وفي رواية عند ابن جرير 7591 : حدثنا
بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : " وكنتم على شفا
حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته " ، كان هذا الحيّ من
العرب أذلَّ الناس ذُلا وأشقاهُ عيشًا ، (4) وأبْيَنَه ضلالة ، وأعراهُ جلودًا
، وأجوعَه بطونًا ، مَكْعُومين (1) على رأس حجر بين الأسدين فارس والروم ، لا والله
ما في بلادهم يومئذ من شيء يحسدون عليه. مَنْ عاش منهم عاش شقيًّا ، ومن مات
رُدِّي في النار ، (2) يؤكلون ولا يأكلون ، والله ما نعلم قبيلا يومئذ من حاضر
الأرض ، كانوا فيها أصغر حظًّا ، وأدق فيها شأنًّا منهم ، حتى جاء الله عز وجل
بالإسلام ، فورَّثكم به الكتاب ، وأحل لكم به دار الجهاد ، ووضع لكم به من الرزق ،
(3) وجعلكم به ملوكًا على رقاب الناس. وبالإسلام أعطى الله ما رأيتم ، فاشكروا
نِعمَه ، فإن ربكم منعِمٌ يحب الشاكرين ، وإن أهل الشكر في مزيد الله ، فتعالى
ربنا وتبارك
*"
معكومين : كعم فم
البعير وغيره شد فاه في هياجه لئلا يعض. ومنه قيل : " كعمه الخوف فهو مكعوم
" ، أمسك فاه ، ومنعه من النطق ، وفي حديث على : " فهم بين خائف مقموع ،
وساكت مكعوم " ، وفي شعر ذى الرمة يصف صحراء بعيدة الأرجاء ، يخافها سالكها :
بَيْنَ الرَّجَا والرَّجَا من جَنْبِ واصِيَةٍ ... يَهْمَاءَ ، خَابِطُهَا بالخوف
مَكْعُومُ
*ردى في النار : ألقى فيها.
*(3) هكذا جاءت الجملتان في المخطوطة ، ولست على ثقة من صوابهما ، ولا أدري ما يعني بقوله : " دار الجهاد " ، والذي نعرف أن الإسلام جاء فأحله للمجاهدين هو " الغنائم " غنائم الحرب والجهاد. فأخشى أن يكون في الكلام تحريف. وقوله : " ووضع لكم به من الرزق " كأنه يعني بقوله : " وضع " بسط ، كما فسروه في حديث التوبة : " إن الله واضع يده لمسيء الليل ليتوب بالنهار ، ولمسيء النهار ليتوب بالليل " ، أي بسط ، كما جاء في الرواية الأخرى : " إن الله باسط يده. . . " .
راجع تحقيق شاكر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق