرَأَى سِدْرَة الْمُنْتَهَى وَغَشِيَهَا مِنْ أَمْر اللَّه تَعَالَى عَظَمَة عَظِيمَة مِنْ فَرَاش مِنْ ذَهَب وَأَلْوَان مُتَعَدِّدَة وَغَشِيَتْهَا الْمَلَائِكَة وَرَأَى هُنَاكَ جِبْرِيل عَلَى صُورَته وَلَهُ سِتّمِائَةِ جَنَاح وَرَأَى رَفْرَفًا أَخْضَر قَدْ سَدَّ الْأُفُق .
وَرَأَى الْبَيْت الْمَعْمُور وَإِبْرَاهِيم الْخَلِيل بَانِي الْكَعْبَة الْأَرْضِيَّة مُسْنِد ظَهْره إِلَيْهِ لِأَنَّهُ الْكَعْبَة السَّمَاوِيَّة يَدْخُلهُ كُلّ يَوْم سَبْعُونَ أَلْفًا مِنْ الْمَلَائِكَة يَتَعَبَّدُونَ فِيهِ ثُمَّ لَا يَعُودُونَ إِلَيْهِ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة .
وَرَأَى الْجَنَّة وَالنَّار وَفَرَضَ اللَّه عَلَيْهِ هُنَالِكَ الصَّلَوَات خَمْسِينَ ثُمَّ خَفَّفَهَا إِلَى خَمْس رَحْمَة مِنْهُ وَلُطْفًا بِعِبَادِهِ وَفِي هَذَا اِعْتِنَاء عَظِيم بِشَرَفِ الصَّلَاة وَعَظَمَتهَا .
ثُمَّ هَبَطَ إِلَى بَيْت الْمَقْدِس وَهَبَطَ مَعَهُ الْأَنْبِيَاء فَصَلَّى بِهِمْ فِيهِ لَمَّا حَانَتْ الصَّلَاة.
وَيَحْتَمِل أَنَّهَا الصُّبْح مِنْ يَوْمئِذٍ وَمِنْ النَّاس مَنْ يَزْعُم أَنَّهُ أَمَّهُمْ فِي السَّمَاء وَاَلَّذِي تَظَاهَرَتْ بِهِ الرِّوَايَات أَنَّهُ بِبَيْتِ الْمَقْدِس وَلَكِنْ فِي بَعْضهَا أَنَّهُ كَانَ أَوَّل دُخُوله إِلَيْهِ .
وَالظَّاهِر أَنَّهُ بَعْد رُجُوعه إِلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمَّا مَرَّ بِهِمْ فِي مَنَازِلهمْ جَعَلَ يَسْأَل عَنْهُمْ جِبْرِيل وَاحِدًا وَاحِدًا وَهُوَ يُخْبِرهُ بِهِمْ وَهَذَا هُوَ اللَّائِق لِأَنَّهُ كَانَ أَوَّلًا مَطْلُوبًا إِلَى الْجَنَاب الْعُلْوِيّ لِيُفْرَض عَلَيْهِ وَعَلَى أُمَّته مَا يَشَاء اللَّه تَعَالَى ثُمَّ لَمَّا فَرَغَ مِنْ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ اِجْتَمَعَ بِهِ هُوَ وَإِخْوَانه مِنْ النَّبِيِّينَ ثُمَّ أَظْهَرَ شَرَفه وَفَضْله عَلَيْهِمْ بِتَقْدِيمِهِ فِي الْإِمَامَة وَذَلِكَ عَنْ إِشَارَة جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام لَهُ فِي ذَلِكَ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ بَيْت
الْمَقْدِس فَرَكِبَ الْبُرَاق وَعَادَ إِلَى مَكَّة بِغَلَسٍ وَاَللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى أَعْلَم .
وَأَمَّا عَرْض الْآنِيَة عَلَيْهِ مِنْ اللَّبَن وَالْعَسَل أَوْ اللَّبَن وَالْخَمْر أَوْ اللَّبَن وَالْمَاء أَوْ الْجَمِيع فَقَدْ وَرَدَ أَنَّهُ فِي بَيْت الْمَقْدِس وَجَاءَ أَنَّهُ فِي السَّمَاء وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون هَاهُنَا وَهَاهُنَا لِأَنَّهُ كَالضِّيَافَةِ لِلْقَادِمِ وَاَللَّه أَعْلَم .
ثُمَّ اِخْتَلَفَ النَّاس هَلْ كَانَ الْإِسْرَاء بِبَدَنِهِ عَلَيْهِ السَّلَام وَرُوحه أَوْ بِرُوحِهِ فَقَطْ عَلَى قَوْلَيْنِ فَالْأَكْثَرُونَ مِنْ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّهُ أُسْرِيَ بِبَدَنِهِ وَرُوحه يَقَظَة لَا مَنَامًا وَلَا يُنْكِرُونَ أَنْ يَكُون رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى قَبْل ذَلِكَ مَنَامًا ثُمَّ رَآهُ بَعْده يَقَظَة لِأَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَام لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْل فَلَق الصُّبْح وَالدَّلِيل عَلَى هَذَا قَوْله تَعَالَى " سُبْحَان الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنْ الْمَسْجِد الْحَرَام إِلَى الْمَسْجِد الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْله" فَالتَّسْبِيح إِنَّمَا يَكُون عِنْد الْأُمُور الْعِظَام فَلَوْ كَانَ مَنَامًا لَمْ يَكُنْ فِيهِ كَبِير شَيْء وَلَمْ يَكُنْ مُسْتَعْظَمًا وَلَمَا بَادَرَتْ كُفَّار قُرَيْش إِلَى تَكْذِيبه وَلَمَا اِرْتَدَّتْ جَمَاعَة مِمَّنْ كَانَ قَدْ أَسْلَمَ وَأَيْضًا فَإِنَّ الْعَبْد عِبَارَة عَنْ مَجْمُوع الرُّوح وَالْجَسَد وَقَدْ قَالَ " أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا " قَالَ تَعَالَى " وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاك إِلَّا فِتْنَة لِلنَّاسِ " قَالَ اِبْن عَبَّاس هِيَ رُؤْيَا عَيْن أُرِيَهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَة أُسْرِيَ بِهِ وَالشَّجَرَة الْمَلْعُونَة هِيَ شَجَرَة الزَّقُّوم .
رَوَاهُ الْبُخَارِيّ وَقَالَ تَعَالَى " مَا زَاغَ الْبَصَر وَمَا طَغَى " وَالْبَصَر مِنْ آلَات الذَّات لَا الرُّوح وَأَيْضًا فَإِنَّهُ حُمِلَ عَلَى الْبُرَاق وَهُوَ دَابَّة بَيْضَاء بَرَّاقَة لَهَا لَمَعَان وَإِنَّمَا يَكُون هَذَا لِلْبَدَنِ لَا لِلرُّوحِ لِأَنَّهَا لَا تَحْتَاج فِي حَرَكَتهَا إِلَى مَرْكَب تَرْكَب عَلَيْهِ وَاَللَّه أَعْلَم .
وَقَالَ آخَرُونَ بَلْ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرُوحِهِ لَا بِجَسَدِهِ قَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن يَسَار فِي السِّيرَة حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن عُتْبَة بْن الْمُغِيرَة بْن الْأَخْنَس أَنَّ مُعَاوِيَة بْن أَبِي سُفْيَان كَانَ إِذَا سُئِلَ عَنْ مَسْرَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : كَانَتْ رُؤْيَا مِنْ اللَّه صَادِقَة
وَحَدَّثَنِي بَعْض آلِ أَبِي بَكْر أَنَّ عَائِشَة كَانَتْ تَقُول : مَا فُقِدَ جَسَد رَسُول اللَّه وَلَكِنْ أُسْرِيَ بِرُوحِهِ .
قَالَ اِبْن إِسْحَاق فَلَمْ يُنْكَر ذَلِكَ مِنْ قَوْلهَا لِقَوْلِ الْحَسَن إِنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ " وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاك إِلَّا فِتْنَة لِلنَّاسِ " وَلِقَوْلِ اللَّه فِي الْخَبَر عَنْ إِبْرَاهِيم " إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَام أَنِّي أَذْبَحك فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى " قَالَ ثُمَّ مَضَى عَلَى ذَلِكَ فَعَرَفْت أَنَّ الْوَحْي يَأْتِي لِلْأَنْبِيَاءِ مِنْ اللَّه أَيْقَاظًا وَنِيَامًا فَكَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول " تَنَام عَيْنَايَ وَقَلْبِي يَقْظَان " وَاَللَّه أَعْلَم .
أَيْ ذَلِكَ كَانَ قَدْ جَاءَهُ وَعَايَنَ مِنْ اللَّه فِيهِ مَا عَايَنَ عَلَى أَيّ حَالَاته كَانَ نَائِمًا أَوْ يَقْظَانًا كُلّ ذَاكَ حَقّ وَصِدْق اِنْتَهَى كَلَام اِبْن إِسْحَاق وَقَدْ تَعَقَّبَهُ أَبُو جَعْفَر بْن جَرِير فِي تَفْسِيره بِالرَّدِّ وَالْإِنْكَار وَالتَّشْنِيع بِأَنَّ هَذَا خِلَاف ظَاهِر سِيَاق الْقُرْآن وَذَكَرَ مِنْ الْأَدِلَّة عَلَى رَدّه بَعْض مَا تَقَدَّمَ وَاَللَّه أَعْلَم " فَائِدَة حَسَنَة جَلِيلَة " رَوَى الْحَافِظ أَبُو نُعَيْم الْأَصْبَهَانِيّ فِي كِتَاب دَلَائِل النُّبُوَّة مِنْ طَرِيق مُحَمَّد بْن عُمَر الْوَاقِدِيّ حَدَّثَنِي مَالِك بْن أَبِي الرِّجَال عَنْ عُمَر بْن عَبْد اللَّه عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ قَالَ بَعَثَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِحْيَة بْن خَلِيفَة إِلَى قَيْصَر فَذَكَرَ وُرُوده عَلَيْهِ وَقُدُومه إِلَيْهِ .
وَفِي السِّيَاق دَلَالَة عَظِيمَة عَلَى وُفُور عَقْل هِرَقْل ثُمَّ اِسْتَدْعَى مَنْ بِالشَّامِ مِنْ التُّجَّار فَجِيءَ بِأَبِي سُفْيَان صَخْر بْن حَرْب وَأَصْحَابه فَسَأَلَهُمْ عَنْ تِلْكَ الْمَسَائِل الْمَشْهُورَة الَّتِي رَوَاهَا الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم كَمَا سَيَأْتِي بَيَانه وَجَعَلَ أَبُو سُفْيَان
جْهَد أَنْ يُحَقِّر أَمْره وَيُصَغِّرهُ عِنْده .
قَالَ فِي هَذَا السِّيَاق عَنْ أَبِي سُفْيَان : وَاَللَّه مَا مَنَعَنِي مِنْ أَنْ أَقُول عَلَيْهِ قَوْلًا أُسْقِطهُ مِنْ عَيْنه إِلَّا أَنِّي أَكْرَه أَنْ أَكْذِب عِنْده كَذِبَة يَأْخُذهَا عَلَيَّ وَلَا يُصَدِّقنِي فِي شَيْء قَالَ حَتَّى ذَكَرْت قَوْله لَيْلَة أُسْرِيَ بِهِ قَالَ فَقُلْت أَيّهَا الْمَلِك أَلَا أُخْبِرك خَبَرًا تَعْرِف أَنَّهُ قَدْ كَذَبَ ؟ قَالَ وَمَا هُوَ قَالَ قُلْت إِنَّهُ يَزْعُم لَنَا أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ أَرْضنَا أَرْض الْحَرَم فِي لَيْلَة فَجَاءَ مَسْجِدكُمْ هَذَا مَسْجِد إِيلِيَاء وَرَجَعَ إِلَيْنَا تِلْكَ اللَّيْلَة قَبْل الصَّبَاح .
قَالَ وَبِطْرِيقِ إِيلِيَاء عِنْد رَأْس قَيْصَر فَقَالَ بِطْرِيق إِيلِيَاء قَدْ عَلِمْت تِلْكَ اللَّيْلَة قَالَ فَنَظَرَ إِلَيْهِ قَيْصَر وَقَالَ وَمَا عِلْمك بِهَذَا ؟ قَالَ إِنِّي كُنْت لَا أَنَام لَيْلَة حَتَّى أُغْلِق أَبْوَاب الْمَسْجِد فَلَمَّا كَانَ تِلْكَ اللَّيْلَة أَغْلَقْت الْأَبْوَاب كُلّهَا غَيْر بَاب وَاحِد غَلَبَنِي فَاسْتَعَنْت عَلَيْهِ بِعُمَّالِي وَمَنْ يَحْضُرنِي كُلّهمْ مُعَالَجَة فَغَلَبَنَا فَلَمْ نَسْتَطِعْ أَنْ نُحَرِّكهُ كَأَنَّمَا نُزَاوِل بِهِ جَبَلًا فَدَعَوْت إِلَيْهِ النَّجَاجِرَة فَنَظَرُوا إِلَيْهِ فَقَالُوا إِنَّ هَذَا الْبَاب سَقَطَ عَلَيْهِ النِّجَاف وَالْبُنْيَان وَلَا نَسْتَطِيع أَنْ نُحَرِّكهُ حَتَّى نُصْبِح فَنَنْظُر مِنْ أَيْنَ أَتَى .
قَالَ فَرَجَعْت وَتَرَكْت الْبَابَيْنِ مَفْتُوحَيْنِ .
فَلَمَّا أَصْبَحْت غَدَوْت عَلَيْهِمَا فَإِذَا الْحَجَر الَّذِي فِي زَاوِيَة الْمَسْجِد مَثْقُوب وَإِذَا فِيهِ أَثَر مِرْبَط الدَّابَّة قَالَ فَقُلْت لِأَصْحَابِي مَا حُبِسَ هَذَا الْبَاب اللَّيْلَة إِلَّا عَلَى نَبِيّ وَقَدْ صَلَّى اللَّيْلَة فِي مَسْجِدنَا وَذَكَرَ تَمَام الْحَدِيث : " فَائِدَة " قَالَ الْحَافِظ أَبُو الْخَطَّاب عُمَر بْن دِحْيَة فِي كِتَابه " التَّنْوِير فِي مَوْلِد السِّرَاج الْمُنِير " وَقَدْ ذَكَرَ حَدِيث الْإِسْرَاء مِنْ طَرِيق أَنَس وَتَكَلَّمَ عَلَيْهِ فَأَجَادَ وَأَفَادَ ثُمَّ قَالَ : وَقَدْ تَوَاتَرَتْ الرِّوَايَات فِي حَدِيث الْإِسْرَاء عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب وَعَلِيّ وَابْن مَسْعُود وَأَبِي ذَرّ وَمَالِك بْن صَعْصَعَة وَأَبِي هُرَيْرَة وَأَبِي سَعِيد وَابْن عَبَّاس وَشَدَّاد بْن أَوْس وَأُبَيّ بْن كَعْب وَعَبْد الرَّحْمَن بْن قُرْط وَأَبِي حَبَّة وَأَبِي لَيْلَى الْأَنْصَارِيَّيْنِ وَعَبْد اللَّه بْن عَمْرو وَجَابِر وَحُذَيْفَة وَبُرَيْدَة وَأَبِي أَيُّوب وَأَبِي أُمَامَة وَسَمُرَة بْن جُنْدُب وَأَبِي الْحَمْرَاء وَصُهَيْب الرُّومِيّ وَأُمّ هَانِئ وَعَائِشَة وَأَسْمَاء اِبْنَتَيْ أَبِي بَكْر الصِّدِّيق رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ مِنْهُمْ مَنْ سَاقَهُ بِطُولِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ اِخْتَصَرَهُ عَلَى مَا وَقَعَ فِي الْمَسَانِيد وَإِنْ لَمْ تَكُنْ رِوَايَة بَعْضهمْ عَلَى شَرْط الصِّحَّة فَحَدِيث الْإِسْرَاء أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ وَأَعْرَضَ عَنْهُ الزَّنَادِقَة وَالْمُلْحِدُونَ " يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُور اللَّه بِأَفْوَاهِهِمْ وَاَللَّه مُتِمّ نُوره وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ 
التفسير ج8 ص 430 الي 435 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق