الأربعاء، 31 أكتوبر 2012

ابن القيم يصف العلماء الربانيون

يقول ابن القيم في بدائع الفوائد  [2/ 309] : وهذا بين بحمد الله عند أهل العلم والإيمان مستقر في فطرهم ثابت في قلوبهم يشهدون انحراف المنحرفين في الطرفين وهم لا إلى هؤلاء ، ولا إلى هؤلاء . بل هم إلى الله ورسوله متحيزون ، وإلى محض سنته منتسبون يدينون دين الحق أنى توجهت ركائبه ، ويستقرون معه حيث استقرت مضاربه لا تستفزهم بداوات آراء المختلفين ، ولا تزلزلهم شبهات المبطلين . فهم الحكام على أرباب المقالات والمميزون لما فيها من الحق والشبهات ، يردون على كل باطله ويوافقونه فيما معه في الحق ، فهم في الحق سلمه وفي الباطل حربه . لا يميلون مع طائفة على طائفة ، ولا يجحدون حقها لما قالته من باطل سواه . بل هم ممتثلون قول الله تعالى : يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون [ المائدة : 8 ]، فإذا كان قد نهى عباده أن يحملهم بغضهم لأعدائه أن لا يعدلوا عليهم مع ظهور عداوتهم ومخالفتهم وتكذيبهم لله ورسوله ، فكيف يسوغ لمن يدعي الإيمان أن يحمله بغضه لطائفة منتسبة إلى الرسول تصيب وتخطىء على أن لا يعدلوا عليهم . بل يجرد لهم العداوة وأنواع الأذى ولعله لا يدري أنهم أولى بالله ورسوله ، وما جاء به منه علماً وعملاً . ودعوة إلى الله على بصيرة ، وصبراً من قومهم على الأذى في الله ، وإقامة لحجة الله ومعذرة لمن خالفهم بالجهل لا كمن نصب معالمه صادرة عن آراء الرجال ، فدعا إليها وعاقب عليها وعادى من خالفها بالعصبية وحمية لجاهلية ، والله المستعان وعليه التكلان .اهـ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق