الأحد، 20 أكتوبر 2019

. احمد الكاشف: نعوا يوم الخميس إليَّ خالي

نعوا يوم الخميس إليَّ خالي
فقلت مضت مصافاة الليالي
أبعدك يا عليُّ تطيب نفسي
بعالي منصبٍ وكثير مال
وهل يشفي تباريحي شراب
وقد أصبحت أشرق بالزلال
نهى الحدثان عن طربٍ فؤادي
ولهوٍ بالنديم وبالغزال
وردت ناظري صور المنايا
برهبتهن عن صور الجمال
وحالت بين قلبي والتمني
عظات فيه واسعة المجال
فلست براغب في عود دهري
ولا وعد الحبيبة بالوصال
رويداً خاليَ الماضي رويداً
فقد أزعجتني وشغلت بالي
مضيت وما رأيتك منذ دهر
تغير فيه حال بعد حال
وفاجأك المنون فلم تودع
ولم تنذر بهذا الانتقال
تركت مظاهر الدنيا قنوعاً
بحظك في الثمانين الطوال
وغادرت المآرب بعد زهد
وفارقت المنى بعد ابتذال
وكنت من الغمام أعمَّ خيراً
وأثبت في الخطوب من الجبال
وتمتلك الأحبة والأعادي
بأخلاق أرق من الشمال
وكنت إذا قضيت حكمت عدلاً
وأخرجت الحرام من الحلال
وأحسن من حيائك في شباب
وقارُك في مشيب واكتهال
وكنت أحب بعد أبي وأمي
إليَّ من الرفاق وكلِّ آلي
وكم لك من مقاصد ظاهرات
سعيت لها على الأسل النهال
وقد كنت المعين على صلاحي
ومرشديَ العظيم إلى الكمال
تعلمني الرماية والقوافي
وآداب الخطابة والجدال
وتلهمني المعاني باهرات
أسيل بهن كالسحر الحلال
وتوضح لي المسالك والمساعي
فأبلغ كل ممتنع المنال
وتشربني بعلمك حب ديني
وقومي والخليفة والهلال
فماذا لي تركت من الوصايا
ومحض النصح والحِكَم الغوالي
وهل أبقيت لي عزماً لأسعى
وقد أضحت مقيَّدةً رحالي
وهل أرجو لقاءك في حياتي
وقد صار اللقاء من المحال
وهل يسليك عني ما تلاقي
من الرضوان إني غير سال
سألتُ ولو سمعتَ رحمتَ حزني
ولكن أين سمعك من سؤالي
أطاع الدمعُ خطبَك وهو عاصٍ
وأرخصه رثاؤك وهو غال
يفيض كزاخرٍ ويثور صدري
وليس بمطفئٍ حرَّ اشتعالي
لئن أبكى عيوني فيك خطبي
فقد أبكى المكارمَ والمعالي
لك الفردوس تسكنها رضيّاً
بأجرك والتذكُّرُ والجوى لي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق