يقول ابن كثير في البداية والنهاية ج12 في أحداث سنة 432 هـ :
فيها عظم شأن السلجوقية وارتفع شان ملكهم طغرلبك وأخيه داود وهما أبنا ميكائيل بن سلجوق بن بغاق وقد كان جدهم بغلق هذا من مشايخ الترك القدماء الذي لهم رأي ومكيدة ومكانة عند ملكهم الأعظم ونشأ ولده سلجوق نجيبا شهما فقدمه الملك ولقبه شباسي فأطاعته الجيوش وانقاد له الناس بحيث تخوف منه الملك وأراد قتله فهرب منه إلى بلاد المسلمين فأسلم فازداد عزا وعلوا ثم توفي عن مائة وسبع سنين وخلف أرسلان وميكائيل وموسى فأما مكائيل فإنه اعتنى بقتال الكفار من الأتراك حتى قتل شهيدا وخلف ولديه طغرلبك محمد وجعفر بك داود فعظم شانهما في بني عمهما واجتمع عليهما الترك من المؤمنين وهم ترك الإيمان الذي يقول لهم الناس تركمان وهم السلاجقة بنو سلجوق جدهم هذا فأخذوا بلاد خراسان بكمالها بعد موت محمود بن سبكتكين وقد كان يتخوف منهم محمود بعض التخوف فلما مات وقام ولده مسعود بعده قاتلهم وقاتلوه مرارا فكانوا يهزمونه في أكثر المواقف واستكمل لهم ملك خراسان بأسرها ثم قصدهم مسعود في جنود يضيق بهم الفضاء فكسروه وكبسه مرة داود فانهزم مسعود فاستحوذ على حواصله وخيامه وجلس على سريره وفرق الغنائم على جيشه ومكث جيشه على خيولهم لا ينزلون عنها ثلاثة أيام خوفا من دهمة العدو وبمثل هذا تم لهم ما راموه وكمل لهم جميع ما أملوه ثم كان من سعادتهم أن الملك مسعود توجه نحو بلاد الهند لسبي بها وترك مع ولده مودود جيشا كثيفا بسبب قتال السلاجقة فلما عبر الجسر الذي على سيحون نهبت جنوده حواصله واجتمعوا على أخيه محمد بن محمود وخلعوا مسعودا فرجع إليهم مسعود فقاتلهم فهزموه وأسروه فقال له أخوه والله لست بقاتلك على شر صنيعك إلي ولكن اختر لنفسك أي بلد تكون فيه أنت وعيالك فاختار قلعة كبرى وكان بها ثم إن الملك محمدا أخا مسعود جعل لولده الأمر من بعده وبايع الجيش له وكان ولده اسمه أحمد وكان فيه هرج فاتفق هو ويوسف بن سبكتكين على قتل مسعود ليصفو لهم الأمر ويتم لهم الملك فسار إليه أحمد من غير علم أبيه فقتله فلما علم أبوه بذلك غاظه وعتب على ابنه عتبا شديدا وبعث إلى ابن أخيه يعتذر إليه ويقسم له أنه لم يعلم بذلك حتى كان ما كان فكتب إليه مودود بن مسعود رزق الله ولدك المعتوه عقلا يعيش به فقد ارتكب أمرا عظيما وقدم على إراقة دم مثل والدي الذي لقبه أمير المؤمنين بسيد الملوك والسلاطين وستعلمون أي حيف تورطتم وأي شر تأبطتم وسيعلم الذي ظلموا أي منقلب ينقلبون ثم سار إليهم في جنود فقاتلهم فقهرهم وأسرهم فقتل عمه محمدا وابنه أحمد وبني عمه كلهم إلا عبدالرحمن وخلقا من رؤس أمرائهم وابتنى قرية هنالك وسماها فتحا أباذا ثم سار إلى غزنة فدخلها في شعبان فأظهر العدل وسلك سيرة جده محمود فأطاعه الناس وكتب إليه أصحاب الأطراف بالإنقياد والإتباع والطاعة غير أنه أهلك قومه بيده وهذا من جملة سعادة السلاجقة .
فيها عظم شأن السلجوقية وارتفع شان ملكهم طغرلبك وأخيه داود وهما أبنا ميكائيل بن سلجوق بن بغاق وقد كان جدهم بغلق هذا من مشايخ الترك القدماء الذي لهم رأي ومكيدة ومكانة عند ملكهم الأعظم ونشأ ولده سلجوق نجيبا شهما فقدمه الملك ولقبه شباسي فأطاعته الجيوش وانقاد له الناس بحيث تخوف منه الملك وأراد قتله فهرب منه إلى بلاد المسلمين فأسلم فازداد عزا وعلوا ثم توفي عن مائة وسبع سنين وخلف أرسلان وميكائيل وموسى فأما مكائيل فإنه اعتنى بقتال الكفار من الأتراك حتى قتل شهيدا وخلف ولديه طغرلبك محمد وجعفر بك داود فعظم شانهما في بني عمهما واجتمع عليهما الترك من المؤمنين وهم ترك الإيمان الذي يقول لهم الناس تركمان وهم السلاجقة بنو سلجوق جدهم هذا فأخذوا بلاد خراسان بكمالها بعد موت محمود بن سبكتكين وقد كان يتخوف منهم محمود بعض التخوف فلما مات وقام ولده مسعود بعده قاتلهم وقاتلوه مرارا فكانوا يهزمونه في أكثر المواقف واستكمل لهم ملك خراسان بأسرها ثم قصدهم مسعود في جنود يضيق بهم الفضاء فكسروه وكبسه مرة داود فانهزم مسعود فاستحوذ على حواصله وخيامه وجلس على سريره وفرق الغنائم على جيشه ومكث جيشه على خيولهم لا ينزلون عنها ثلاثة أيام خوفا من دهمة العدو وبمثل هذا تم لهم ما راموه وكمل لهم جميع ما أملوه ثم كان من سعادتهم أن الملك مسعود توجه نحو بلاد الهند لسبي بها وترك مع ولده مودود جيشا كثيفا بسبب قتال السلاجقة فلما عبر الجسر الذي على سيحون نهبت جنوده حواصله واجتمعوا على أخيه محمد بن محمود وخلعوا مسعودا فرجع إليهم مسعود فقاتلهم فهزموه وأسروه فقال له أخوه والله لست بقاتلك على شر صنيعك إلي ولكن اختر لنفسك أي بلد تكون فيه أنت وعيالك فاختار قلعة كبرى وكان بها ثم إن الملك محمدا أخا مسعود جعل لولده الأمر من بعده وبايع الجيش له وكان ولده اسمه أحمد وكان فيه هرج فاتفق هو ويوسف بن سبكتكين على قتل مسعود ليصفو لهم الأمر ويتم لهم الملك فسار إليه أحمد من غير علم أبيه فقتله فلما علم أبوه بذلك غاظه وعتب على ابنه عتبا شديدا وبعث إلى ابن أخيه يعتذر إليه ويقسم له أنه لم يعلم بذلك حتى كان ما كان فكتب إليه مودود بن مسعود رزق الله ولدك المعتوه عقلا يعيش به فقد ارتكب أمرا عظيما وقدم على إراقة دم مثل والدي الذي لقبه أمير المؤمنين بسيد الملوك والسلاطين وستعلمون أي حيف تورطتم وأي شر تأبطتم وسيعلم الذي ظلموا أي منقلب ينقلبون ثم سار إليهم في جنود فقاتلهم فقهرهم وأسرهم فقتل عمه محمدا وابنه أحمد وبني عمه كلهم إلا عبدالرحمن وخلقا من رؤس أمرائهم وابتنى قرية هنالك وسماها فتحا أباذا ثم سار إلى غزنة فدخلها في شعبان فأظهر العدل وسلك سيرة جده محمود فأطاعه الناس وكتب إليه أصحاب الأطراف بالإنقياد والإتباع والطاعة غير أنه أهلك قومه بيده وهذا من جملة سعادة السلاجقة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق