كثيرا لا يعرف شنقيط من دولة موريتانيا ،وشنقيط أخرجت للأمة كثيرا من العلماء وموريتانيا تعتبر الدولة الوحيدة التي تتكلم الفصحى بطلاقتها، ولولا كثرة علماء تلك البلد ما عرفنها ...ونحن هنا أمام نموذج لطفل تربي علي الديانة والسنة وحب العلم واللغة العربية... فهو العلامة محمد الأمين بن محمد المختار الجكني الشنقيطي المولود في عام 1325هـ / 1905م ،نشأ رحمه الله يتيمـًا فقد توفي أبوه وهو صغير يقرأ في جزء " عم " فنشأ في بيت أخواله ، وكان بيت علم ، فحفظ القرآن على يد خاله ، وعمره عشر سنوات ، وتعلم رسم المصحف على يد ابن خاله ، وقرأ عليه كذلك التجويد وأخذ الأدب وعلوم اللغة على يد زوجة خاله ، فكانت مدرسته الأولى بيت خالته ، فنعم البيت كان .
وهو صاحب كتاب أضواء البيان لتفسير القرآن بالقرآن ،وهو كتاب لم يؤلف في بابه مثله ،وصاحب تصانيف أخري كثيرة ،وهناك موقف له وهو طفل يقف الشخص أمامه حيران ،فهو ذهب لشيخ ليأخذ عنه فرع في النحو يسمي لامية الأفعال لابن مالك وعندما دخل المجلس وجلس مع الناس قال الشيخ : من هذا ؟ ... فكان رد الطفل انذاك بقوله :
هذا فتى من بني جاكاني قد نــزلا به الصبا عن لسان العــرب قد عدلا
رمت به همــــة عليــاء نحــــوكـــم إذ شام برق علوم نـــــوره اشتـعـلا
فجـاء يرجو ركامــــًا من سحائبـــــه تكســو لسان الفتـى أزهـــاره حللا
إذا ضــــاق ذرعـًا بجهل النحو ثم أبا ألا يمــــيـز شكل العيـن من فــعــلا
قد أتـى اليـوم صبـــا مولعـــــًا كلفـا بالحـــــمـد للــه لا أبغـي لـــه بــدلا
فانظر أخي هل مثل هذا يبحث لامية الأفعال ،فهو يقول له أنا فتى أريد أن اضبط لساني بالسليقة العربية الصحيحة ،ثم انظر إلى آخر بيت في قصيدته يقول :بالحـــــمـد للــه لا أبغـي لـــه بــدلا ..وذلك البيت هو أول بيت في لامية الأفعال حيث يقول ابن مالك:
اَلْحَمْدُ لِلَّهِ لاَ أَبْغِي بِهِ بَدَلاَ
حَمْدًا يُبَلِّغُ مِنْ رِضْوَانِهِ الأَمَلاَ
ثُمَّ الصَّلاَةُ عَلَى خَيْرِ الْوَرَى وَعَلَى
سَادَاتِنَا آلِهِ وَصَحْبِهِ الْفُضَلاَ
وَبَعْدُ فَالْفِعْلُ مَنْ يُحْكِمْ تَصَرُّفَهُ
يَحُزْ مِنَ اللُّغَةِ الأَبْوَابَ وَالسُّبُلاَ
.......الي اخره
فهو يحفظ لامية الأفعال من قبل ان يأتي إلي الشيخ !
وله موقف آخر وهو شاب ، حيث كان أكثر شباب شنقيط يتزوجون في الصغر إلا هو شغله العلم عن الزواج ،فقال له احد أقاربه أسرع بالزواج حيث أن البنات الجميلة في البلد سوف تنهي او تخلص ولا يبقى إلا القبيحات فالحق بواحدة من هؤلاء الجميلات ،فرد عليه بقوله :
دعاني الناصحون إلى النكاح *** غداة تزوَّجتْ بيض الملاحِ
فقالوا لي تزوج ذات دلٍّ *** خلوب اللحظ جائلة الوشاحِ
تبسم عن نوشرة رقاق *** يمج الراح بالماء القراح
كأن لحظها رشقات نبل *** تذيق القلب آلام الجراح
ولا عجب إذا كانت لحاظ *** لبيضاء المحاجر كالرماح
فكم قتلت كميًّ إذا دلاصٍ*** ضعيفاتُ الجفونِ بلا سلاحِ
فقلت لهم دعوني إن قلبي *** من العي الصراح اليوم صاحي
ولي شغل بأبكار العذارى *** كأن وجوهها ضوء الصباح
أراها في المهارق لابسات *** براقع من معانيها الصحاح
أبيت مفكرا فيها فتضحي *** لفهم القدم خافضة الجناح
أبحت حريمها جبرا عليها *** وما كان الحريم بمستباح
فرد عليه بعد أن ذكر مقالته وقال له ولي شغل بأبكار العذارى اى العلم والتفكر فيه، فهذا نموذج للتربية ولعلو الهمة ومن أراد أن يربي فيربي مثل هذا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق