الثلاثاء، 10 مارس 2020

قِفا نَبكِ مِن ذِكرى حَبيبٍ وَمَنزِلِ 2

فَمِثْلِكِ حُبْلَى قَدْ طَرَقْتُ ومُرْضِـعٍ :: فَأَلْهَيْتُهَـا عَنْ ذِي تَمَائِمَ مُحْـوِلِ

خفض فمثلك بإضمار رُبّ، أراد فرب امرأة حبلى. 
الطروق: الإتيان ليلًا، والفعل طرق يطرق.
 المرضع: التي لها ولد رضيع، والمعول في هذا الباب على السماع إذ هو غير منقاد للقياس.
 لهيت عن الشيء ألهى عنه لهيًا إذا شغلت عنه وسلوت، وألهيته إلهاء إذا شغلته. 
التميمة: العوذة
يقول: فربَّ امرأة حبلى قد أتيتها ليلًا وربّ امرأة ذات رضيع أتيتها ليلًا فشغلتها عن ولدها الذي علقت على العوذة وقد أتى عليه حول كامل، أو قد حبلت أمه بغيره فهي ترضعه على حبلها، وإنما خص الحبلى والمرضع؛ لأنهما أزهد النساء في الرجال وأقلهن شغفًا بهم وحرصًا عليهم، فقال: خدعت مثلهما مع اشتغالهما بأنفسهما فكيف تتخلصين مني؟ قوله: فمثلك، يريد به فرُبَّ امرأة مثل عنيزة في ميله إليها وحبه لها؛ لأن عنيزة في هذا الوقت كانت عذراء غير حبلى ولا مرضع.
إِذَا مَا بَكَى مِنْ خَلْفِهَا انْصَرَفَتْ لَهُ :: بِشَـقٍّ وتَحْتِي شِقُّهَا لَمْ يُحَـوَّلِ
شقّ الشيء: نصفه. 
يقول: إذا ما بكى الصبي من خلف المرضع انصرفت إليه بنصفها الأعلى فأرضعته وأرضته وتحتي نصفها الأسفل لم تحوله عني، وصف غاية ميلها إليه وكلفها به حيث لم يشغلها عن مرامه ما يشغل الأمهات عن كل شيء.
ويَوْماً عَلَى ظَهْرِ الكَثِيْبِ تَعَـذَّرَتْ :: عَلَـيَّ وَآلَـتْ حَلْفَةً لم تَحَلَّـلِ
الكثيب: رمل كثير، والجمع أكثبة وكُثُب وكثبان.
 التعذر: التشدد 
والالتواء والإيلاء والائتلاء والتألّي: الحلف، يقال: آلى وائتلى وتأَلّى إذا حلف، واسم اليمين الأَلِيَّة والأَلوة والأُلوة معًا، 
والْحَلْف المصدر. والْحَلِف بكسر اللام. الاسم. الحلفة: المرة. 
التحلل في اليمين: الاستثناء. نصب حلفة لأنها حلت محل الإيلاء كأنه قال: وآلت إيلاء والفعل يعمل فيما وافق مصدره في المعنى كعمله في مصدر نحو قولهم: إني لأشنؤه1 بغضًا وإني لأبغضه كراهية. 
يقول: وقد تشددت العشيقة والْتَوت، وساءت عشرتها يومًا على ظهر الكثيب المعروف، وحلفت حلفًا لم تستثن فيه أنها تصارمني وتهاجرني، هذا، ويحتمل أن يكون صفة حال اتفقت له مع عنيزة، ويحتمل أنها اتفقت مع المرضع التي وصفها.
أفاطِـمَ مَهْلاً بَعْضَ هَذَا التَّدَلُّـلِ :: وإِنْ كُنْتِ قَدْ أزْمَعْتِ صَرْمِي فَأَجْمِلِي
مهلًا: أي رفقًا.
 الإدلال والتدليل: أي يثق الإنسان بحب غيره إياه فيؤذيه على حسب ثقته به، والاسم الدّالة والدال والدلال. 
أزمعت الأمر وأزمعت عليه: وطّنت نفسي عليه.
يقول: يا فاطمة دعي بعض دلالك وإن كنت وطّنت نفسك على فراقي فأجملي في الهجران. نصب بعض؛ لأن مهلًا ينوب مناب دع. الصرم: المصدر، يقال: صرمت الرجل أصرمه صرمًا إذا قطعت كلامه، والصرم الاسم. فاطمة: اسم المرضع أو عنيزة، وعنيزة لقب لها فيما قيل.
أغَـرَّكِ مِنِّـي أنَّ حُبَّـكِ قَاتِلِـي :: وأنَّـكِ مَهْمَا تَأْمُرِي القَلْبَ يَفْعَـلِ
يقول: قد غرك مني كون حبك قاتلي وكون قلبي منقادًا لك بحيث مهما أمرته بشيء فعله. وألف الاستفهام دخلت على هذا القول للتقرير لا للاستفهام والاستخبار، يريد أنهم خير هؤلاء، وقيل: بل معناه قد غرك مني أنك علمت أن حبك مُذلّلي، والقتل التذليل، وأنك تملكين فؤادك فمهما أمرت قلبك بشيء أسرع مرادك فتحسبين أني أملك عنان قلبي كما ملكت عنان قلبك حتى يسهل علي فراقك كما سهل عليك فراقي، ومن الناس من حمله على مقتضى الظاهر وقال: معنى البيت: أتوهمت وحسبت أن حبك يقتلني أو أنك مهما أمرت قلبي بشيء فعله؟ قال: يريد أن الأمر ليس على ما خيل إليك فإني مالك زمام قلبي، والوجه الأمثل هو الوجه الأول وهذا القول أرذل الأقوال، لأن مثل هذا الكلام لا يستحسن في النسيب بالحبيب.
وإِنْ تَكُ قَدْ سَـاءَتْكِ مِنِّي خَلِيقَـةٌ :: فَسُلِّـي ثِيَـابِي مِنْ ثِيَابِكِ تَنْسُـلِ
من الناس من جعل الثياب في هذا البيت بمعنى القلب، فالمعنى على هذا القول: إن ساءك خلق من أخلاقي وكرهت خصلة من خصالي فردي على قلبي أفارقك، ولا معنى على هذا القول: استخرجي قلبي من قلبك يفارقه.
 النسول: سقوط الريش والوبر والصوف والشعر، يقال: نسل ريش الطائر ينسل نسولًا، واسم ما سقط النسيل والنسال؛ ومنهم من رواه تنسلي وجعل الانسلاء بمعنى التسلي، والرواية الأولى أولاهما بالصواب، ومن الناس من حمل الثياب في البيت على الثياب الملبوسة وقال: كنّى بتباين الثياب وتباعدها عن تباعدهما، وقال: إن ساءك شيء من أخلاقي فاستخرجي ثيابي من ثيابك أي: ففارقيني وصارميني كما تحبين فإني لا أوثر إلا ما أثرت ولا أختار إلا ما اخترت لانقيادي لك وميلي إليك، فإذا آثرتِ فراقي آثرتُه وإن كان سبب هلاكي وجالب موتي.
وَمَا ذَرَفَـتْ عَيْنَاكِ إلاَّ لِتَضْرِبِـي :: بِسَهْمَيْكِ فِي أعْشَارِ قَلْبٍ مُقَتَّـلِ
ذرف الدمع ذريفًا وذرفانًا وتذرافًا إذا سال، ثم يقال: ذرفت [عينه] ، كما يقال: دمعت عينه، وللأئمة في البيت قولان، قال الأكثرون: استعار لِلَحْظِ عينيها ودمعهما اسم السهم لتأثيرهما في القلوب وجرحهما إياها كما أن السهام تجرح الأجسام وتؤثر فيها. والأعشار من قولهم: برمة أعشار إذا كانت قطعًا، ولا واحد لها من لفظها. المقتّل: المذلل غاية التذليل، والقتل في الكلام التذليل، وتلخيص المعنى على هذا القول: وما دمعت عيناك وما بكيت إلا لتصيدي قلبي بسهمي دمع عينيك وتجرحي قطع قلبي الذي ذللته بعشقك غاية التذليل، أي نكايتهما في قلبي نكاية السهم في المرمى، وقال آخرون: أراد بالسهمين المعلّى والرقيب من سهام الميسر. والجزور1 يقسم على عشرة أجزاء، فللمعلّى سبعة أجزاء وللرقيب ثلاثة أجزاء، فمن فاز بهذين القدحين فقد فاز بجميع الأجزاء وظفر بالجزور، وتلخيص المعنى على هذا القول: وما بكيت إلا لتملكي قلبي كله وتفوزي بجميع أعشاره وتذهبي بكله والأعشار على هذا القول جمع عشر؛ لأن أجزاء الجزور عشرة، والله أعلم
وبَيْضَـةِ خِدْرٍ لاَ يُرَامُ خِبَاؤُهَـا :: تَمَتَّعْتُ مِنْ لَهْوٍ بِهَا غَيْرَ مُعْجَـلِ
أي: ورب بيضة خدر، يعني: ورب امرأة لزمت خدرها، ثم شبهها بالبيض، والنساء يشبهن بالبيض من ثلاثة أوجه: أحدها بالصحة والسلامة عن الطمث والثاني: في الصيانة والستر؛ لأن الطائر يصون بيضه ويحضنه، والثالث: في صفاء اللون ونقائه؛ لأن البيض يكون صافي اللون نقيه إذا كان تحت الطائر، وربما شبهت النساء ببيض النعام، وأريد أنهن بيض تشوب ألوانهن صفرة يسيرة وكذلك لون بيض النعام، الرَّوم: الطلب والفعل منه يروم: الخباء: البيت إذا كان من قطن أو وبر أو صوف أو شعر، والجمع الأخبية. التمتع: الانتفاع. وغير يروى بالنصب والجر فالجر على صفة لهو، والنصب على الحال من التاء في تمتعت.
ويقول: وربّ امرأة كالبيض في سلامتها من الافتضاض، أو في الصون والستر أو في صفاء اللون ونقائه، أو في بياضها المشوب بصفرة يسيرة ملازمة خدرها غير خرَّاجة ولَّاجة انتفعت باللهو بها على تمكث وتلبث لم أعجل عنها ولم أشغل عنها بغيرها.
تَجَاوَزْتُ أحْرَاساً إِلَيْهَا وَمَعْشَـراً :: عَلَّي حِرَاصاً لَوْ يُسِرُّوْنَ مَقْتَلِـي
لأحراس يجوز أن يكون جمع حارس بمنزلة صاحب وأصحاب وناصر وأنصار وشاهد وأشهاد، ويجوز أن يكون جمع حرس بمنزلة جبل وأجبال وحجر وأحجار، ثم يكون الحرّس جمع حارس بمنزلة خادم وخدّم وغائب وغيّب وطالب وطلّب وعابد وعبّد. 
والمعشر: القوم. والجمع المعاشر. 
الحراص: جمع حريص، مثل ظراف وكرام ولئام في جمع ظريف وكريم ولئيم. الإسرار: الإظهار والإضمار جميعًا؛ وهو من الأضداد، ويروى: لو يشرون مقتلي بالشين المعجمة وهو الإظهار لا غير.
يقول: تجاوزت في ذهابي إليها وزيارتي إياها أهوالًا كثيرةً وقومًا يحرسونها وقومًا حراصًا على قتلي لو قدروا عليه في خفية؛ لأنهم لا يجترئون على قتلي جهارًا، أو حراصًا على قتلي لو أمكنهم قتلي ظاهرًا لينزجر ويرتدع غيري عن مثل صنيعي؛ وحمله على الأول أولى؛ لأنه كان ملكًا والملوك لا يقدر على قتلهم علانية.
إِذَا مَا الثُّرَيَّا فِي السَّمَاءِ تَعَرَّضَتْ :: تَعَـرُّضَ أَثْنَاءَ الوِشَاحِ المُفَصَّـلِ
التعرض: الاستقبال، والتعرض إبداء العرض، وهو الناحية، والتعرض الأخذ في الذهاب عرضًا. الأثناء: النواحي، 
والأثناء: الأوساط، يقول: تجاوزت إليها في وقت إبداء الثريا عرضها في السماء كإبداء الوشاح الذي فصل بين جواهره وخرزه بالذهب أو غيره عرضه.
يقول: أتيتها عند رؤية نواحي كواكب الثريا في الأفق الشرقي، ثم شبه نواحيها بنواحي جواهر الوشاح، هذا أحسن الأقوال في تفسير البيت، ومنهم من قال: شبه كواكب الثرايا بجواهر الوشاح؛ لأن الثريا تأخذ وسط السماء كما أن الوشاح يأخذ وسط المرأة المتوشحة، ومنه من زعم أنه أراد الجوزاء فغلط وقال: الثريا لأن التعرّض للجوزاء دون الثريا، وهو قول محمد بن سلام الجمحي، وقال بعضهم: تعرض الثريا أنها إذا بلغت كبد السماء في العرض ذاهبة ساعة كما أن الوشاح يقع مائلًا إلى أحد شِقَّيْ المتوشحة به.
فَجِئْتُ وَقَدْ نَضَّتْ لِنَوْمٍ ثِيَابَهَـا :: لَـدَى السِّتْرِ إلاَّ لِبْسَةَ المُتَفَضِّـلِ
نضا الثياب ينضوها نضوًا إذا خلعها، ونضّاها يُنضِّيها إذا أراد المبالغة، 
اللِبسة: حالة اللابس وهيئة لبسه الثياب بمنزلة الْجِلسة والقِعدة والركبة والرِدية والإزرة1. المتفضل: اللابس ثوبًا واحدًا إذا أراد الخفة في العمل والفضلة والفضل اسمان لذلك.
يقول: أتيتها وقد خلعت ثيابها عند النوم غير ثوب واحد تنام فيه وقد وقفت عند الستر مترقبة ومنتظرة، وإنما خلعت الثياب لتري أهلها أنها تريد النوم.
فَقَالـَتْ : يَمِيْنَ اللهِ مَا لَكَ حِيْلَةٌ :: وَمَا إِنْ أَرَى عَنْكَ الغَوَايَةَ تَنْجَلِـي
اليمين: الحلف.
 الغواية والغي: الضلالة، والفعل: غوي يغوى غواية، ويروى العماية وهي العمى. 
الانجلاء: الانكشاف، وجلوته: كشفته فانجلى. الحيلة أصلها حولة فأبدلت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها. وإن في قوله وما إن زائدة، 
يقول: فقالت الحبيبة: أحلف بالله ما لك حيلة، أي: ما لي لدفعك عني حيلة، وقيل: بل معناه ما لك حجة في أن تفضحني بطروقك إياي وزيارتك ليلًا، يقال: ما له حيلة أي: ما له عذر وحجة، وما أرى ضلال العشق وعماه منكشفًا عنك، تحرير المعنى أنها قالت: ما لي سبيل إلى دفعك أو ما لك عذر في زيارتي وما أراك نازعًا عن هواك وغيك، ونصب يمين الله كقولهم: الله لأقومن، على إضمار الفعل، وقال الرواة: هذا أغنج بيت في الشعر.
خَرَجْتُ بِهَا أَمْشِي تَجُرُّ وَرَاءَنَـا :: عَلَـى أَثَرَيْنا ذَيْلَ مِرْطٍ مُرَحَّـلِ
خرجت بها أفادت الباء تعدي الفعل، والمعنى: أخرجتها من خدرها،
 الأَثَرُ والإثر واحد، وأما الأثر. بفتح الهمزة وسكون الثاء. فهو فرند السيف. ويروى: على إثرنا أذيال، والذيل يجمع على الأذيال والذيول. المرط عند العرب. كساء من خز أو مرعزى1 أو من صوف، وقد تسمى الملاءة مرطًا أيضًا، والجمع المروط. المرحَّل: المنقش بنقوش تشبه رحال الإبل، يقال: ثوب مرحل وفي هذا الثوب ترحيل.
يقول: فأخرجتها من خدرها وهي تمشي وتجر مرطها على أثرنا لتُعَفِّي به آثار أقدامنا، والمرط كان موشّي بأمثال الرحال، ويروى: نير مرط، والنير: علم الثوب.
فَلَمَّا أجَزْنَا سَاحَةَ الحَيِّ وانْتَحَـى :: بِنَا بَطْنُ خَبْتٍ ذِي حِقَافٍ عَقَنْقَلِ
يقال: أجزت المكان وجزته إذا قطعته إجازة وجوازًا،
 الساحة تجمع على الساحات والساح والسوح مثل قارة وقارات وقار وقور. والقارة: الجبيل الصغير.
 الحي: القبيلة، والجمع الأحياء، وقد تسمى الحلة حيًّا. 
الانتحاء والتنحي والنحو: الاعتماد على الشيء، ذكره ابن الاعرابي.
 البطن: مكان مطمئن حوله أماكن مرتفعة والجمع أبطن وبطون وبطنان.
 الخبت: أرض مطمئنة. 
الحقف: رمل مشرف معوج، والجمع أحقاف وحقاف، ويروى ذي قفاف وهي جمع قف: وهو ما غلظ وارتفع من الأرض ولم يبلغ أن يكون جبلًا. 
العقنقل: الرمل المنعقد المتلبد. وأصله من العقل وهو الشد
يقول: فلما جاوزنا ساحة الحلة وخرجنا من بين البيوت وصرنا إلى أرض مطمئنة بين حقاف، يريد مكانًا مطمئنًا أحاطت به حقاف أو قفاف منعقدة؛ والعقنقل من صفة الخبث لذلك لم يؤنثه، ومنهم من جعله من صفة الحقاف وأحلّه محل الأسماء وعطله من علامة التأنيث لذلك. وقوله: انتحى بنا بطن خبت أسند الفعل إلى بطن خبت والفعل عند التحقيق لهما ولكنه ضرب من الاتساع في الكلام، والمعنى صرنا إلى مثل هذا المكان؛ وتلخيص المعنى: فلمّا خرجنا من مجمع بيوت القبيلة وصرنا إلى مثل هذا الموضع طاب حالنا وراق عيشنا.
هَصَرْتُ بِفَوْدَي رَأْسِهَا فَتَمَايَلَـتْ :: عَليَّ هَضِيْمَ الكَشْحِ رَيَّا المُخَلْخَـلِ
الهصر: الجذب والفعل هصر يهصر. 
الفودان جانبا الرأس. 
تمايلت أي: مالت. ويروى بغصني دومة، والدوم: شجر المقل1، واحدتها دومة، شبهها بشجرة الدوم وشبه ذؤابتيها2 بغصنين وجعل ما نال منها كالثمر الذي يجتنى من الشجر، ويروى إذا قلت هاتي ناوليني تمايلت، والنول والإنالة والتنويل: الإعطاء، ومنه قيل للعطية نوال. 
هضيم الكشح: ضامر الكشح، والكشح: منقطع الأضلاع، والجمع كشوح وأصل الهضم الكسر، والفعل هضم يهضم، وإنما قيل لضامر البطن هضيم الكشح؛ لأنه يَدِقّ بذلك الموضع من جسده فكأنه هضيم عن قرار الردف والجنبين والوركين.
 ريّا: تأنيث الريان.
 المخلخل: موضع الخلخال من الساق، والمسوّر: موضع السوار من الذراع، والمقلد: موضع القلادة من العنق, والمقرّط: موضع القرط من الأذن. 
عبر عن كثرة لحم الساقين وامتلائهما بالري. هصرت جواب لَمَّا من البيت الأول عن البصريين، وأما الرواية الثالثة وهي: إذا قلت فإن الجواب مضمر محذوف عن تلك الرواية على ما مرّ ذكره في البيت الذي قبله.
يقول: لَمّا خرجنا من الحلة وأمنّا الرقباء جذبت ذؤابتيها إلَيّ فطاوعتني فيما رمت منها ومالت عليّ مسعفة بطلبتي في حال ضمر كشحيها وامتلاء ساقيها باللحم، والتفسير على الرواية الثالثة: إذا طلبت منها ما أحببت وقلت: أعطيني سؤلي كان ما ذكرنا، ونصب هضيم الكشح على الحال ولم يقل هضيمة الكشح؛
مُهَفْهَفَـةٌ بَيْضَـاءُ غَيْرُ مُفَاضَــةٍ :: تَرَائِبُهَـا مَصْقُولَةٌ كَالسَّجَنْجَــلِ
المهفهفة: اللطيفة الخصر الضامرة البطن. 
المفاضة: المرأة العظيمة البطن المسترخية اللحم. 
الترائب جمع التريبة: وهي موضع القلادة من الصدر. 
السقل والصقل، بالسين الصاد: إزالة الصدأ والدنس وغيرهما. والفعل منه سقل يسقل وصقل يصقل. 
السجنجل: المرآة، لغة رومية عربتها العرب، وقيل بل هو قطع الذهب والفضة.
يقول: هي امرأة دقيقة الخصر ضامرة البطن غير عظيمة البطن ولا مسترخيته، وصدرها بَرَّاق اللون متلألئ الصفاء كتلألؤ المرآة.
كَبِكْرِ المُقَـانَاةِ البَيَاضَ بِصُفْــرَةٍ:: غَـذَاهَا نَمِيْرُ المَاءِ غَيْرُ المُحَلَّــلِ
البكر من كل صنف: ما لم يسبقه مثله. المقاناة: الخلط يقال: قانيت بين الشيئين إذا خلطت أحدهما بالآخر، والمقاناة في البيت مصوغة للمفعول دون المصدر. النمير: الماء النامي في الجسد. المحلّل ذكر أنه من الحلول، وذكر أنه من الحل، ثم إن للأئمة في تفسير البيت ثلاثة أقوال، أحدها: أن المعنى كبكر البيض التي قوني بياضها بصفرة، يعني بيض النعام وهي بيض تخالط بياضها صفرة يسيرة، شبه لون العشيقة بلون بيض النعام في أن في كل منهما بياضًا خالطته صفرة، ثم رجع إلى صفتها فقال: غذاها نمير عذب لم يكثر حلول الناس عليه فيكدره ذلك، يريد أنه عذب صاف، وإنما شرط هذا؛ لأن الماء من أكثر الأشياء تأثيرًا في الغذاء لفرط الحاجة إليه فإذا عذب وصفا حسن موقعه في غذاء شاربه؛ وتلخيص المعنى على هذا القول: إنها بيضاء تشوب بياضها صفرة وقد غذاها ماء نمير عذب صافٍ، والبياض الذي شابته صفرة أحسن ألوان النساء عند العرب.
والثاني: أن المعنى كبكر الصدفة التي خولط بياضها بصفرة، وأراد ببكرها درتها التي لم ير مثلها، ثم قال: قد غذا هذه الدرة ماء نمير وهي غير محللة لمن رامها؛ لأنها في قعر البحر لا تصل إليها الأيدي، وتلخيص المعنى على هذا القول: إنه شبهها في صفاء اللون ونقائه بدرة فريدة تضمنتها صدفة بيضاء شابت بياضها صفرة وكذلك لون الصدفة، ثم ذكر أن الدرة التي أشبهتها حصلت في ماء نمير لا تصل إليها أيدي طلابها، وإنما شرط النمير والدر لا يكون إلا في الماء الملح؛ لأن الملح له بمنزلة العذب لنا إذ صار سبب نمائه كما صار العذب سبب نمائنا.
والثالث: أنه أراد كبكر البرديّ1 التي شاب بياضها صفرة وقد غذا البردي ماء نمير لم يكثر حلول الناس عليه، وشرط ذلك ليسلم الماء عن الكدر وإذا كان كذلك لم يغير لون البردي، والتشبيه من حيث أن بياض العشيقة خالطته صفرة كما خالطته بياض البردي. ويروى البيت بنصب البياض وخفضه، وهما جيدان، بمنزلة قولهم: زيد الحسن الوجه، والحسن الوجه، بالخفض على الإضافة والنصب على التشبيه كقولهم: زيد الضارب الرجل.
تَـصُدُّ وتُبْدِي عَنْ أسِيْلٍ وَتَتَّقــِي :: بِـنَاظِرَةٍ مِنْ وَحْشِ وَجْرَةَ مُطْفِـلِ
الصد والصدود: الإعراض والصد أيضًا الصرف والدفع، والفعل منه صدَّ يصُدُّ، والإصداد الصرف أيضًا.
 الإبداء: الإظهار. 
الأسالة: امتداد وطول في الخد وقد أسل أسالة فهو أسيل.
 الاتقاء: الحجز بين الشيئين، يقال: اتقيته بترس أي: جعلت الترس حاجزًا بيني وبينه. 
وجرة: موضع، الْمُطفِل: التي لها طفل.
 الوحش: جمع وحشي مثل زنج وزنجي وروم ورومي 
يقول: تعرض العشيقة عني وتظهر خدًّا أسيلًا، وتجعل بيني وبينها عينًا ناظرة من نواظر وحش هذا الموضع التي لها أطفال، شبهها في حسن عينيها بظبية مُطْفِلِ أو بمهاة مطفل، وتلخيص المعنى: أنها تعرض عنا فتظهر في إعراضها خدًّا أسيلا وتسقبلنا بعين مثل عيون ظباء وجرة أو مهاها واللواتي لها أطفال، وخصهن لنظرهن إلى أولادهن بالعطف والشفقة وهي أحسن عيونًا في تلك الحال منهن في سائر الأحوال. قوله: عن أسيل، أي عن خد أسيل، فحذف الموصوف لدلالة الصفة عليه كقوله: مررت بعاقل، أي: بإنسان عاقل، وقوله: من وحش وجرة، أي: من نواظر وحش وجرة، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه
وجِـيْدٍ كَجِيْدِ الرِّئْمِ لَيْسَ بِفَاحِـشٍ :: إِذَا هِـيَ نَصَّتْـهُ وَلاَ بِمُعَطَّــلِ
الرئم: الظبي الأبيض الخالص البياض، والجمع آرام.
 النص: الرفع، ومنه سمي ما تُجلى عليه العروس مِنَصَّة، ومنه النص في السير وهو حمل البعير على سير شديد، ونصصت الحديث أنصه نصًّا: رفعته.
 الفاحش: ما جاوز القدر المحمود من كل شيء.
يقول: وتبدي عن عنق كعنق الظبي غير متجاوز قدره المحمود إذا ما رفعت عنقها، وهو غير معطل، عن الحلي، فشبه عنقها بعنق الظبية في حال رفعها عنقها، ثم ذكر أنه لا يشبه عنق الظبي في التعطل عن الحلي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق