وفَـرْعٍ يَزِيْنُ المَتْنَ أسْوَدَ فَاحِــمٍ :: أثِيْـثٍ كَقِـنْوِ النَّخْلَةِ المُتَعَثْكِــلِ
الفرع: الشعر التام، والجمع فروع، ورجل أفرع وامرأة فرعاء.
الفاحم: الشديد السواد، مشتق من الفحم، يقال: هو فاحم بَيِّنَ الفحومة.
الأثيث: الكثير، والأثاثة: الكثرة، يقال: أثّ الشعر والنبت.
القنو يجمع على الأقناء والقنوان. العثكول والعثكال قد يكونان بمعنى القنو وقد يكونان بمعنى قطعة من القنو1، والنخلة المتعثكلة: التي خرجت عثاكيلها أي: قنوانها
يقول: وتبدي عن شعر طويل تام يزين ظهرها إذا أرسلته عليه، ثم شبه ذؤابتيها بقنو نخلة أخرجت قنوانها، والذوائب تشبه بالعناقيد، والقنوان يراد به تجعدها وأثاثتها.
غَـدَائِرُهُ مُسْتَشْزِرَاتٌ إلَى العُــلاَ :: تَضِلُّ العِقَاصُ فِي مُثَنَّى وَمُرْسَــلِ
الغدائر: جمع الغديرة: وهي الخصلة من الشعر،
الاستشزار: الارتفاع والرفع جميعًا، فيكون الفعل منه مرة لازمًا ومرة متعديًا، فمن روى مستشزرات بكسر الزاي جعله من اللازم، ومن روى بفتح الزاي جعله من المتعدي.
العقيصة: الخصلة المجموعة من الشعر، والجمع عقص وعقائص، والفعل من الضلال والضلالة ضل يضِل ويضَلّ جميعًا.
يقول: ذوائبها وغدائرها مرفوعات أو مرتفعات إلى فوق، يراد به شدها على الرأس بخيوط، ثم قال: تغيب تعاقيصها في شعر مثنى وبعضه مرسل، أراد به وفور شعرها، والتعقيص التجعيد.
وكَشْحٍ لَطِيفٍ كَالجَدِيْلِ مُخَصَّــرٍ :: وسَـاقٍ كَأُنْبُوبِ السَّقِيِّ المُذَلَّــلِ
الجديل: خطام1 يتخذ من الأدم، والجمع جدل.
المخصر: الدقيق الوسط، ومنه نعل مخصرة.
الأنبوب: ما بين العقدتين من القصب وغيره، والجمع الأنابيب
السَّقِيِّ ههنا: بمعنى المسقي كالجريح بمعنى المجروح، والْجَنِي بمعنى المجني.
كَشْحُ الإِنْسَانِ : الجُزْءُ الجَانِبِيُّ مِنْ جِسْمِهِ مَا بَيْنَ الضُّلُوعِ وَالخَاصِرَةِ
يقول: وتبدي عن كشح ضامر يحكي في دقته خطامًا متخذًا من الأدم، وعن ساق يحكي في صفاء لونه أنابيب بردي بين نخل وقد ذللت بكثرة الحمل فأظلت أغصانها هذا البردي، شبه ضمور بطنها بمثل هذا الخطام، وشبه صفاء لون ساقها ببردي بين نخيل تظله أغصانها، وإنما شرط ذلك ليكون أصفى لونًا وأنقى رونقًا وتقدير قوله كأنبوب السقي كأنبوب النخل المسقي، ومنهم من جعل السقي نعتًا للبردي أيضًا؛ والمعنى على هذا القول: كأنبوب البردي المسقي المذلل بالإرواء.
وتُضْحِي فَتِيْتُ المِسْكِ فَوْقَ فِراشِهَـا :: نَئُوْمُ الضَّحَى لَمْ تَنْتَطِقْ عَنْ تَفَضُّـلِ
الإضحاء: مصادفة الضحى، وقد يكون بمعنى الصيرورة أيضًا، ويقال أضحى زيد غنيًّا أي: صار ولا يراد به أنه صادف الضحى على صفة الغنى، قوله:
لم تنتطق عن تفضل، أي بعد تفضل كما يقال: استغنى فلان عن فقره أي: بعد فقره؛ والتفضل: لبس الفضلة، وهي ثوب واحد يلبس للخفة في العمل.
يقول: تصادف العشيقة الضحى ودقائق المسك فوق فراشها الذي باتت عليه، وهي كثيرة النوم في وقت الضحى، ولا تشد وسطها بنطاق بعد لبسها ثوب المهنة، يريد أنها مخدومة منعَّمة تُخدم، ولا تَخدم، وتلخيص المعنى: أن فتات المسك يكثر على فراشها وأنها تكفى أمورها فلا تباشر عملًا بنفسها. وصفها بالدعة والنعمة وخفض العيش وأن لها من يخدمها ويكفيها أمورها.
وتَعْطُـو بِرَخْصٍ غَيْرَ شَثْنٍ كَأَنَّــهُ :: أَسَارِيْعُ ظَبْيٍ أَوْ مَسَاويْكُ إِسْحِـلِ
العطو: التناول والفعل عطا يعطو عطوًا، والإعطاء المناولة، والتعاطي التناول، والمعاطاة الخدمة، والتعطية مثلها.
الرخص: اللين الناعم.
الشثن: الغليظ الكز2، وقد شن شثونة
الأسروع واليسروع دود يكون في البقل3 والأماكن الندية، تشبه أنامل النساء به، والجمع الأساريع واليساريع.
ظبي: موضع بعينه.
المساويك جمع المسواك.
الإسحل: شجرة تدق أغصانها في استواء، تشبه الأصابع بها في الدقة والاستواء.
يقول: وتتناول الأشياء ببنان رخص ليّن ناعم غير غليظ ولا كز، كأن تلك الأنامل تشبه هذا الصنف من الدود أو هذا الضرب من المساويك وهو المتخذ من أغصان هذا الشجر المخصوص المعيّن.
تُضِـيءُ الظَّلامَ بِالعِشَاءِ كَأَنَّهَــا :: مَنَـارَةُ مُمْسَى رَاهِـبٍ مُتَبَتِّــلِ
الإضاءة: قد يكون الفعل المشتق منها لازمًا وقد يكون متعديًّا، تقول: أضاء الله الصبح فأضاء، والضَّوء والضُّوء واحد، والفعل ضاء ضوءًا، وهو لازم.
المنارة: المسرجة، الجمع المناور والمنائر.
الممسى: بمعنى: الإمساء والوقت جميعًا؛
المتبتل: المنقطع إلى الله بنيته وعمله، والبتل: القطع، ومنه قيل: مريم البتول لانقطاعها عن الرجال واختصاصها بطاعة الله تعالى.
يقول: تضيء العشيقة بنور وجهها ظلام الليل فكأنها مصباح راهب منقطع عن الناس، وخص مصباح الراهب؛ لأنه يوقده ليهتدي به عند الضلال فهو يضيئه أشد الإضاءة، يريد أن نور وجهها يغلب ظلام الليل كما أن نور مصباح الراهب يغلبه
يقول: تضيء العشيقة بنور وجهها ظلام الليل فكأنها مصباح راهب منقطع عن الناس، وخص مصباح الراهب؛ لأنه يوقده ليهتدي به عند الضلال فهو يضيئه أشد الإضاءة، يريد أن نور وجهها يغلب ظلام الليل كما أن نور مصباح الراهب يغلبه
إِلَى مِثْلِهَـا يَرْنُو الحَلِيْمُ صَبَابَــةً :: إِذَا مَا اسْبَكَرَّتْ بَيْنَ دِرْعٍ ومِجْـوَلِ
لاسبكرار: الطول والامتداد.
الدرع: هو قميص المرأة، وهو مذكر، ودرع الحديد مؤنثة، والجمع أدرع ودروع.
الْمِجْوَل: ثوب تلبسه الجارية الصغيرة.
يقول: إلى مثلها ينبغي أن ينظر العاقل كلفًا بها وحنينًا إليها إذا طال قدّها وامتدت قامتها بين من تلبس الدرع وبين من تلبس المجول، أي بين اللواتي أدركن الحلم وبين اللواتي لم يدركن الحلم، يريد أنها طويلة القد مديدة القامة وهي بعد لم تدرك الحلم وقد ارتفعت عن سن الجواري الصغار، قوله: بين درع ومجول، تقديره: بين لابسة درع ولابسة مجول، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه.
تَسَلَّتْ عَمَايَاتُ الرِّجَالِ عَنْ الصِّبَـا :: ولَيْـسَ فُؤَادِي عَنْ هَوَاكِ بِمُنْسَـلِ
سلا فلان عن حبيبه يسلو سلوًا، وسلى يسلي سًلِيًّا، وتسلّى تسليًا، وانسلى انسلاء أي زال حبه من قلبه أو زال حزنه.
العماية والعمى واحد والفعل عمي يعمى. زعم أكثر الأئمة أن في البيت قلبًا تقديره: تسلت الرجالات عن عمايات الصبا أي خرجوا من ظلماته وليس فؤادي بخارج من هواها.
وزعم بعضهم أن عن في البيت بمعنى بعد، تقديره: انكشفت وبطلت ضلالات الرجال بعد مضي صباهم، وفؤادي بعد في ضلالة هواها، وتلخيص المعنى: أنه رغم أن عشق العشاق قد بطل وزال وعشقه إياها باقٍ ثابت ولا يزول ولا يبطل.
ألاَّ رُبَّ خَصْمٍ فِيْكِ أَلْوَى رَدَدْتُـهُ :: نَصِيْـحٍ عَلَى تَعْذَالِهِ غَيْرِ مُؤْتَــلِ
الألوى: الشديد الخصومة كأنه يلوي خصمه عن دعواه.
النصيح: الناصح.
التعذال والعَذْلُ والعَذَلُ: اللوم، والفعل عذل يعذله.
الألو والائتلاء: التقصير، والفعل: ألا يألوا وائتلى يأتلي.
يقول: ألا ربّ خصم شديد الخصومة كان ينصحني على فرط لومه إياي على هواك غير مقصر في النصيحة واللوم رددته ولم أنزجر عن هواك بعذله ونصحه. وتحرير المعنى أنه يخبرها ببلوغ حبه إياها الغاية القصوى، حتى أنه لا يرتدع عنه بردع ناصح ولا ينجع1 فيه لوم لائم، وتقدير لفظ البيت: ألا رُبّ خصم ألوى نصيح على تعذاله غير مؤتل رددته.
ولَيْلٍ كَمَوْجِ البَحْرِ أَرْخَى سُدُوْلَــهُ :: عَلَيَّ بِأَنْـوَاعِ الهُـمُوْمِ لِيَبْتَلِــي
شبه ظلام الليل في هوله وصعوبته ونكارة أمره بأمواج البحر.
السدول: الستور، الواحد منها سدل.
الإرخاء: إرسال الستر وغيره.
الابتلاء: الاختبار.
الهموم جمع الهم. بمعنى الحزن وبمعنى الهمة. الباء في قوله: بأنواع الهموم بمعنى مع.
يقول: وربّ ليلٍ يحاكي أمواج البحر في توحشه ونكارة أمره وقد أرخى عليّ ستور ظلامه مع أنواع الأحزان، أو مع فنون الهم، ليختبرني أأصبر على ضروب الشدائد وفنون النوائب أم أجزع منها. لما أمعن في النسيب من أول القصيدة إلى هنا انتقل منه إلى التمدح بالصبر والْجَلَد.
فَقُلْـتُ لَهُ لَمَّا تَمَطَّـى بِصُلْبِــهِ :: وأَرْدَفَ أَعْجَـازاً وَنَاءَ بِكَلْكَــلِ
تمطى أي: تمدد، ويجوز أن يكون التمطي مأخوذًا من المطا، وهو الظهر، فيكون التمطي مد الظهر، ويجوز أن يكون منقولًا من التمطط فقلبت إحدى الطاءين ياء كما قالوا: تظنّي تظنيًا والأصل تظنن تظننًا،
لإرداف: الإتباع والاتِّباع وهو بمعنى الأول ههنا.
الأعجاز: المآخير، الواحد عَجُز وعَجِز وعَجْز.
ناء: مقلوب نأى بمعنى بعد، كما قالوا: راء بمعنى رأى وشاء بمعنى شأى2.
الكلكل: الصدر والجمع كلاكل.
الباء في قوله ناء بكلكل. للتعدية، وكذلك هي في قوله: تمطى بصلبه، استعار لليل صلبًا واستعار لطوله لفظ التمطي ليلائم الصلب واستعار لأوائله لفظ الكلكل ولمآخيره لفظ الأعجاز
يقول: فقلت لليل لما مد صلبه يعني لما أفرط طوله، وأردف أعجازًا يعني ازدادت مآخيره امتدادًا وتطاولًا، وناء بكلكل يعني أبعد صدره، أي: بَعُدَ العهد بأوله، وتلخيص
المعنى: قلت لليل لَمّا أفرط طوله وناءت أوائله وازدادت أواخره تطاولًا، وطول الليل ينبئ عن مقاساة الأحزان والشدائد والسهر المتولد منها؛ لأن المغموم يستطيل ليله، والمسرور يستقصر ليله.
ألاَ أَيُّهَا اللَّيْلُ الطَّوِيْلُ ألاَ انْجَلِــي :: بِصُبْحٍ وَمَا الإصْبَاحُ منِكَ بِأَمْثَــلِ
الانجلاء: الانكشاف، يقال: جلوته فانجلى أي: كشفته فانكشف.
الأمثل: الأفضل، والمثلى الفضلى، والأماثل الأفاضل.
يقول: قلت له ألا أيها الليل الطويل انكشف وتنحَّ بصبح، أي: ليزل ظلامك بضياء من الصبح، ثم قال: وليس الصبح بأفضل منك عندي لأني أقاسي الهموم نهارًا كما أعانيها ليلًا، أو لأن نهاري أظلم في عيني لازدحام الهموم عليَّ حتى حكى الليل، وهذا إذا رويت: وما الإصباح منك بأمثل، وإن رويت: فيك بأفضل، كان المعنى وما الإصباح في جنبك أو في الإضافة إليك أفضل منك لِمَا ذكرنا من المعنى لَمَّا ضجر بتطاول ليله خاطبه وسأله الانكشاف، وخِطابه ما لا يعقل يدل على فرط الوله وشدة التحيّر، وإنما يستحسن هذا الضرب في النسيب والمراثي وما يوجب حزنًا وكآبة ووجدًا وصبابة
فَيَــا لَكَ مَنْ لَيْلٍ كَأنَّ نُجُومَـهُ :: بِـأَمْرَاسِ كَتَّانٍ إِلَى صُمِّ جَنْــدَلِ
الأمراس جمع مرس: وهو الحبل، وقد يكون المرس جمع مَرَسة وهو الحبل أيضًا، فتكون الأمراس حينئذ جمع الجمع، وقوله: بأمراس كتّان، من إضافة البعض إلى الكل، أي: بأمراس من كتان، كقولهم: باب حديد، وخاتم فضة، وجبّة خز.
الأصم: الصلب، وتأنيثه الصمّاء، والجمع الصُمّ.
الجندل: الصخرة، والجمع جنادل.
قول مخاطبًا الليل: فيا عجبًا لك من ليل كأن نجومه شدت بحبال من الكتان إلى صخور صلاب، وذلك أنه استطال الليل فيقول: إن نجومه لا تزول من أماكنها ولا تغرب، فكأنها مشدودة بحبال إلى صخور صلبة، وإنما استطال الليل لمعاناته الهموم ومقاساته الأحزان فيه، وقوله: بأمراس كتان، يعني ربطت، فحذف الفعل لدلالة الكلام على حذفه؛ الإغارة: إحكام الفتل. يذبل: جبل بعينه.
قول مخاطبًا الليل: فيا عجبًا لك من ليل كأن نجومه شدت بحبال من الكتان إلى صخور صلاب، وذلك أنه استطال الليل فيقول: إن نجومه لا تزول من أماكنها ولا تغرب، فكأنها مشدودة بحبال إلى صخور صلبة، وإنما استطال الليل لمعاناته الهموم ومقاساته الأحزان فيه، وقوله: بأمراس كتان، يعني ربطت، فحذف الفعل لدلالة الكلام على حذفه؛ الإغارة: إحكام الفتل. يذبل: جبل بعينه.
يقول: كأن نجومه قد شدت إلى يذبل بكل حبل محكم الفتل.
وقِـرْبَةِ أَقْـوَامٍ جَعَلْتُ عِصَامَهَــا :: عَلَى كَاهِـلٍ مِنِّي ذَلُوْلٍ مُرَحَّــلِ
العصام: وكاء وهو ما يشد به رأس القربة.الجمع العصم.
الكاهل: أعلى الظهر عند مركب العنق فيه والجمع الكواهل.
الترحيل: مبالغة الرّحل، يقال: رحلته إذا كررت رحله.
يقول: ورب قربة أقوام جعلت وكاءها على كاهل ذلول قد رحل مرة بعد مرة أخرى مني، وفي معنى البيت قولان: أحدهما أن تمدح أثقال الحقوق ونوائب الأقوام من قرى الأضياف وإعطاء العفاة2 والعقل3 عن القاتلين وغير ذلك، وزعم أنه قد تعود التحمل للحقوق والنوائب، واستعار حمل القربة لتحمل الحقوق ثم ذكر الكاهل؛ لأنه موضع القربة من حاملها وعبر بكون الكاهل ذلولًا مرحلًا عن اعتياده تحمل الحقوق. والقول الآخر أنه تمدح بخدمته الرفقاء في السفر وحمله سقاء الماء على كاهل قد مرن عليه.
ملاحظة: لم يروِ جمهور الأئمة هذه الأبيات الأربعة في هذه القصيدة وزعموا أنها لتأبّطَ شرًّا أعني: وقربة أقوام إلى قوله: وقد أغتدي
وَوَادٍ كَجَـوْفِ العَيْرِ قَفْرٍ قَطَعْتُــهُ :: بِـهِ الذِّئْبُ يَعْوِي كَالخَلِيْعِ المُعَيَّــلِ
الوادي يجمع على الأودية والأوداية.
الجوف: باطن الشيء، والجمع أجواف. العير: الحمار، والجمع الأعيار.
القفر: المكان الخالي، والجمع القفار، ويقال أقفر المكان إقفارًا إذا خلا، ومنه خبز قفار لا إدام معه.
الذئب يجمع على الذئاب والذياب والذؤبان ومنه قيل ذؤبان العرب للخبثاء المتلصصين. وأرض مذأبة: كثيرة الذئاب، وقد تذأبت الريح وتذاءبت إذا هبت من كل ناحية كالذئب إذا حذر من ناحية أتى من غيرها.
الخليع: الذي قد خلعه أهله لخبثه، وكان الرجل منهم يأتي بابنه إلى الموسم ويقول: ألا إني قد خلعت ابني فإن جَرّ1 لم أضمن وإن جُرَّ عليه لم أطلب فلا يؤخذ بجرائره، وزعم الأئمة أن الخليع في هذا البيت المقامر.
المعيل: الكثير العيال، وقد عيَّل تعييلًا فهو معيل إذا كثر عياله.
العواء: صوت الذئب وما أشبهه من السباع، والفعل عوى يعوي عواء.
زعم صنف من الأئمة أنه شبه الوادي في خلائه من الإنس ببطن العير، وهو الحمار الوحشي إذا خلا من العلف وقيل: بل شبهه في قلة الانتفاع به بجوف العير؛ لأنه لا يركب ولا يكون له درّ، وزعم صنف منهم أنه أراد كجوف الحمار فغير اللفظ إلى ما وافقه في المعنى لإقامة الوزن، وزعموا أن حمارًا كان رجلًا من بقية عاد وكان متمسكًا بالتوحيد، فسافر بنوه فأصابتهم صاعقة فأهلكتهم، فأشرك بالله وكفر بعد التوحيد، فأحرق الله أمواله وواديه الذي كان يسكن فيه فلم ينبت بعده شيئًا فشبه امرؤ القيس هذا الوادي بواديه في الخلاء من النبات والإنس.
يقول: وربّ وادٍ يشبه وادي الحمار في الخلاء من النبات والإنس أو يشبه بطن الحمار فيما ذكرنا طويته سيرًا وقطعته، وكان الذئب فيه من فرط الجوع كالمقامر الذي كثر عياله ويطالبه عياله بالنفقة، وهو يصيح بهم ويخاصمهم إذ لا يجد ما يرضيهم به.
فَقُلْـتُ لَهُ لَمَّا عَوَى : إِنَّ شَأْنَنَــا :: قَلِيْلُ الغِنَى إِنْ كُنْتَ لَمَّا تَمَــوَّلِ
قوله: إن شأننا قليل الغنى، يريد: إن شأننا أننا قليل الغنى، ومن روى طويل الغنى فمعناه طويل طلب الغنى. وقد تموّل الرجل إذا صار ذا مال. لَمّا بمعنى لم في البيت.
كذلك يقول: قلت للذئب لَمَّا صاح إن شأننا وأمرنا يقلّ غنانا إن كنت غير متمول كما كنت غير متمول، وإذا روي طويل الغنى، فالمعنى: قلت له إن شأننا أننا نطلب الغنى، ثم لا نظفر به إن كنتَ قليل المال كما كنت قليل المال.
كذلك يقول: قلت للذئب لَمَّا صاح إن شأننا وأمرنا يقلّ غنانا إن كنت غير متمول كما كنت غير متمول، وإذا روي طويل الغنى، فالمعنى: قلت له إن شأننا أننا نطلب الغنى، ثم لا نظفر به إن كنتَ قليل المال كما كنت قليل المال.
كِــلاَنَا إِذَا مَا نَالَ شَيْئَـاً أَفَاتَـهُ :: ومَنْ يَحْتَرِثْ حَرْثِي وحَرْثَكَ يَهْـزَلِ
أصل الحرث إصلاح الأرض وإلقاء البذر فيها، ثم يستعار للسعي والكسب
يقول: كل واحد منا إذا ظفر بشيء فوّته على نفسه أي: إذا ملك شيئًا أنفقه وبذّره ثم قال: ومن سعى سعيي وسعيك افتقر وعاش مهزول العيش.
وَقَـدْ أغْتَدِي والطَّيْرُ فِي وُكُنَاتِهَـا :: بِمُنْجَـرِدٍ قَيْـدِ الأَوَابِدِ هَيْكَــلِ
غدا يغدو غدوًا واغتدى اغتداءً واحدًا.
الطير جمع طائر مثل الشَّرْب في جمع شارب والتَّجْر في جمع تاجر والركب في جمع راكب. ثم يجمع على الطيور مثل بيت وبيوت وشيخ وشيوخ.
الوكنات: مواقع الطير، واحدتها وكنة، وتقلب الواو همزة فيقال أكنة، ثم تجمع الوكنة على الوُكُنات، بضم الفاء والعين، وعلى الوُكَنات، بضم الفاء وفتح العين، وعلى الوُكْنات، بضم الفاء وسكون العين، وتُكَسَّر على الوُكَن، وهذا حكم فعلة نحو ظلمة وظُلُمات وظُلَمات وظُلَم.
المنجرد: الماضي في السير، وقيل: بل هو القليل الشعر.
الأوابد: الوحوش، وقد أبد الوحش يأبد أبودًا، ومنه تأبد الموضع إذا توحش وخلا من القُطَّان، ومنه قيل للفذ آبدة لتوحشه عن الطباع.
الهيكل، قال ابن دريد: هو الفرس العظيم الجرم، والجمع الهياكل.
يقول: وقد أغتدي والطير بعد مستقرة على مواقعها التي باتت عليها على فرس ماضٍ في السير قليل الشعر، يقيّد الوحوش بسرعة لحاقه إياها عظيم الألواح والجرم؛
وتحرير المعنى: أنه تمدَّحَ بمعاناة دجى الليل وأهواله، ثم تمدَّحَ بتحمل حقوق العفاة والأضياف والزوار، ثم تمدح بطيّ الفيافي والأودية، ثم أنشأ الآن يتمدح بالفروسية. يقول: وربما باكرت الصيد قبل نهوض الطير من أوكارها على فرس هذه صفته. وقوله: قيد الأوابد جعل لسرعة إدراكه الصيد كالقيد لها لأنها لا يمكنها الفوت منه كما أن المقيد غير متمكن من الفوت والهرب.
مِكَـرٍّ مِفَـرٍّ مُقْبِلٍ مُدْبِـرٍ مَعــاً :: كَجُلْمُوْدِ صَخْرٍ حَطَّهُ السَّيْلُ مِنْ عَلِ
الكر: العطف، يقال: كرّ فرسه على عدوه أي: عطفه عليه، والكر والكرور جميعًا الرجوع، يقال: كر على قرنه يكر كرًّا وكرورًا، والْمِكَر مفعل من كرّ يكرّ، ومفعل يتضمن مبالغة كقولهم: فلان مسعر حرب وفلان مقول ومصقع، وإنما جعلوه متضمنًا مبالغة؛ لأن مفعلًا قد يكون من أسماء الأدوات نحو المعول والمكتل1 والمخرز، فجعل كأنه أداة للكرور وآلة لسعر الحرب وغير ذلك.
مِفَرٍّ: مفعل من فرّ يفرّ فرارًا، والكلام فيه نحو الكلام في مِكَرّ.
الجلمود والجلمد: الحجر العظيم الصلب، والجمع جلامد وجلاميد.
الصخر: الحجر، الواحدة صخرة، وجمع الصخر صخور.
الْحَطّ: إلقاء الشيء من علو إلى سفل، يقال: حطه يحطه فانحط.
وقوله: من عَلِ أي: من فوق، وفيه سبع لغات، يقال: أتيته من علُ، مضمومة اللام، ومن علو بفتح الواو وضمها وكسرها، ومن عليْ، بياء ساكنة ومن عالٍ مثل قاضٍ، ومن معال، مثل معاد، ولغة ثامنة يقال من علا،
قوله: كجلمود صخر، من إضافة بعض الشيء إلى كله مثل باب حديد وجبّة خز، أي: كجلمود من صخر.
يقول: هذا الفرس مِكَرّ إذا أريد منه الكرّ، ومِفَرّ إذا أريد منه الفر، ومقبل إذا أريد منه إقباله، ومدبر إذا أريد منه إدباره، وقوله: معًا، يعني أن الكر والفر والإقبال والإدبار مجتمعة في قوته لا في فعله؛ لأن فيها تضادًا، ثم شبهه في سرعة مَرِّه وصلابة خلقه بحجر عظيم ألقاه السيل من مكان عالٍ إلى حضيض.
كَمَيْتٍ يَزِلُّ اللَّبْـدُ عَنْ حَالِ مَتْنِـهِ :: كَمَا زَلَّـتِ الصَّفْـوَاءُ بِالمُتَنَـزَّلِ
زل الشيء يزل زليلا، وأزللته أنا.
الحال: مقعد الفارس من ظهر الفرس.
الصفواء والصفوان والصفا: الحجر الصلب.
الباء في قوله بالمتنزل للتعدية.
لكُمَيْتُ من الخيل [ ؤنث ]: ما كان لونه بين الأَسود والأَحمر ، وهو تصغير أَكمت ترخيمًا
يقول: هذا الفرس الكُمَيت1 يزلّ لبده عن متنه لانملاس ظهره واكتناز لحمه، وهما يحمدان من الفرس، كما يُزِلّ الحجرُ الصلب الأملس المطر النازل عليه، وقيل: بل أراد الإنسان النازل عليه، والتَنَزّل والنزول واحد، والمتنزل في البيت صفة لمحذوف وتقديره بالمطر المتنزل أو بالإنسان المتنزل،
وتحرير المعنى: أنه لاكتناز لحمه وانملاس صلبه يزل لبده عن متنه كما أن الحجر الصلب يزل المطر أو الإنسان عن نفسه. وجرّ كميتًا وما قبله من الأوصاف؛ لأنها نعوت لمنجرد.
عَلَى الذَّبْلِ جَيَّاشٍ كأنَّ اهْتِـزَامَهُ :: إِذَا جَاشَ فِيْهِ حَمْيُهُ غَلْيُ مِرْجَـلِ
الذبل والذبول واحد، والفعل ذبل يذبل.
الجياش مبالغة جائش، وهو فاعل من جاشت القدر تجيش جيشًا وجيشانًا إذا غلت، وجاش البحر جيشًا وجيشانًا إذا هاجت أمواجه.
الاهتزام: التكسر.
الحمي: حرارة القيظ2 وغيره والفعل حمي يحمى.
المرجل: القدر من صُفر3 أو حديد أو نحاس أو شبهه، والجمع المراجل،
وروى ابن الأنباري وابن مجاهد عن ثعلب أنه قال: كل قدر من حديد أو صفر أو حجر أو خزف أو نحاس أو غيرها فهو مرجل.
يقول: تغلي فيه حرارة نشاطه على ذبول خلقه وضمر بطنه، وكأن تكسر صهيله في صدره غليان قدر، جعله ذكي القلب نشيطًا في السير والعدو على ذبول خلقه وضمر بطنه ثم شبه تكسر صهيله في صدره بغليان القدر.
مَسْحٍ إِذَا مَا السَّابِحَاتُ عَلَى الوَنَى :: أَثَرْنَ الغُبَـارَ بِالكَـدِيْدِ المُرَكَّـلِ
سح يسحّ: قد يكون بمعنى صب يصب وقد يكون بمعنى انصب ينصب، فيكون
مرة لازمًا ومرة متعديًا، ومصدره إذا كان متعديًا السَّحّ، وإذا كان لازمًا السح والسحوح تقول: سَحَّ الماء فَسحَّ هو، ومِسَحٍّ مفعل من المتعدي، وقد قررنا أن مفعلًا في الصفات يقتضي مبالغة، فالمعنى أنه يصب الجري والعدو صبًّا بعد صبٍّ.
السابح من الخيل: الذي يمد يديه في عدوه، شبه بالسابح في الماء.
الونى: الفتور، ونى يني ونيًا وونى.
الكديد: الأرض الصلبة المطمئنة.
الْمُركَّل من الرَّكل: وهو الدفع بالرجل والضرب بها، والفعل منه ركل يركل ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: “فركلني جبريل”(لا أعلم هذا الحديث قد يكون غير صحيح) 1. والتركيل التكرير والتشديد، والمركَّل الذي يركل مرة بعد أخرى.
يقول: يصب هذا الفرس عدوه وجريه صبًّا بعد صبٍّ، أي يجيء به شيئًا بعد شيء، إذا أثارت جياد الخيل التي تمد أيديها في عدوها الغبار في الأرض الصلبة التي وطئت بالأقدام والمناسم2 والحوافر مرة بعد أخرى في حال فتورها في السير وكلالها؛
وتحرير المعنى: أنه يجيء بجري بعد جري إذا كلّت الخيل السوابح وأعيت وأثارت الغبار في مثل هذا الموضع. وجر مسحًا لأنه صفة الفرس المنجرد ولو رفع لكان صوابًا وكان حينئذٍ خبر مبتدأ محذوف تقديره هو مِسَحّ، ولو نصب لكان صوابًا أيضًا وكان انتصابه على المدح، والتقدير: أذكر مِسَحًّا أو أعني: مِسَحًّا، وكذلك القول فيما قبله من الصفات نحو كميت، يجوز في كل هذه الألفاظ الأوجه الثلاثة من الإعراب. ويروى المرحّل.
يُزِلُّ الغُـلاَمُ الخِفَّ عَنْ صَهَـوَاتِهِ :: وَيُلْوِي بِأَثْوَابِ العَنِيْـفِ المُثَقَّـلِ
الْخِفّ: الخفيف.
الصهوة: مقعد الفارس من ظهر الفرس، والجمع الصهوات وفعله تجمع على فعَلات، بفتح العين، إذا كانت اسْمًا، نحو شَعرة وشعَرات وضربة وضربات، إلا إذا كانت عينها واوًا أو ياء أو مدغمة في اللام فإنها تسكن حينئذ، نحو بيضة وبيضات وعورة وعورات وحبة وحبات، فإذا كانت صفة تجمع على فعْلات، مسكّنة العين أيضًا، نحو ضخمة وضخمات وخدلة1، وخدلات.
ألوى بالشيء: رمى به، وألوى به ذهب به.
العنيف: ضد الرقيق.
يقول: إن هذا الفرس يُزل ويُزلق الغلام الخفيف عن مقعده من ظهره ويرمي بثياب الرجل العنيف الثقيل، يريد أنه يزلق عن ظهره من لم يكن جيد الفروسية عالِمًا بها ويرمي بأثواب الماهر الحاذق في الفروسية لشدة عدوه وفرط مرحه في جريه، وإنما عبر بصهواته ولا يكون له إلا صهوة واحدة؛ لأنه لا لبس فيه، فجرى الجمع والتوحيد مجرى واحدًا عند الاتساع؛ لأن إضافتها إلى ضمير الواحد تزيل اللبس كما يقال: رجل عظيم المناكب وغليظ المشافر، ولا يكون له إلا منكبان وشفتان، ورجل شديد مجامع الكتفين، ولا يكون له إلا مجمع واحد. ويروى: يُطير الغلام، أي يطيره، ويروى: يزل الغلام الخفّ، بفتح الياء من يزل ورفع الغلام فيكون فعلًا لازمًا.
دَرِيْرٍ كَخُـذْرُوفِ الوَلِيْـدِ أمَرَّهُ :: تَتَابُعُ كَفَّيْـهِ بِخَيْـطٍ مُوَصَّـلِ
لدرير: من دَرّ يدر، وقد يكون درّ لازمًا ومتعديًا يقال: درت الناقة اللبن فدر اللبن، ثم الدرير ههنا يجوز أن يكون بمعنى الدار من دار إذا كان متعديًا، والفعل يكثر مجيئه بمعنى الفاعل نحو قادر وقدير وعالم وعليم، ويجوز أن يكون بمعنى الْمُدِرّ من الإدرار وهو جعل الشيء دارًّا، وقد يكثر الفعيل بمعنى المفعل كالحكيم بمعنى المحكم والسميع بمعنى المسمع، أي المسمع.
الخذروف: حصاة مثقوبة يجعل الصبيان فيه خيطًا فيديرها الصبي على رأسه. شبه سرعة هذا الفرس بسرعة دوران الحصان على رأس الصبي.
الوليد: الصبي، والجمع الولدان،
وجمع خذاريف، والوليدة: الصبية، وقد يستعار للأمة، والجمع الولائد. الإمرار: إحكام الفتل.
قول: هو يدرّ العدو والجري أي: يديمهما ويواصلهما ويتابعهما ويسرع فيهما إسراع خذورف الصبي إذا أحكم فتل خيطه وتتابعت كفاه في فتله، وإدارته بخيط قد انقطع ثم وصل، وذلك أشد لدورانه لانملاسه ومرونه على ذلك، وتحرير المعنى: أنه مديم السير والعدو متابع لهما، ثم شبهه في سرعة مره وشدة عدوه بالخذروف في دورانه إذا بولغ في فتل خيطه موصلًا؛ ويسوغ في إعراب درير ما ساغ في إعراب مسح من الأوجه الثلاثة.
لَهُ أيْطَـلا ظَبْـيٍ وَسَاقَا نَعَـامَةٍ :: وإِرْخَاءُ سَرْحَانٍ وَتَقْرِيْبُ تَتْفُـلِ
الأيطل والإطْل والإطل: الخاصرة، والجمع الأياطل والآطال، أجمع البصريون على أنه لم يأت على فِعِل من الأسماء إلا إبل، ومن الصفات إلا بِلِزِ وهي الجارية التارة1 السمينة الضخمة، وحكى الكوفيون إطلًا من الأسماء أيضًا مثل إبل، فقد اتفق الفريقان على اقتصار فعل على هذه الثلاثة.
الظبي يجمع أظب وظباء،
والساق على الأسؤق والسوق.
والنعامة تجمع على النعامات والنعام والنعائم.
الإرخاء ضرب من عدو الذئب يشبه خَبَب الدواب،
السرحان: الذئب،
والتقريب: وضع الرجلين موضع اليدين في العدو.
التتفل: ولد الثعلب
شبه خاصرتي هذا الفرس بخاصرتي الظبي في الضمر، وشبه ساقيه بساقي النعامة في الانتصاب والطول، وعدوه بإرخاء الذئب، وتقريبه بتقريب ولد الثعلب، فجمع أربعة تشبيهات في هذا البيت.
ضَلِيْعٍ إِذَا اسْتَـدْبَرْتَهُ سَدَّ فَرْجَـهُ :: بِضَافٍ فُوَيْقَ الأَرْضِ لَيْسَ بِأَعْزَلِ
الضليع: العظيم الأضلاع المنتفخ الجنبين، والجمع الضلعاء والمصدر الضلاعة والفعل ضلُع يضلُع.
والاستدبار: النظر إلى دبر الشيء، وهو مؤخره، وتتبع دبر الشيء.
الفرج: الفضاء بين اليدين والرجلين، والجمع الفروج،
الضَّفْوُ. السبوغ والتمام والفعل ضفا يضفو، أراد بذنَب ضافٍ فحذف الموصوف اجتزاء بدلالة الصفة عليه، كقولهم: مررت بكريم، أي: بإنسان كريم. فويق: تصغير فوق وهو تصغير التقريب مثل قبيل وبُعَيد في تصغير قبل وبعد.
الأعزل: الذي يميل عظم ذنبه إلى أحد الشقين.
يقول: هذا الفرس عظيم الأضلاع منتفخ الجنبين إذا نظرت إليه من خلفه رأيته قد سد الفضاء الذي بين رجليه بذنبه السابغ1 التام الذي قرب من الأرض وهو غير مائل إلى أحد الشقين فسبوغ ذنبه من دلائل عتقه وكرمه، وشرط كونه فويق الأرض؛ لأنه إذا بلغ الأرض وطئه برجليه وذلك عيب؛ لأنه ربما عثر به، واستواء عسيب2 ذنبه أيضًا من دلائل العتق والكرم.
كَأَنَّ عَلَى المَتْنَيْنِ مِنْهُ إِذَا انْتَحَـى :: مَدَاكَ عَرُوسٍ أَوْ صَلايَةَ حَنْظَـلِ
المتنان: تثنية متن وهما ما عن يمين الفقار وشماله.
الانتحاء: الاعتماد والقصد.
المداك: الحجر الذي يسحق به الطيب وغيره، والذي يسحق عليه أيضًا مداك، والدَّوك: السحق، الفعل منه داك يدوك دوكًا،
الصَلاية: الحجر الأملس الذي يسحق عليه شيء كالهبيد وهو حب الحنظل.
ويروى: كأن سراته لدى البيت قائمًا. السراة: أعلى الظهر، والجمع السروات، ويستعار لعلية الناس، وسراة النهار أعلى مداه، والسرو الارتفاع في المجد والشرف، والفعل منه سرا يسرو وسرى يسري وسَرُوَ يسرو، ونصب قائمًا على الحال. شبَّهَ انملاس ظهره واكتنازه باللحم، بالحجر الذي تسحق العروس به أو عليه الطيب، أو بالحجر الذي يكسر عليه الحنظل ويستخرج حبّه، وخص مداك العروس لحدثان عهدها بالسحق للطيب.
كَأَنَّ دِمَاءَ الهَـادِيَاتِ بِنَحْـرِهِ :: عُصَارَةُ حِنَّاءٍ بِشَيْـبٍ مُرَجَّـلِ
والجمع دماء ودُمِيّ، والتصغير دُمَيّ، والقطعة منه دَمَة، حكاها الليث، وقد دمي الشيء يدمي إذا تلطخ بالدم، وأدميته أنا ودميته.
الهاديات المتقدمات والأوائل، وسمي المتقدم هاديًا؛ لأن هادي القوم يتقدمهم، ومنه قيل لعنق الفرس هادٍ؛ لأنه يتقدم على سائر جسده.
عصارة الشيء: ما خرج منه عند عصره.
الترجيل: تسريح الشعر.
المرجَّل: الْمُسَّرح بالمشط.
يقول: كأن دماء أوائل الصيد والوحش على نحر هذا الفرس عصارة حناء خضب بها شيب مُسَرَّح، شبه الدم الجامد على نحره من دماء الصيد بما جف من عصارة الحناء عن شعر الأشيب، وأتى بالمرجَّل لإقامة القافية.
فَعَـنَّ لَنَا سِـرْبٌ كَأَنَّ نِعَاجَـهُ :: عَـذَارَى دَوَارٍ فِي مُلاءٍ مُذَبَّـلِ
عنَّ أي: عرضَ وظهر.
السرب: القطيع من الظباء أو النساء أو القطا أو المها أو البقر أو الخيل، والجمع الأسراب.
النعاج: اسم لإناث الضأن وبقر الوحش وشاء الجبل، والواحدة نعجة، وجمع التصحيح نعجات، والمراد بالنعاج في هذا البيت إناث بقر الوحش،
وبالسرب القطيع منها.
العذراء: البكر التي لم تمس، والجمع عذارى.
الدوار: حجر كان أهل الجاهلية ينصبونه ويطوفون حوله تشبيهًا بالطائفين حول الكعبة إذا نأوا عن الكعبة.
الملاء: جمع ملاءة، وإنما تسمى ملاءة إذا كانت لِفْقَين1.
المذيل: الذي أطيل ذيله وأرخي.
يقول: فعرض لنا وظهر قطيع من بقر الوحش كأن إناث ذلك القطيع نساء عَذارَى يطفن حول حجر منصوب يطاف حوله في ملاء طويل ذيولها، وشبه المها في بياض ألوانها بالعذارى لأنهن مصونات في الخدور لا يغير ألوانهن حر الشمس وغيره، وشبّه طول أذيالها وسبوغ شعرها بالملاء المذيل. وشبّه حسن مشيها بحسن تبختر العذارى في مشيهن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق