هي أبيات لسيدنا خبيب بن عدي الأنصاري حيث كان في سرية بعثها النبي صلي الله عليه وسلم عينا تستقصي بعد الأخبار(وتسمي بعث الرجيع) وكانوا حوالي عشرة رهط ،فعلمت بهم بنو لحيان، فنفروا لهم قريبا من مائتي رجل كلهم رام، فاقتصوا آثارهم حتى وجدوا مأكلهم تمرا تزودوه من المدينة
فقالوا: هذا تمر يثرب فاقتصوا آثارهم ،حتى وصلوا إليهم وكانوا هولاء الصحابة فوق جبل صغير فعاهدتهم بنو لحيان على أن ينزلوا ولهم الأمان فكان الغدر من بني لحيان ، فابتاع(اى اشتروه من بني لحيان) خبيبا بنو الحارث بن عامر بن نوفل ابن عبد مناف، وكان خبيب هو قتل الحارث بن عامر يوم بدر فقتل بنو الحارث بن عامر خبيب وقبل مقتله بلحظات قال تلك الأبيات الرائعة .. وفي القصة كرامة لسيدناخبيب حيث كان يأكل قطفاً من عنب وهو موثق بالحديد وليس بمكة ثمرة .
اخرج البخاري رحمه الله حديث رقم2880 قال :عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة رهط سرية عينا، وأمر عليهم عاصم بن ثابت الأنصاري جد عاصم بن عمر، فانطلقوا حتى إذا كانوا بالهداة، وهو بين عسفان ومكة، ذكروا لحي من هذيل، يقال لهم بنو لحيان، فنفروا لهم قريبا من مائتي رجل كلهم رام، فاقتصوا آثارهم حتى وجدوا مأكلهم تمرا تزودوه من المدينة، فقالوا: هذا تمر يثرب فاقتصوا آثارهم، فلما رآهم عاصم وأصحابه لجؤوا إلى فدفد وأحاط بهم القوم، فقالوا لهم: انزلوا وأعطونا بأيديكم، ولكم العهد والميثاق، ولا نقتل منكم أحدا. قال عاصم بن ثابت أمير السرية: أما أنا فوالله لا أنزل اليوم في ذمة كافر، اللهم أخبر عنا نبيك، فرموهم بالنبل فقتلوا عاصما في سبعة، فنزل إليهم ثلاثة رهط بالعهد والميثاق، منهم خبيب الأنصاري وابن دثنة ورجل آخر، فلما استمكنوا منهم أطلقوا أوتار قسيهم فأوثقوهم، فقال الرجل الثالث: هذا أول الغدر، والله لا أصحبكم، إن في هؤلاء لأسوة، يريد القتلى، فجرروه وعالجوه على أن يصحبهم فأبى فقتلوه، فانطلقوا بخبيب وابن دثنة حتى باعوهما بمكة بعد وقعة بدر، فابتاع خبيبا بنو الحارث بن عامر بن نوفل ابن عبد مناف، وكان خبيب هو قتل الحارث بن عامر يوم بدر، فلبث خبيب عندهم أسيرا، فأخبرني عبيد الله بن عياض: أن بنت الحارث أخبرته: أنهم حين اجتمعوا استعار منها موسى يستحد بها فأعارته، فأخذ ابنا لي وأنا غافلة حين أتاه، قالت: فوجدته مجلسه على فخذه والموسى بيده، ففزعت فزعة عرفها خبيب في وجهي، فقال: تخشين أن أقتله؟ ما كنت لأفعل ذلك. والله ما رأيت أسيرا قط خيرا من خبيب، والله لقد وجدته يوما يأكل من قطف عنب في يده، وإنه لموثق في الحديد، وما بمكة من ثمر، وكانت تقول: إنه لرزق من الله رزقه خبيبا، فلما خرجوا من الحرم ليقتلوه في الحل، قال لهم خبيب: ذروني أركع ركعتين، فتركوه فركع ركعتين، ثم قال: لولا أن تظنوا أن ما بي جزع لطولتها، اللهم أحصهم عددا:
ولست أبالي حين أقتل مسلما * على أي شق كان لله مصرعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ * يبارك على أوصال شلو ممزع
فقتله ابن الحارث، فكان خبيب هو سن الركعتين لكل امرئ مسلم قتل صبرا، فاستجاب الله لعاصم بن ثابت يوم أصيب، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه خبرهم وما أصيبوا. وبعث ناس من كفار قريش إلى عاصم حين حدثوا أنه قتل ليؤتوا بشيء منه يعرف، وكان قد قتل رجلا من عظمائهم يوم بدر، فبعث على عاصم مثل الظلة من الدبر، فحمته من رسولهم، فلم يقدروا على أن يقطعوا من لحمه شيئا.
ملاحظة : انظر الى هذا الشريف الطاهر المقتول ظلماً وصبرا لم يقتل الصبي ولم يغدر بل تركه لانه لا ذنب له وذلك من شيم العظماء.
وذكر ابن هشام في السيرة كل القصيدة وبعض أهل السير ينكر القصيدة بطولها ويثبت البيتان اللذين بصحيح البخاري
لقد جمع الأحزاب حولي وألبوا * قبائلهم واستجمعوا كل مجمع
وكلهم مبدي العداوة جاهد * علي لأني في وثاق بمضبع
وقد جمعوا أبناءهم ونساءهم * وقربت من جذع طويل ممنع
الى الله أشكو غربتي ثم كربتي * وما أرصد الاعداء لي عند مصرعي
فذا العرش صبرني على ما يراد بي * فقد بضعوا لحمي وقد ياس مطمعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ * يبارك على أوصال شلو ممزع
وقد خيروني الكفر والموت دونه * وقد هملت عيناي من غير مجزع
وما بي حذار الموت اني لميت * ولكن حذاري جحيم نار ملفع
فوالله ما أرجو اذا مت مسلما * على أي جنب كان في الله مضجعي
فلست بمبد للعدو تخشعا * ولا جزعا اني الى الله مرجعي
وقال حسان بن ثابت يرثي خبيبا فيما ذكره ابن اسحاق:
ما بال عينك لا ترقا مدامعها * سحا على الصدر مثل اللؤلؤ الفلق
على خبيب فتى الفتيان قد علموا * لا فشل حين تلقاه ولا نزق
فاذهب خبيب جزاك الله طبية * وجنة الخلد عند الحور في الرفق
ماذا تقولون إن قال النبي لكم * حين الملائكة الابرار في الافق
فيم قتلتم شهيد الله في رجل * طاغ قد اوعث في البلدان والرفق
ان سرك الغدر صرفا لا مزاج له * فأت الرجيع فسل عن دار لحيان
قوم تواصوا بأكل الجار بينهم * فالكلب والقرد والانسان مثلان
لو ينطق التيس يوما قام يخطبهم * وكان ذا شرف فيهم وذا شان
وقال حسان بن ثابت أيضا يهجو هذيلا وبني لحيان على غدرهم بأصحاب الرجيع رضي الله عنهم أجمعين:
لعمري لقد شانت هذيل بن مدرك * أحاديث كانت في خبيب وعاصم
أحاديث لحيان صلوا بقبيحها * ولحيان جرامون شر الجرائم
أناس هم من قومهم في صميمهم * بمنزلة الزمعان دبر القوادم
هم غادروا يوم الرجيع وأسلمت * أمانتهم ذا عفة ومكارم
رسول رسول الله غدرا ولم تكن * هذيل توقى منكرات المحارة
فسوف يرون النصر يوما عليهم * بقتل الذي تحميه دون الحرائم
أبابيل دبر شمس دون لحمه * حمت لحم شهاد عظيم الملاحم
لعل هذيلا أن يروا بمصابه * مصارع قتلى أو مقاما لماتم
ونوقع فيها وقعة ذات صولة * يوافى بها الركبان أهل المواسم
بأمر رسول الله ان رسوله * رأى رأي ذى حزم بلحيان عالم
قبيلة ليس الوفاء يهمهم * وإن ظلموا لم يدفعوا كف ظالم
اذا الناس حلوا بالفضاء رأيتهم * بمجرى مسيل الماء بين المخارم
محلهم دار البوار ورأيهم * اذا نابهم أمر كرأي البهائم
وقال حسان رضي الله عنه أيضا يمدح أصحاب الرجيع ويسميهم بشعره كما ذكره ابن اسحاق رحمه الله تعالى:
صلى الإله على الذين تتابعوا * يوم الرجيع فأكرموا وأثيبوا
رأس السرية مرثد وأميرهم * وابن البكير إمامهم وخبيب
وابن لطارق وابن دثنة منهم * وافاه ثم حمامه المكتوب
والعاصم المقتول عند رجيعهم * كسب المعالي انه لكسوب
منع المقادة أن ينالوا ظهره * حتى يجالد إنه لنجيب
رجاء : رجاء الي الإخوان الذين يقرأون الرسالة ان يتعلمو سير الصحابة الصحيحة ويحفظوا أسمائهم ، لقصَهَا على أطفالهم لكي يخرج جيل محب لهؤلاء العظماء ، ومقتفين أثارهم ، ويكون ذلك بديلٍ عن أسماء المنحرفين من الممثليين وأهل الطرب ، فقصص وسير الصحابة يجب ان تُعاش في البيوت لأن من أحبهم يحشر فى زمرتهم يوم القيامة ولا أدل علي ذلك من حديث الاعرابي الذي جاء للنبي.، ثم أنظر اخي من قتل اباجهل ؟ انهم شابان صغيران تنافسا على قتله يوم بدر لانه يسب النبي صلي الله عليه وسلم،فيجب إعداد جيل على نفس نسق هؤلاء
ملاحظة :قال ابن هشام وأكثر أهل العلم بالشعر ينكرها لحسان. قلت اى القصيدة الاخيرة بعض اهل العلم يقول انها ليست لحسان
المراجع : صحيح البخاري ، وفتح الباري للحافظ ابن حجر ، والبداية والنهاية للامام ابن كثير ، وسير اعلام النبلاء للذهبي ، وسيرة ابن اسحاق ، وسيرة ابن هشام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق