الأحد، 22 أبريل 2012

حب الحكم والرياسة قد يفسد الأرحام

يقول ابن كثير في البداية والنهاية ج12 في أحداث سنة 432 هـ
 فيها عظم شأن السلجوقية وارتفع شان ملكهم طغرلبك وأخيه داود وهما أبنا ميكائيل بن سلجوق بن بغاق وقد كان جدهم بغلق هذا من مشايخ الترك القدماء الذي لهم رأي ومكيدة ومكانة عند ملكهم الأعظم ونشأ ولده سلجوق نجيبا شهما فقدمه الملك ولقبه شباسي فأطاعته الجيوش وانقاد له الناس بحيث تخوف منه الملك وأراد قتله فهرب منه إلى بلاد المسلمين فأسلم فازداد عزا وعلوا ثم توفي عن مائة وسبع سنين وخلف أرسلان وميكائيل وموسى فأما مكائيل فإنه اعتنى بقتال الكفار من الأتراك حتى قتل شهيدا وخلف ولديه طغرلبك محمد وجعفر بك داود فعظم شانهما في بني عمهما واجتمع عليهما الترك من المؤمنين وهم ترك الإيمان الذي يقول لهم الناس تركمان وهم السلاجقة بنو سلجوق جدهم هذا فأخذوا بلاد خراسان بكمالها بعد موت محمود بن سبكتكين وقد كان يتخوف منهم محمود بعض التخوف فلما مات وقام ولده مسعود بعده قاتلهم وقاتلوه مرارا فكانوا يهزمونه في أكثر المواقف واستكمل لهم ملك خراسان بأسرها ثم قصدهم مسعود في جنود يضيق بهم الفضاء فكسروه وكبسه مرة داود فانهزم مسعود فاستحوذ على حواصله وخيامه وجلس على سريره وفرق الغنائم على جيشه ومكث جيشه على خيولهم لا ينزلون عنها ثلاثة أيام خوفا من دهمة العدو وبمثل هذا تم لهم ما راموه وكمل لهم جميع ما أملوه ثم كان من سعادتهم أن الملك مسعود توجه نحو بلاد الهند لسبي بها وترك مع ولده مودود جيشا كثيفا بسبب قتال السلاجقة فلما عبر الجسر الذي على سيحون نهبت جنوده حواصله واجتمعوا على أخيه محمد بن محمود وخلعوا مسعودا فرجع إليهم مسعود فقاتلهم فهزموه وأسروه فقال له أخوه والله لست بقاتلك على شر صنيعك إلي ولكن اختر لنفسك أي بلد تكون فيه أنت وعيالك فاختار قلعة كبرى وكان بها ثم إن الملك محمدا أخا مسعود جعل لولده الأمر من بعده وبايع الجيش له وكان ولده اسمه أحمد وكان فيه هرج فاتفق هو ويوسف بن سبكتكين على قتل مسعود ليصفو لهم الأمر ويتم لهم الملك فسار إليه أحمد من غير علم أبيه فقتله فلما علم أبوه بذلك غاظه وعتب على ابنه عتبا شديدا وبعث إلى ابن أخيه يعتذر إليه ويقسم له أنه لم يعلم بذلك حتى كان ما كان فكتب إليه مودود بن مسعود رزق الله ولدك المعتوه عقلا يعيش به فقد ارتكب أمرا عظيما وقدم على إراقة دم مثل والدي الذي لقبه أمير المؤمنين بسيد الملوك والسلاطين وستعلمون أي حيف تورطتم وأي شر تأبطتم وسيعلم الذي ظلموا أي منقلب ينقلبون ثم سار إليهم في جنود فقاتلهم فقهرهم وأسرهم فقتل عمه محمدا وابنه أحمد وبني عمه كلهم إلا عبدالرحمن وخلقا من رؤس أمرائهم وابتنى قرية هنالك وسماها فتحا أباذا ثم سار إلى غزنة فدخلها في شعبان فأظهر العدل وسلك سيرة جده محمود فأطاعه الناس وكتب إليه أصحاب الأطراف بالإنقياد والإتباع والطاعة غير أنه أهلك قومه بيده وهذا من جملة سعادة السلاجقة  .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق